آخر الأخبار
The news is by your side.

ليفربول الذي تحول من «محطة» اللاعبين إلى العالمية إلى «وجهة» مفضلة  … بقلم: قور مشوب

ليفربول الذي تحول من «محطة» اللاعبين إلى العالمية إلى «وجهة» مفضلة  … بقلم: قور مشوب

كان غريباً حقاً، التصريح الذي دفع به الألماني يورغن كلوب، المدير الفني لفريق ليفربول، لوسائل الإعلام، بالأمس. إذ علق على عدم تعاقد فريقه مع لاعبين جدد في سوق الإنتقالات الصيفية، قائلاً:«هذا الفريق جيد حقاً. أنفقنا عليه الكثير، والآن، علينا العمل به».

لم يكن هذا التصريح، الذي كانت تنتظره جماهير ليفربول من كلوب بعد الطريقة التي إنتهى عليها الموسم الماضي، بالتأكيد. لكن، ما لا خلاف حوله، هو أن ذلك التصريح قد أثار الكثير من الجدل، النقاش، التساؤلات، الشكوك، والإنقسام بين الكثيرون.

هذه «أنفيلد» لا «أرض الأحلام»

لتُدرك السبب حول ذلك الخلاف، الجدل، والإنقسام، فإن ليفربول إكتفى هذا الصيف بالتعاقد مع اليافعين سيب فان دن بيرج وهارفي إليوت، 17 و16 عام، على التوالي، في وقتٍ تخلى فيه عن خدمات عددٍ كبير من اللاعبين دون تعويضهم بآخرون. دانييل ستوريدج، آدم بوجدان، داني إنجز، ألبيرتو مورينو، ماركو غروجيتش، كونور راندال، شي أوغو، وبوبي أديكاني، غادروا ليفربول بالبيع، أو الإعارة، أو لنهاية العقد.

ما أثار الجدل أكثر، هو قول كلوب:«إستثمرنا أموالاً في هذا الفريق، ربما لم نفعل ذلك، الآن. لكننا، لسنا في أرض الأحلام لنحصل على ما نريد». وتابع:«سنخوض مباريات متوسطة، وهذا لا يعني أننا في حاجة إلى لاعبين آخرين، بل فريقاً جاهزاً».

كلوب صدم الكثيرون، خصوصاً جماهير ليفربول، بهذه التصريحات. هو، حاول أن يبدو واقعياً، ما دفعه لعدم الإنفاق ببذخ في سوق الإنتقالات، والإكتفاء بما عنده من لاعبين، حالياً. لكن، هل كانت تصريحاته تلك، هي الإجابة عن الواقع الذي يعيشه ليفربول، الآن.

الذي لم نعهده من قبل

أن يكتفي ليفربول بالتعاقد مع لاعبين يافعين، لا يدعم صفوفه إطلاقاً بالتعاقد مع بعض اللاعبين لتعويض الراحلين، تُطالب جماهيره بالإنفاق في سوق الإنتقالات، وينتقد كلوب هذا التوجه ويرفض الإستجابة للإنتقادات، فإن هذا لم يحدث في تاريخ ليفربول القريب، بل لا يحدث في كل سوق إنتقالات.

هذا شيء لم نعهده من ليفربول من قبل، بالتأكيد. ما كان متوقعاً هذا الصيف، هو أن يُكرر ما حدث في الموسم الماضي بتدعيم صفوفه جيداً، ملء الفراغ الذي خلفه رحيل تسعة لاعبين، البناء على ما تحقق من إنجازات في الموسم الماضي، والتطلع لتكرار هذه الإنجازات، مجدداً، هذا الموسم.

بدلاً عن ذلك، فإننا أمام واقع جديد، حالياً، وهو أن ليفربول لن يتعاقد مع لاعبين آخرين، لن ينفق ببذخ لتدعيم صفوفه.

«نحن الأبطال»

لتفهم وتدُرك سبب عدم التعاقد مع لاعبين جدد هذا الصيف، فإنه ينبغي الإشارة إلى حقيقة أن ليفربول، حالياً، يُعتبر مكتمل الصفوف تقريباً، فخلافاً لتعاقداته التي أبرمها في الموسم الماضي، بالتوقيع مع فيرجيل فان دايك، أليسون بيكر، فابينيو، ونابي كيتا، فإنه قد جدد، أيضاً، عقودات محمد صلاح، جوردان هندرسون، روبيرتو فيرمينو، ترينت ألسكاندر أرنولد، أندرو روبيرتسون، جو غوميز، ديفوك أوريجي، وساديو ماني.

كل هذا، تزامن مع تحقيقه للنجاحات على المستوى الرياضي، إذ توج بطلاً لمسابقة دوري أبطال أوروبا وحل وصيفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز، ما يعني بأنه قد وصل إلى قمة نجاحاته في الموسم الماضي.

ليفربول حقق، بالفعل، النجاحات التي كانت متوقعة بالقياس على إستثماره وإنفاقه ببذخ على سوق الإنتقالات في الموسم الماضي. لكن، هذا بالتحديد، هو ما يدفع العديد من جماهيره للشعور بالقلق، الخوف، التساؤل، وتوجيه الإنتقادات لكلوب، إذ تتخوف من أن يتسبب ذلك في إعاقة التقدم والتطور، الحفاظ على النجاحات التي تحققت في الموسم الماضي، والفشل في المنافسة بجدية على التتويج بلقب البريمير ليغ هذا الموسم.

لكن، ذلك التصور من قبل الجماهير، فإن ما يرغب فيه كلوب هو توفير قدراً أكبر من الإستقرار، الإعتماد بشكلٍ أكبر على اللاعبين الذين لم تُتاح لهم فرصة اللعب في الموسم الماضي في الموسم الجديد، الرغبة في العمل بهدوء، والرغبة في تطوير هذا الفريق. بهذا، أيضاً، فإن كلوب يُرسي دعائم الإستقرار والنجاح.

المحطة التي أصبحت الوجهة

بالطبع، هناك أسباب وجيهة تُبرر كل ذلك، فهذا التغيير في سياسة سوق الإنتقالات، يهدف من خلاله ليفربول، للتحول من نقطة إنطلاق اللاعبين إلى القمة والعالمية، من خلال الرحيل منه والإنضمام إلى أندية أخرى تستطيع تحقيق تطلعاتهم الفردية والجماعية، إلى وجهة مفضلة لهؤلاء اللاعبين في المستقبل.

صحيح، ليست هناك ضمانات على إمكانية حدوث هذا التحول الكبير في المستقبل، بالتأكيد. لكن، الحقيقة ان ليفربول لم يكن، إطلاقاً، فريقاً جذاباً بإستمرار، إذ عانى كثيراً في السنوات التي سبقت قدوم كلوب وتوليه مهمة تدريبه، كما ان النجاحات التي حققها في الموسم الماضي لا تضمن قدرته على إنجاز هذا التحول بنجاح.

هذا، من ضمن إحدى الأشياء التي يهدف إليها كلوب من خلال هذه الخطوة، إذ يتطلع إلى إجراء مزيد من التغييرات في ليفربول، الحفاظ على تواصل الأجيال، ضمان قدرة النادي على تحقيق النجاحات بإستمرار، وتكريس واقع أن ليفربول أصبح وجهة وليس نقطة إنطلاق.

«أنا هو الباب»

حالياً، يتواجد ليفربول في موقع قوة مقارنةً بما كان عليه الوضع، قبل سنوات. هذا التغيير، واجهته بعض الصعوبات عندما حاول كلوب تطبيقه قبل فترة، إذ حاول فيليب كوتينيو، في عام 2017، إجبار النادي على بيعه عندما ليفربول في موقف ضعف. حينها، كوتينيو فعل كل شيء ممكن من أجل إكمال عملية إنتقاله إلى برشلونة، وهو ما تحقق له بعد خمسة أشهر من ذلك، ما دفع ليفربول لدفع مبلغ 75 مليون جنيه إسترليني من أجل التعاقد مع فان دايك.

تلك الحالة، لم تكن المرة الأولى التي يحاول فيها لاعب ما إجبار الفريق على السماح له بالرحيل، إذ حدث ذلك مع إيمري تشان في الموسم الماضي، وقبلهما رحيم ستيرلينغ.

الآن، أصبح الوضع مختلفاً تماماً، فليفربول لم يعد كما كان قبل عامين، إذ يُعتبر نادٍ لديه مشروع كبير وواضح، يسير في الإتجاه الصحيح، بدأ يجني ثمار سنواتٍ طويلة من العمل والتخطيط، ويتطلع لمواصلة العمل على تحقيق النجاحات في الفترة المقبلة.

كل هذا، يقود إلى الكثير من الحقائق: ليفربول لن يجبر لاعباً ما على البقاء، يحتفظ بخدماته ضد رغبته، ليس هناك لاعباً يعلو عليه مهما كان اسمه، لن يخوض معارك خاسرة بعد الآن، رحيل أي نجم سيُتيح الفرصة لغيره من اللاعبين، وأن كلوب سيقود من يرغبون في الرحيل حتى بوابة النادي.

لا مكان لمن يُغرد خارج السرب

تلك الخطوة، تحتمل الكثير من التفسيرات، منها الرغبة في البناء على نجاحات الموسم الماضي، عدم الحاجة للاعبين جدد سيحتاجون إلى وقتٍ طويل للتأقلم على الأجواء في ليفربول والإنسجام مع بقية اللاعبين، الثقة والإيمان في القائمة الموجودة من اللاعبين، وأنه لا مكان لمن لا يؤمنون بمشروع النادي.

هذا ما هو عليه الوضع في ليفربول، الآن. في هذا الصدد، فإن الإدارة تدعم كلوب، سياساته، خططه، وأفكاره. لهذا، فإنه ليس هناك مكاناً لمن يُغرد خارج السرب، لا يرغب في البقاء في الفريق، التعاقد سيكون وفقاً لمشروع طويل الأجل، لن يتم التعاقد مع لاعب سيكون مصدر إزعاج للجميع، وأن الكلمة العليا للمجموعة وليس الفرد.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.