آخر الأخبار
The news is by your side.

“لوال ديينق وول … أيقونة حركة التحرير”

“لوال ديينق وول … أيقونة حركة التحرير”

دكتور لام أكول أجاوين رئيس حزب التغيير الديمقراطي في حوار مع (SBS Dinka Radio) باستراليا عن القائد الراحل لوال ديينق وول.

يعد لوال ديينق وول؛ سياسياً مخضرماً من جنوب السودان، شغل عدة مواقع خلال الخمسين عاماً الماضية: كان نائباً برلمانياً، ضابطاً عسكرياً، ومستشاراً سياسياً للدكتور جون قرنق دي مبيور، ثم للرئيس الحالي لجنوب السودان سلفا كير ميارديت قبل وبعد استقلال البلاد. ظل “بابا أفريكاBaba Africa ” كما عُرف أيضاً، طريح الفراش الأبيض خلال اخر عامين من حياته قبل أن يعلن نجله “ملونق” خبر وفاته المؤسف في مستشفى الآغا خان الجامعي The Aga Khan University Hospital بالعاصمة الكينية نيروبي، في يوم الأثنين التاسع من شهر فبراير 2016.

لقد تمكنا من اجراء هذا الحوار مع رئيس حزب التغيير الديمقراطي الدكتور لام أكول أجاوين في جوبا، حول الحياة والمسيرة السياسية والعسكرية للراحل لوال ديينق وول. و يُجدر بالذكر أن الدكتور لام أكول ولوال ديينق، كانا جزءاً من وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان الذي قابل أول وفد لحكومة الجبهة القومية الإسلامية في شمال السودان في العام 1989. ادناه تجدون تفاصيل الحوار الذي اجري في 12 فبراير 2016.

حاوره: أجاك دينق شينقكو

ترجمة وتحرير: ملوال دينق

*دكتور لام أكول في البداية مرحباً بكم في (SBS Dinka Radio)؟

شكراً جزيلاً وتحياتي لكم ولكل مستمعي هذه المحطة الإذاعية المهمة.

*لقد تابع الكثيرون المسيرة السياسية للقائد الراحل لوال ديينق وول مع الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، و هنالك فيديوهات توثيقية مهمة لفترة النضال يظهر خلالها، ومن أشهرها فيديو تجمعكم معه رفقة الدكتور جون قرنق دي مبيور و وليم نيوان بانج، أثناء مخاطبتكم لجمهرة من الشباب في منطقة (فنيدو)، فمن هو “لوال ديينق وول” بالنسبة لكم، وأين التقيتم به للمرة الأولى؟

يُعتبر لوال ديينق وول رجل إستثنائي، صنع اسمه اولاً كسياسي عندما كان عضواً برلمانياً في الستينيات، ولاحقاً برز بشكل واضح عندما كان نشطاً في البرلمان الإقليمي الذي تكون بموجب إتفاقية أديس أبابا في العام 1972، وفي هذا الموقع تحديداً اشتهر كمناصر قوي لحقوق المواطنين ومحارباً للفساد، ومثل سائر الذين سلكوا هذا النهج لم يحظ بأصدقاء كثر، ولكنه احتل مكانة سامقة في قلوب المواطنين السودانيين الجنوبيين … لقد كان لوال ديينق ناقداً لاذعاً بشكل دائم لاداء الحكومة الاقليمية والأخطاء التي كانت تقع فيها رغم علمه بالانجازات أيضاً، ويُعتبر ذلك من أبرز مواقفه خلال تلك الحقبة، ونتيجة لخروقات الحكومة المركزية وإستمرار تدخلها السافر في الشأن الداخلي لجنوب السودان، دفع ذلك بـ “لوال ديينق” واخرين إلى الخروج وتأسيس حركة (انيانيا 2) في بحرالغزال، وكان ذلك في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي اي قبل تأسيس الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، وبعدها بقليل في العام 1983 أندلع القتال في مدينة بور، وعلى اثره تدافع المواطنون الجنوبيون إلى اثيوبيا لتأسيس الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان.

*”بابا افريكا” أو لوال ديينق وول كان جزءاً من المجموعة التي تضم أمثال “عبدالله شوال، صمويل قاي توت، أوياي دينق أجاك، نياشقاك نياشلوك، وأبور متوانق، الذين خرجوا بسبب تمادي الحكومة المركزية في خرق إتفاقية أديس أبابا، أين كان يتمحور نشاط القائد لوال ديينق خلال تلك الفترة المبكرة؟

كلا .. لم يكن لوال ديينق ضمن هذه المجموعة، كان ينتمي لمجموعة انيانيا 2 في بحرالغزال، اسم (انيانيا) كان اسماً مشتركاً ولكن في الواقع كانت هنالك حركة (انيانيا 2) في بحرالغزال و(انيانيا 2) في أعالي النيل، واياً من المجموعتين كانت لها هيكلة قيادية منفصلة ولم تكن تجمعهما سوى التسمية … كان برفقته آنذاك أمثال “بول ايولنم”، وهو ضابط معروف في الانيانيا، وكاوج مكوي ميار (توفى في يوليو 2017 بجوبا – المترجم)، الذي لا يزال حياً يرزق وندعو الرب بان يطيل من عمره إلى جانب آخرين، هولاء هم الذين كونوا حركة “انيانيا 2” في بحرالغزال.

عندما بدأت إرهاصات تأسيس الحركة الشعبية في العام 1983، واجه “لوال ديينق” ورفاقه صعوبات في طريقهم إلى الحدود الإثيوبية للانضمام للحركة بسبب العراقيل التي كانت تسببها قوات (انيانيا 2) المتمركزة في الطريق، وعموماً لاختصار هذه القصة الطويلة، تمكن لوال ديينق من بلوغ اثيوبيا والإنضمام إلى الحركة الشعبية، حيث تم منحه رتبة (نقيب) واُلحق بمعهد التدريب السياسي والقيادي للحركة، وكما تعلم كانت لدينا معهد لتدريب القادة والضباط حول برنامج وإيدلوجيا الحركة، كان لوال ديينق أيضاً خطيباً مفوهاً، حماسياً، وبارعاً في شحذ همم الجنود عبر خطبه، وعلى إثر ذلك تم ترفيعه إلى رتبة (رائد) في العام التالي، ومن ثم إلى رتبة (مقدم) وعندما تم إستحداث النظام الجديد للرتب العسكرية في الجيش الشعبي في شهر نوفمبر من العام 1987 عِوضاً عن النظام التقليدي للرتب العسكرية، تم ترفيعه إلى رتبة (قائد مناوب) وشمل ذلك كل الضباط من رتبة الرائد إلى اللواء، وفي حوالي العام 1988 تم تعيينه عضواً مناوباً في القيادة السياسية والعسكرية العليا، وهو أعلى جسم في الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، وخلال هذه الفترة تحديداً اصبحنا زملاء، وكنتُ قد ذهبتُ إلى هناك في يوليو 1986، وتم تعيين لوال ديينق رفقة قلاريو مودي هورنيانق وغوردون كونق الذي انضم عقب دمج حركة انيانيا 2 في الحركة الشعبية.

كان لوال ديينق أيضاً نشطاً في كل الأنشطة السياسية للحركة في تلك الفترة، ومشاركاً في جولات المحادثات المختلفة، ليس فقط في محادثات “كوكادام” التي ذكرتها في بداية هذا الحوار، بل في جولات عديدة أخرى، وحينما اُسندت إليِّ مهمة رئاسة وفد الحركة الشعبية التي التقت باول وفد لحكومة الجبهة القومية الإسلامية في أغسطس 1989، كان برفقتي في ذلك الوفد لوال ديينق وول، الذي كان أيضاً مستشاراً جريئاً جداً لرئيس الحركة دكتور جون قرنق، ولم يكن يخاف لومة لائم، و لا يتواني في الإدلاء بارائه المجردة مهما كلفه الأمر ..

*مقاطعة .. ألم يكن يثنيه عن ذلك التراتبية العسكرية والسياسية في الحركة، أو للقائد جون قرنق؟

قطعاً على الإطلاق .. و إلا فهذا ليس “لوال ديينق” الذي نعرفه.

*في رأيكم كيف سيتم إحياء ذكرى القائد الراحل لوال ديينق وول؟

لقد أتى لوال ديينق من خلفية سياسية بانتمائه لحزب سياسي في السابق، لذلك كنت تجده متشدداً وصارماً في مسألة إعادة تنظيم الحركة سياسياً، إذ لم تكن الحركة تملك الكثير في هذا الجانب، لقد كنا أقوياء من الناحية العسكرية ولكن سياسياً لم يكن لدينا ذلك النضج السياسي الكبير، وهذه هي احدى المواضع التي ركز عليها جهوده، أيضاً كان مهتماً بأهمية افساح المجال للشباب الصاعدين حيث كان واعياً بحقيقة انهم يمثلون المستقبل لاي تنظيم، أتذكر في العام 2013 – رغم أنني لم اكن موجوداً – كانت هنالك محاولة من البعض لمراجعة عضوية القيادة العليا للحركة الشعبية، وبالطبع نعلم جميعاً ان الحركة لديها حالياً هياكل رسمية مثل؛ المكتب السياسي، مجلس التحرير القومي … الخ، ولكن كان هنالك اتجاه لمراجعة عضوية القيادة العليا، ووقتها تبقى خمسة من الأعضاء فقط داخل الحركة الشعبية الأم من ضمنهم لوال ديينق نفسه، بيد أنه لم يقبل بهذا الرأي حيث رفض ذلك قائلاً في حجته، ان ذلك سيكون بمثابة خلق “تنظيم داخل تنظيم”، وشدد على ضرورة التمسك بالهيكلة القديمة الموجودة و التي سبق ان توافق عليها الجميع، كان ذلك احد صفاته القوية.

*عقب وفاة القائد جون قرنق دي مبيور، لم نعد نرى لوال ديينق كثيراً في العلن، وغابت حماسته المعهودة التي اشتهر بها، رغم انه كان مستشاراً لرئيس الجمهورية، ماذا جرى له؟

حسناً .. قبل وفاة الدكتور جون قرنق قام في اولى تعيناته بتسميته مستشاراً سياسياً له، وكان ضمن ثلاثة فقط ممن عينهم القائد كمستشاريين قبل وفاته، وهم “لوال ديينق، صمويل ابو جون ونيال دينق” ولاحقاً شهدت الحركة تغييرات عديدة، لن استطيع ان احدد على وجه الدقة ماذا جرى له، ولكن الاداء التنظيمي للحركة تسببت في الكثير من المشاكل، كما برزت طموح السلطة لدى القادة، ونعلم انه عندما يتم التوقيع على اي إتفاقية سلام هنالك دائماً اناس ينصب مساعيهم حول الحصول على المناصب، إذ يوجد هناك من يرغب في ان يصبح وزيراً أو مستشاراً … الخ، وبهذه الروح التي طرأت على القادة لم يكن على (بابا أفريكا) كما عُرف به أو (لانبار) سوى الجلوس في المقاعد الخلفية موضع المتفرج. أنا واثق بان هنالك عدة امور حدثت في الحركة لم يكن هو راضياً بها، ثم يأتي أيضاً عامل تقدم العمر الذي جعل عطاءه يقل عن السابق.

*هنالك حديث رائج أن، لوال ديينق، كان بصدد إصدار كتاب، وقد اختار له عنوان مثير للجدل (Who Kill Who) هل سمعتم بهذا، أو لديكم معلومة عن الكتاب؟

(ضاحكاً) .. أبداً لا اعرف ذلك .. لم يتحدث إليِّ بخصوص الكتاب، لقد كنت متواجداً في الخرطوم معظم الوقت، بيد انني كلما نزلت إلى جوبا كنتُ أحرص باستمرار على زيارته في منزله، وبالرغم من انه قال لي بالفعل ذات مرة بانه بصدد الكتابة، إلا انه لم يخبرني عن عنوان هذا الكتاب.

*في رأيكم هل ستقيم الحكومة جنازة رسمية له على مستوى الدولة؟

لا أعرف إن كانت الدولة ستقيم له جنازة رسمية أم لا، لأنني لست جزءاً من الحكومة، ولكن ما اتمناه هو ان يحصل على جنازة و وداع يليق باسهاماته الكبيرة التي قدمها للبلاد، أيضاً لا اظن انه تم اعفائه من منصبه كمستشار، وهذا سبب أخر يستدعي أن تنظر الحكومة إليه ليس فقط كـ “إيقونة حركة التحرير”، بل كجزء من الحكومة القائمة نفسها.

*ظل لوال ديينق نشطاً في مسيرته السياسية، منذ بداياته مع حزب سانو، ومشاركته في تأسيس حركة انيانيا الثانية في بحرالغزال، ثم فترته مع الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان الذي كان فيه عضواً بارزاً في قيادتها العليا، وأخيراً مستشاراً للرئيس سلفا كير ميارديت عقب الاستقلال، ماذا كان موقفه عن جنوب السودان ككيان، التنوع ومسألة بناء الأمة؟

كما اسلفت لك منذ البداية، كان لوال ديينق قومياً راكِزاً لم يبِدل موقفه حول مسألة وحدة جنوب السودان، لذلك ناهض الكوكرا (التقسيم: المترجم) الا انه لم يناهضه مثل السياسيين الأخرين، لدينا الكثير فيما يخص الأدب السياسي حول الكوكرا، ومعظم الذين ناهضوه كان من زاوية ان الكوكرا سيأخذ منهم السلطة، ولكن من جانبه كان لوال ديينق يرى انه بالرغم من وجود شكاوى بالفعل من بعض المجتمعات حول التهميش والهيمنة، إلا انه كان يضرب مثل في هذا الخصوص قائلا :”إذا دخل ثعبان إلى منزلك فانك لن تقوم بحرق المنزل لقتله، بل اما ان ترميه في الخارج بطريقة ما، أو تخرج أنت؛ ولكنك لن تُقدم على حرق المنزل برمته لأنك تريد اتقاء شره” .. كان يقول انه إذا تم تقسيم الجنوب فان القوة التي اكتسبها الجنوبيون نتيجة لإتفاقية أديس أبابا ستتلاشى وهذا ما حدث بالفعل، فبعد التقسيم بقليل اندلعت الحرب مرة أخرى، ولاحقاً لم تحظى الأقاليم الثلاث التي تم تكوينها بذات القوة التي امتلكتها الحكومة الإقليمية الموحدة، لقد كان لوال ديينق ثابتاً فيما يخص مسألة وحدة شعب جنوب السودان، وفي ذات الوقت لم يكن يقلل من حجم الأخطاء التي تمت إرتكابها من قبل الحكومة الإقليمية.

شكراً ..شكراً جزيلاً._______________________*ملحوظة: نُقل هذا الحوار إلى اللغة العربية من لغتها الإصلية الإنجليزية، واُجري عليه تعديلات طفيفة في صياغة الأسئلة بحيث لا تغير باي شكل من الاشكال من المضمون والمعنى، ولتتناسب مع اسلوب النشر في الصحافة المكتوبة، كما تدخل المترجم بتكملة بعض الأسماء التي وردت ناقصة او احادية في ثنايا الحوار لتفادي اي التباس قد يقع فيه القاريء.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.