آخر الأخبار
The news is by your side.

لماذا انا نسوية (2) … بقلم: د. اشراقة مصطفى

لماذا انا نسوية (2) … بقلم: د. اشراقة مصطفى

لم أعرف لماذا تهرب نغمة من دندناتي في طابور الصباح المدرسي: يا بني السودان هذا رمزكم.
لم أعرف السبب في تلك السن الصغيرة لماذا كان أول درس للتمييز بين إمل وبدر.

امل التي اضاعت قلمها ووجده بدر، امل التي تساعد امها بينما بدر يذاكر في دروسه ليستعد للمذاكرة.

ماسر طاعة أمل لامها:. ولأمي مطيعة، ماسر تلك الرسمة التي صورتها تغسل في ملابس البيت كله، لماذا لم يساعدها بدر… بل لماذا لم تطلب منه الأم ان يقوم بغسل ملابسه بنفسه ويعتمد علي ذاته من هذه التفاصيل الصغيرة الى تلك الكبيرة الشأن؟

كل عام جديد تفتح عقلي وعصفت به الأسئلة: ياترى ماذا اصيرا عندما اغدو كبيرا، هل ترى اغدو طبيبا ام صحفيا شهيرا؟

من صمم هذه المناهج الدراسية؟ هل قصدوا بدر؟ أين أمل؟ بل أين كوكو وحواية واوهاج؟

قلت لابي اريد ان اصير ايضا صحفية… اذكر تماما حرصي على هذه التاء المربوطة …. الاعلام ما بياكلك عيش طيلة مافي عساكر، والعسكر واقف طابور بمنهج ( البلد بلدنا ونحنا اسيادا).

لم اجد اجابات حين كنا نزور خالتي في منطقة على اطراف كوستي…. لا اذكر فيها سوى مدرسة من فصل واحد وبئر يحفظ سيرة الكهوف الأولى. خالتي التي كانت تزرع الكركدي والفول والطماطم وكنت اتبع خطاها ومعي بنت الجيران التي كانت في مثل عمري. كنا نساعد خالتي في قطف ثمار مازرعت ولم تقل لنا ( الفول فولي زرعته وحدي وحصدته وحدي وسوف اكله وحدي) ولكتها ذبحت الدجاجة الحمراء الوحيدة لتكرمنا.

عشرة أعوام ودق الريحة وطقوس العرس الجريمة في حق ثريا الطفلة التي حرمتها سياسات التنمية غير المتوازنة من التعليم من رحلة الوعي ولذعات نحلاته.

كأن الأمر لايعني ثريا فكانت تمارس في ٱخر طقوس طفولتها معنا نحن بنات ( البندر). كانت ترمي الدلو في البئر وتنتشله بيديها النحيفتين ولكن ثمة بريق يتلاشى من عينيها… ذات البريق الذي صعد الى عقلي ورافق مسيرة تمردي وعنادي. نجلس على الرمال لتنتزع شوكات الطريق الرملي من اقدامنا الصغيرة.

رائحة الحناء تختلط برائحة الدم والدمع، صوت المغنية يتحشرج في حناجرنا وكانت بدايات الهتاف.

توادعنا ببكاء ونحيب ومازالت عيوني تدر سحاباتها وتنهمر كلما طاف وجه ثريا المليح وكانت المرة الأخيرة فثريا لفظت انفاسها وهي تهب العالم ثريا اخرى ينتظرها ذات المصير، فامل مازالت تغسل في الملابس ولامها مطيعة.

وبدر يذاكر دروسه ثم يباشر لعب كرة القدم…. ويابني السودان هذا رمزكم.!

ثريا وفطين رافقن خطوي وهتافات الفرح لمريم الشجاعة وللبنت الباسلة؛ أحب دروس المطالعة.

البنات اصلهن للعرس؟ قالت قريبتنا وهي تزورنا محتجة على اني وصلت تسعة عشر من ( عمر الزهور عمر المنى) ولا احتاج للجامعة.

كانت جدتي صارمة في ردها وهي ترد لها: اخير ليهن قرايتهن…. شن الفائدة كان مافي يدهن شهادة؟ .. عاد الشهادة بتبقى راجل ووليدات؟!

كل سطر في الاجابة لماذا انا نسوية يحتاج الى تفاصيل ادق ولكني أعرف ان هذه التفاصيل قاسم مشترك بشكل أو باخر بين بنات المدن والارياف حيث تنعدم الخدمات الاساسية من صحة وتعليم ومجالات للعمل.

حيث توجد تقاليد وعادات لم نتجاوزها بعد و… كان بقت فأس بتشق انهارها وتمطر وديانها وتغرس بذور تحديها الذي عبرت عنه خالتي بصمتها وهسيس منجلها.

ويتبع

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.