آخر الأخبار
The news is by your side.

محاولات الالتفاف على بعثة الحماية الاممية المطلوب إرسالها إلى السودان

محاولات الالتفاف على بعثة الحماية الاممية المطلوب إرسالها إلى السودان

بقلم: عبدالباسط الحاج المحامي

(1)

سوف اتطرق لهذا الموضوع بشكل مبسط و عمومي ابعد منه قانوني حتى يستسهل على القُراء استيعابه بشكل كامل و أبعاد الوقوف ضد ولاية البعثة الاممية تحت البند السابع بدلا من السادس و المقترحة وفق طلب رئيس الوزراء الذي جاء تحت البند السادس المعروف بطبيعته الاختيارية و آلياته الفنية و المحدودة وفق طلب الدولة صاحبة الشأن من حيث الموضوع فالطلب يعكس رغبة رئيس الوزراء في تلقى الدعم الكافي للحفاظ على المكتسب السياسي الناتج من الثورة و من ثم المساعدة في الانتقال السياسي و هو من صميم أعمال الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة حيث تقوم بدعم الدول الخارجة من النزاع post conflict states و التي تكون في أمس الحاجة إلى مساعدات فنية و لوجستية و مالية لدفع عملية الانتقال و إيقاف النزاعات و بناء السلام و حفظه و بشكل عام فإن الدول الخارجة من النزاع تحتاج إلى عمليات واسعة و معقدة و متعددة لترتيب أولويات الانتقال و الاستقرار.

(2)

عرف السودان في العقدين الأخيرين ثلاث بعثات أممية تحت الفصل السابع، الأولى كانت متعلقة بمراقبة تنفيذ إتفاقية نيفاشا و انتهت بإنفصال جنوب السودان و الثانية البعثة الاممية الخاصة بحفظ السلام في دارفور و الثالثة خاصة بمنطقة أبيي.
صنفت البعثات السياسية الخاصة الي ثلاث فئات او مجموعات رئيسية و هي (المبعوثون الخاصون /أفرقة الجزاءات / أفرقة الرصد) وهذا بحسب مجريات عمل البعثات السياسية و التوصيات التي يقدمها الخبراء إزاء اي بعثة، و الطلب المعنى بالسودان هنا يدخل في إطار المجموعة الثالثة وهي الأفرقة التى تعمل ميدانياً تحت إشراف خبراء مؤهلين تأهيل عالي لتنفيذ الأهداف الرئيسية و هي المساعي الحميدة و منع نشوب النزاعات و صناعة السلام و بنائه وهذه الطريقة التي اعتمدها المبعوثون كتقليد دبلوماسي لنزع فتيل النزاع كما تعد بعثات الأمم المتحدة هي أهم الأدوات لبناء السلام المستدام و الحفاظ عليه.

(3)

عند صياغة ولاية أي بعثة أممية تراعى أهمية حماية المدنيين العزل كأولية قصوي بالنسبة للدول الخارجة من نزاع او لازالت تعاني من آثارها كحالة السودان و هذا يتطلب وجود شرطة او قوات لحفظ المدنيين من الإعتداءات التي تقع عليهم كما في الحالات التي تقع يوميا في دارفور و تزايد حالات الاغتصاب و الإفلات من العقاب و انتشار السلاح و عجز الدولة عن توفير الأمن و الحماية للمدنيين فالبضرورة وجود قوات دولية خاصة و ان بعثة اليوناميد ستنتهي فترة ولايتها في هذا العام مما يعني ضرورة إسناد البعثة القادمة بالبند السابع و تفعيل آلية (الرد السريع) لأي انتهاك يحدث داخل المناطق المضطربة سيما و ان عامل فقدان الثقة موجود في نفوس النازحين و المواطنين بشكل عام تجاه القوات الحكومية و هذا ما يجعل مساعي الحكومة نحو تحقيق السلام غير مجدي بالنسبة للضحايا و إستتباب الأمن في هذه الحالة يحتاج إلى قوات أممية لتعضيده و سيأثر ذلك إيجاياً في تحقيق عملية السلام و يسرع من وتيرته كما يساعد ذلك البعثة تحت الفصل السابع بإشاعة الإستقرار و من الجانب الآخر ضمان للتسوية السياسية و سيرها في الإتجاه الصحيح دون إختطاف لصالح بقايا النظام الاستبدادي او النخب السياسية المشتبهة.

(4)

لقد قَبل نظام المؤتمر الوطني بثلاث بعثات سابقة تحت الفصل السابع لكسب رضا المجتمع الدولي و رفع العقوبات عنه وقتها لم يتحجج بفزاعة السيادة و غيرها من التبريرات الواهية بما انه فشل في حماية المدنيين فلم يكن أمامه خيار سوي القبول خاصة في دارفور و الادهي من ذلك هو ظهور وحدة مواقف داخل اروقة الحكومة الانتقالية و الحاضنة السياسية ترفض الفصل السابع و تقبل بالفصل السادس و بشكل مقلص من بعض المهام و الصلاحيات الأساسية و تتحجج بسيادة الدولة كما انها قد توحدت في موقفها هذا مع روسيا و الصين الحلفاء التاريخيين لنظام الإنقاذ طوال فترات حكمه حيث كانو يدعمون حكومة البشير عبر عرقلة قرارات مجلس الأمن تجاه السودان مقابل مصالح استراتيجية لهم في المنطقة و قد انتقل هذا الموقف اليوم للشق العسكري من المجلس السيادي و حزب الأمة بإتخاذهم ذات الموقف لتقليص صلاحيات البعثة الاممية حتى تكون البعثة لقمة سهلة الابتلاع و حتى لا تقف أمام مصالحهم السياسية و حتى لا تستعدل الوضعية السياسية المختلة عبر الإجراءات التي ستقوم بها من الإصلاح الدستوري و الحماية و إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية و الحوار الوطني المستمر و غيرها من المهام التي تساعد في الانتقال السياسي الكامل.

(5)

الوضع في إقليم دارفور لازال ملتهب ولازالت عمليات القتل العشوائي مستمرة و الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان كذلك النزاعات و الإحتقان في مناطق متعددة داخل السودان تشير إلى خطورة الوضع و إحتمال استمراره إلى الأسوأ سيما عندما تعجز السلطات عن توفير الحماية و الأمن بكل أنواعه كما أن الوضع في دارفور يختلف لإستمرار تدفق السلاح و انفتاح حدود الإقليم على دول ملتهبة مثل ليبيا و أفريقيا الوسطى و تنشط في هذه الحدود مجموعات إرهابية و مجموعات إجرامية أخرى تمارس الجريمة المنظمة العابرة للحدود مما ينذر بخطر مستمر على حياة المواطنيين و النازحين بشكل خاص.
اخيرا فإن المواقف الرافضة للبعثة الاممية تحت البند السابع هي مواقف غير مبررة و تضع أصحابه في محك أخلاقي و مسؤولية سياسية و تاريخية كما أن الرفض يقرأ في سياق المحاولات المستميته لوضع حجر عثر أمام التغيير الهيكلي و إنتقال سياسي كامل و خلق وضع جديد يستطيع الكل المساهمة فيه لبناء وطن ينعم بالسلام و الاستقرار الدائم.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.