آخر الأخبار
The news is by your side.

مأزق البحث عن الثورة الظافرة … بقلم: الفاتح داؤود

مأزق البحث عن الثورة الظافرة … بقلم: الفاتح داؤود

يبدو ان قوي اليسار السوداني تسابق الزمن نحو تحقيق هدفها الإستراتيجي هو إعادة صياغة الحياة السياسية في السودان على نحو يحقق أحلامها التاريخية التي استعصي بلوغها في ثورتي أكتوبر ومايو.

وقد شرعت فعلا ومنذ سقوط حكم خصومها التقليديين في إعادة هندسة السودان من خلال السيطرة على مفاصل الدولة بالتوازي مع تبني سياسة تحطيم الطبقة الحاكمة وتصفية ارتباطاتها بالبنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمدها باكسجين الحياة كما فعلت في مايو حين عمدت إلى سياسية تصفية الإدارة الأهلية وهي تمثل (النظام الاجتماعي التقليدي ) وتاميم ومصادرة أموال وشركات القطاع الخاص(النفوذ الاقتصادي ) ثم سياسية التصفية العسكرية والسياسيةللانصار وحلفاءهم الإخوان المسلمون في (الجزيرة ابا وود نوباوي) وكان الغرض من هذه الإجراءات تحطيم النظام الاجتماعي القديم الذي يشار إليه في الأدب الماركسي (الطبقات البرجوازية شبه الإقطاعية ) ومن ثم فتح المجال امام تنظيمات اجتماعية جديدة (لجان المقاومة )تقودها قيادات حديثة هدفها اختراق البنية التقليدية القديمة وإعادة تشكيلها بحيث تتكامل الثورة السياسية والاجتماعية .


ولكن هل تمتلك قوى اليسار السوداني المؤهلات الفكرية والقدرات التنظيمية التي تمكنها من بلوغ أهدافها فقد أثبت وقائع التاريخ ان القوى التقليدية وحلفاءها من الصعب اقصاءهم من الحياة السياسية مهما بلغت المواجهة من العنف (اتفاق النميري والجبهة الوطنية ) لان يكمن حضورها الاجتماعي والاقتصادي في مؤسسات الدولة وإنما في تجذرها في النسيج الاجتماعي وفي المكون الثقافي الذي تشهده وهذه يعني ان النخب التقليدية وحلفاءهم في الريف والمدن يسطيعون امتصاص الضربات السياسية من خلال الالتفاف على التنظيمات الجديدة والقيادات المصنوعة .


لن تستطيع منظومات اليسار التي تتصدر المشهد السياسي بعد الثورة ان تحقق ماتصبو اليه ربما لاعتبارات سياسية واجتماعية أبرزها ان مشروعها الذي تسعى لبلوغه لايجد ارضية في بيئة السودان المحافظة اضافة الي اشكالات واضحة في التركيبة تنظيمية لهذه المنظومة منها شيخوخة القيادات وعدم تجديد الدماء،وتبنيها لافكارخشبية موغلة في التاريخ ثم استخدامها أدوات تنظيمية قادمة من القرن التاسع عشر فضلا عدم الاستقلالية الفكرية إذ لازالت مجموعات منها ترتبط (بحبل سري )يغذيها من الخارج اضافة الي افتقار أغلبها الي الخيال السياسي وهيمنة الشلليات وعقلية أولاد القبيلة علي قيادتها ثم جنوحها الي النشاط الحركي والتنظيمي أكثر من التفكير والتنظير (مواكب ومظاهرات ).

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.