آخر الأخبار
The news is by your side.

مآلات الحرب الروسية الأوكرانية.. وتأثيراتها على دول الاتحاد الأوروبي

مآلات الحرب الروسية الأوكرانية.. وتأثيراتها على دول الاتحاد الأوروبي

تقرير: عبد القادر جاز

الحروب دائما ما تخلق فجوات وسيوله تضرب الدول ذات الهشاشة الأمنية والاقتصادية وتبرز واقعا مغايرا مأساويا، وإفرازات سالبة تدمر استراتيجيات وسياسات الدول في كافة المجالات، وعلى سبيل المثال الحرب الروسية الأوكرانية أكبر دليل على تدمير استراتيجيات أوكرانيا، السؤال الذي يطرح نفسه كيف ومتى ستتم عملية إعادة بناء ما دمرته الحرب بأوكرانيا ؟ وهل بإمكان النازحين الأوكرانيين العودة إلى ديارهم في هذا التوقيت ؟

البناء والتعاطي:
قالت د.فاتن رمضان المعارضة السياسية ورئيس منظمة بلا قيود السورية إن ضريبة الحروب العبثية والتوسعية لبعض مهووسي السلطة والسيطرة الديكتاتورية المتمثلة في بوتن ألقت بظلالها على شعوب بعض الدول الأفريقية الفقيرة التي بحاجة إلى مساعدات من الدول الأوروبية، مشيرة في هذا الخصوص إلى أن أوكرانيا من أكبر مصادر الأمن الغذائي للعالم، وتأثر الشعوب بهذه الحرب الوحشية البوتنية وانعكاساتها السالبة على ازدياد فقر ومعاناة الشعب الأوكراني، وبعض شعوب العالم، مؤكدة أن هذه الحرب ستؤدي إلى أزمات مؤقتة على الشعوب الأوروبية، في ارتفاع أسعار مواد الطاقة والوقود في المرحلة المقبلة، مبينة أنها بالرغم من أن اقتصاديات هذه الدول والبنية والوعي المجتمعي والمؤسسي فيها على مستوى عالي من الكفاءة والخبرة، وما مرت به في فترة الحرب العالمية الثانية، مضيفة وفقا لهذه المؤشرات تستطيع هذه الدول التغلب على هذه الأزمة نتيجة للبناء المؤسسي والإداري السليم والتعاطي مع القضايا الإنسانية لكيانات تلك الدول.

المكاسب والنفوذ:

مآلات الحرب الروسية الأوكرانية
أوضحت فاتن أن إجراءات مكافحة المنظمات والكيانات المتطرفة والإرهابية هي إجراءات دولية ذات أهداف مشتركة مع أغلب دول العالم بما فيهم الدول الأوروبية، مرجحة أنه من الصعوبة لهذه الجماعات أن تخلق إشكاليات من دون رد فعل عالمي رادع تجاهها، وأشارت إلى أن موجات الهجرة غير الشرعية تنطلق من مبدأ فكرة وجود بيئة آمنة وقانونية وإنسانية وفقا لهذه المعطيات يتم التعاطي مع ملف اللاجئين من قبل برنامج تعتمده الدول الأوروبية، نفت تأثير هذه الحرب على أوكرانيا بشكل كبير على واقع تعاطي دول الاتحاد الأوروبي مع هذا الملف وفقا لبرامج ومخططات زمنية محكمة ستنعكس على الشعب الأوكراني بمزيد من المكاسب والنفوذ على الساسة الأمريكان، مستطردة أن هذه الحرب ستنعكس إضرارها الكبيرة على طرفي الصراع، فيما سيقوى الموقف الأميركي عالميا.

الضمانات والاحتمالات:
وأقرت فاتن بأن عملية إعادة الاعمار لن تبدأ في أوكرانيا قبل توقف الأعمال القتالية وعمليات القصف والتدمير على المدن الأوكرانية على سبيل المثال ما فعله الاحتلال الروسي بالمدن السورية سابقا، ونوهت إلى أن الحلول تكمن في الضمانات الدولية والمقاربة السورية أوضح مثال على ذلك، موضحة أن عودة النازحين الأوكرانيين لديارهم مرتبطة ارتباطا وثيقا بتوقف عمليات القصف والإجرام الروسي على المدن الأوكرانية (تماما مثلما فعلت بالسوريين)، وتوقعت أن نتائج هذه الحرب ومآلاتها من الممكن أن تفضي لقوى جديدة على الساحة الديمغرافية الأوروبية، مرجحة في ذات الوقت أن يكون احتماله بعيدا حتى اللحظة.

تمثيليات المطامع:
أكد الأستاذ حسن مطر أستاذ بكلية نبتة الجامعية أن معظم الحروب يشكل فيها العامل الاقتصادي ضلعا مهما، والسبب الأساسي لقيام الحروب وعلى سبيل المثال الحروب التي سميت لنصرة النصارى في الشرق الإسلامي من إخوانهم الغربيين، ووصفت بأنها كانت لمجرد نزع تسيد المسلمين لطريق التوابل القادمة من شرق آسيا في طريقها إلى أوروبا، وأبان أن نصارى الشرق يعيشون في أمان وسلام مع المسلمين، فكانت الحرب غطاء لمطامع اقتصادية، وأردف بقوله: وفقا لهذه المؤشرات فالحرب الروسية الأوكرانية لا تعدو أن تكون أحد تلك التمثيليات للمعاملات الاقتصادية العسكرية، مشيرا إلى أن “لينين” ومؤسس الدولة الشيوعية وقع اتفاقا سنة 1917م مع عائلة روتشيلد – الرأسمالية الكبرى راعية البنك الدولي لطباعة الروبل الروسي لاحقا لمدة (100) عام، مبينا أن بوتن عندما جاء إلى السلطة لم يجدد اتفاقية 2017م، مشيرا في هذا الصدد إلى إن الثورة البرتقالية قامت ضد الحكومة الموالية لروسيا في أوكرانيا العام 2017م والتي كانت تدعم المحروقات والصحة والتعليم، مستطردا كانت الثورة من قبل الرأسمالية اللائكية والمثليين والنسويات والمخدرين وناس مدنياااو!! والمقارنة والمفارقة في العام 2019م ليأتوا بالكوميدي زيلنسكي على حد تعبيره.

النفخ والتلميع:
كشف مطر أن الحملة الإعلامية منسقة في الغرب لنفخ وتلميع بوتين ووصفه بالقيصر مع التركيز على برامجه العسكرية وفرق القوات الخاصة الروسية فاغنر، أقر بأن نمو تكتل بريكس الاقتصادي والذي يضم (البرازيل، روسيا، الصين، جنوب أفريقيا)، يخيف أمريكا كما أخافها الاتحاد الأوروبي فأخرجت بريطانيا منه، إضافة إلى واحدة من الأسباب المشتركة وهي الإمداد بالغاز الروسي لأوروبا والذي كان يفيد الطرفين خاصة ألمانيا التي لابد أن تحجم بتدمير مشروع أنابيب الغاز الممتد مباشرة من روسيا عبر بحر البلطيق لألمانيا، ويواصل مطر حديثه متوقعا أن التمدد الروسي الصيني في أفريقيا كان مغلقا للغرب، باعتبار أن روسيا دعمت “حفتر”في ليبيا و”العسكر” في مالي و”قواعد” في أفريقيا الوسطى و”تحالفات” في السودان، وربما “قاعدة” في البحر الأحمر.

الاستنزاف:

مآلات الحرب الروسية الأوكرانية
أوضح مطر أن الرأسمالية الغربية تعلم أن القارة الأفريقية هي أملها المستقبلي للموارد ومازال الوقت مبكرا لإزاحة هذا المهدد الاستراتيجي المنشغل بحديقته الخلفية بل ببيته، باعتبار أن كييف هي عاصمة أول منشأ للقيصرية الروسية.معتبرا أن هذه الحرب هي جرجرة لإطالتها لأقصى حد ممكن لاستمرار استنزاف روسيا وإضعاف قدرتها على التمدد خاصة في أفريقيا، وقد صرح بذلك أحد المسئولين الكبار في وزارة الدفاع الروسية عند سؤاله عن توقعاته بانتهاء الحرب أول أمس، قائلا بالرغم من أن العقوبات الاقتصادية لن تركع روسيا، إلا أنها ستحد من قدرتها على التعامل مع طموحاتها الخارجية خاصة في أفريقيا.

التناقضات والمائدة:
قال مطر يبدو أن شكل الاتحاد الأوروبي متماسكا إلا أنه متناقض مع مصالح الدول الكبرى:(ألمانيا وفرنسا ولحد ما إيطاليا)، مبينا أنه ليس من مصلحة ألمانيا استمرار هذه الحرب فهي المستورد الرئيسي للغاز الروسي، وأي ارتفاع في الأسعار، أو تعطيل الإمداد سيضر بألمانيا، إضافة إلى الشركات والاستثمارات الألمانية في روسيا ستضرر ألمانيا من واقع توتر العلاقات مع روسيا من تلك الحرب، منوها أن فرنسا بنفس الموقف بدرجة أقل ستكون سعيدة بتقليص نفوذ روسيا في أفريقيا التي المستنزفة لخيرات أفريقيا، والتي قال عنها جاك شيراك رئيس فرنسا الأسبق (لو لا أفريقيا لصارت فرنسا من دول العالم الثالث)، وأشار إلى أن دول الاتحاد الأوروبي الصغيرة القادمة من حلف وارسو المنحل هي بالعموم ضد روسيا ومع دعم أوكرانيا باعتبار أن انتصار روسيا يعني أنها ستكون على مائدة موسكو.

المضامين الفكرية:
نفا مطر أن يكون لهذه الحرب دور في قيام جماعات إرهابية متطرفة كبادرة ماينهوف في ألمانيا، أو الألوية الحمراء في إيطاليا في السبعينيات والثمانينيات إبان الحرب الباردة وإمدادها بالفكر الشيوعي واليساري آنذاك، مبينا أنه كان هناك زخم ثوري عنيف في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، مؤكدا أن اليمين المتطرف الخالي من المضامين الفكرية العليا والمبادئ يهمه إغلاق أوروبا ضد المهاجرين خاصة المسلمين، مرجحا أنهم يراهنون على الصندوق الانتخابي بالرغم من أن الحرب خلفت حتى اللحظة (6) ملايين مهاجر أوكراني، لكن الحساسية ضدهم لن تكون كبيرة.

عراب العالم:
أقر مطر أن التغيير الديمغرافي لن يكون كبيرا، ربما شهدنا تزايدا في إعداد المسلمين في العقدين القادمين بنمو طبيعي من الجيل الثاني والثالث للمهاجرين المسلمين من أصول أوروبية خاصة في روسيا وألمانيا وفرنسا، منبها أن الحرب وفظائعها تدفع الناس عادة للتأمل والتفكر في مصائرهم والعودة إلى الدين، مؤكدا أن الرأسمالية اليهودية الأمريكية هي التي تريد إضعاف روسيا وحلفائها لكي تظل عراب العالم الغربي وتقلم أظافر مناوئيها، ولكنها تخطط أكثر من التنين الصيني، وتوقع أن تنشئ أمريكا حلفا مع بريطانيا وأستراليا ليحيط بالصين وتتجاوز لليابان عن خطتها لتصبح ثالث دولة في الإنفاق العسكري بعد أن كانت ممنوعة من ذلك بحسب اتفاقيات إنهاء الحرب العالمية الثانية، متسائل هل سيتبلور الصراع لنشهد حربا عالمية ثالثة ؟ متوقعا أن يكون هناك محور جديد يولد، قد يكون أشد خطورة عليهم، ولفتت إلى أن المحور الإسلامي بقيادة تركيا الصاعدة في العام 2023م، ستنتهي القيود المفروضة عليها عقب إنهاء الخلافة العثمانية، ويضم الآن الدول الناطقة بالتركية في جنوب روسيا وكانت ضمن الاتحاد السوفيتي، وربما لاحقا روسيا نفسها، حتى يصبح المسلمون أغلبية في منتصف هذا القرن!! عندئذ يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.