آخر الأخبار
The news is by your side.

ماذا أعددنا لعودتنا المتوقعة إلى العالم؟ .. بقلم: النور حمد

ماذا أعددنا لعودتنا المتوقعة إلى العالم؟ .. بقلم: النور حمد

بدأت أشائر انفتاح الفرص لبلادنا في وصل ما انفصم من صلاتها بالعالم، تتبدى مع اقتراب أوان رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ورغم أن الرفع ليس مؤكدا 100٪، إلا أن زيارة وفد شركة بوينغ، عملاق صناعة الطيران الأمريكية، للبلاد يعد مؤشرا قويا، أن رفع اسم السودان قد أصبح في حكم الأمر الواقع. خاصة، إذا أضفنا إلى ذلك مهاتفة وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، قبل يومين، للسيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. ويبدو أن شركة بوينغ قد سارعت بالوصول إلى السودان لتستعيد موقعا قديما فقدته بسبب التراجع المستمر في أداء الخطوط الجوية السودانية، ثم بسبب العقوبات التي استمرت لأمد طويل. فموقع السودان في خريطة الطيران في الإقليم، موقع بالغ الأهمية. يضاف إلى ذلك أن بوينغ قد فقدت لأسباب مختلفة، جزءا كبيرا من حصتها من السوق في هذه المنطقة الحيوية الواعدة بسبب المنافسة التي تسببت فيها عملاقة صناعة الطيران الأوروبية آيربص. ويمكن القول هنا إن المنافسة بين بوينغ وآيربص تمنح السودان نقطة قوة في أي اتفاق يجري إبرامه مع بوينغ. وقد كانت للسودان صلة قوية بشركة بوينغ. فأول نقلة كبيرة حدثت في أداء شركة الخطوط الجوية السودانية، إنما حدثت بعد استيراد الشركة طائرات بوينغ 707 وبوينغ 737 في بداية سبعينات القرن الماضي. ولقد كانت تلك الطائرات هي الأحدث والأكفأ في وقتها.

أيضا تردد في الأنباء أن وفدا تجاريا أمريكيا في طريقه إلى السودان، وأن وفدا إسرائيليا استثماريا، هو الآخر، في طريقه إلى السودان. ولن يكون هذا الإقبال المبدئي على السودان، في تقديري سوى مقدمة لهجمة استثمارية كبيرة ستتوالى بقوة بعد أن يصبح رفع ايم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب حقيقة واقعة. فالعالم كله يعرف ما يملكه السودان من موارد، إضافة إلى ما يؤهله له موقعه الجغرافي ليصبح منصة انطلاق، متعددة الوجهات لكبرى الاستثمارات العالمية. لكن يبقى كل ذلك رهين بإصلاح جهاز الدولة ومنظومة الخدمة المدنية واستئصال بؤر الفساد في المؤسسات الحكومية. فرؤوس الأموال الدولية متعطشة لفتح أسواق جديدة، خاصة في أفريقيا. لكن تبقى فرصة اغتنام هذه الفرصة الجديدة التي ربما لا تتكرر في وقت قريب، رهينة بما نقوم به نحن من إصلاحات إدارية، ومن جاهزية تخطيطية، ومن فهم مكتمل لما يعنيه ويتطلبه إدماج السودان مرة أخرى في المنظومة الدولية.

إن مشكلة السودان مشكلة سياسية وإدارية. وهي مشكلة تفردت بها بلادنا، من حيث الحدة والاستدامة، عن غيرها من دول العالم والإقليم. هذه المشكلة جعلت من البلاد، على مدى عقود، أشبه ما تكون ب “قربة مقدودة”، لا يحدث النفخ فيها أي أثر. فالعلة كانت ولا تزال كامنة في النخب السياسية وفي النخب العسكرية. وكذلك في بؤر الفساد في الجهاز البيروقراطي الإداري. باختصار شديد، بدأت تلوح أمام بلادنا فرص جديدة واعدة. غير أن اهتبال هذه الفرص وجني ثمارها يتطلب وعيا جديدا ونوايا صادقة وجاهزية. كما أن رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للأرهاب له متطلباته. وكما ذكر الكاتب والمحل السياسي شوقي عبد العظيم، أول أمس، في القناة السودانية، أن الحرب ضد الإرهاب أنتجت قوانين جديدة فيما يتعلق بالتحويلات المالية وبغسيل الأموال. ولسوف يصبح السودان مطالبا بالشفافية، وبتطبيق هذه القوانين في منظومته المالية والإدارية. يضاف إلى ذلك، أن نظام الإنقاذ الذي بسببه فرضت العقوبات لا يزال ممسكا بمفاصل الدولة. فالدولة الموازية لا تزال قائمة، ولا يزال الاصرار على استمرارها على أشده. ولا شفافية مع الدولة الموازية التي ستكون هي فضيحتنا الأكبر بين العالمين، والقوة المبددة للثقة الدولية، والمانعة لردم الهوة بين السعر الرسمي والموازي، والطاردة للاستثمار. باختصار، أمامنا فرصة جديدة . لكن سيكون احتمال ضياعها هو الأكبر، إن لم تكن نخبنا قد وعت الدرس بعد، كما ينبغي.

التيار

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.