آخر الأخبار
The news is by your side.

كيف للسودان أن يحافظ على أمنه عقب مقتل دبي؟

كيف للسودان أن يحافظ على أمنه عقب مقتل دبي؟

الفاشر:تقرير/محمد شعيب

عاد المشهد التشادي طافحا على الساحة الدولية والإقليمية من جديد، في أعقاب مقتل الرئيس إدريس دبي إتنو في المعركة التي خاضها ضد المعارضة التشادية المسلحة المعروفة باسم “جبهة الوفاق من أجل التغيير” يوم “الثلاثاء” الماضي. تلك الواقعة قد تمتد ارتداداتها الأمنية،والسياسية والاجتماعية ليست في عمق الأراضي التشادية وحدها، بل في جميع دول المنطقة المجاورة لها ،التي تمر بحالة من حالات الاضطرابات الأمنية، مع وجود تنظيمات إرهابية مسلحة.

إن السودان أحد الدول الذي يحد دولة تشاد شرقا بطول (1280) كيلو مترا عبر إقليم دارفور الذي شهد فظائع وصراعات عنيفة أسفرت عنها الآلاف من الضحايا بين القتلى،والجرحى،وتهجير عشرات الآلاف من سكان الإقليم من ديارهم وقراهم إلى معسكرات النزوح واللجوء في الأراضي السودانية والتشادية.

تأرجحت العلاقات الثنائية بين البلدين إبان حكم الرئيس السوداني المخلوع “عمر البشير” بالتقارب والاستقرار أحيانا،وبالتجاذب والشد في كثير من الأحايين ،وتبادل التهم المباشرة بين الحكومتين بشأن دعم وإيواء الحركات المسلحة المناوئة لنظام الحكم بكلا البلدين، ولكن سرعان ما تقارب النظامان مرة أخرى واتفقا على التعاون المشترك ونشر قوات عسكرية مشتركة على طول الشريط الحدودي لتأمين أراضيهما قطعا للطريق أمام أية حركة مناوئة لنظام البشير ودبي.

ولكن في ضوء التغيير السياسي الذي تم في السودان بإزاحة البشير من عرش السلطة، ومقتل الرئيس التشادي ربما يؤثر ذلك كثيرا على الساحة السياسية والأمنية في السودان عامة ودارفور على وجه الخصوص التي لم يراوح العنف الإثني والقبلي مكانه بعد.

تأثر دارفور

الدكتور محمد أدم أحمد رئيس حزب الأمة القومي يرى في حديثه ل”شبكة سلاطين الإخبارية “بأن دارفور قد تتأثر بشكل كبير بالذي يدور في دولة تشاد نسبة للتداخل القبلي، والاجتماعي، والثقافي الكبير الرابط بين دارفور وتشاد.مضيفا بأن عدم الاستقرار في تشاد ينعكس سلبا على دارفور، مشيرا إلى الفوضى العارمة في الجنوب الليبي حيث انتشار السلاح. مطالبا الحكومة السودانية خاصة حكومتي شمال وغرب دارفور بأخذ الحيطة والحذر.

وتوقع رئيس حزب الأمة القومي بشمال دارفور تدفق دفعات كبيرة من اللاجئين وإحداث عملية الكر والفر عبر الحدود من قبل المجموعات المسلحة، معبرا عن تمنياته للشعب التشادي الاستقرار وتحقيق الانتقال السلس للسلطة.

هجرات عكسية

محمد إبراهيم “نِكروما”
المحامي والناشط في العمل المدني يقول :”إن ما يحدث في تشاد يجب إمعان النظر فيه بصورة أعمق، والأثار التي قد تترتب على السودان ودارفور بشكل خاص ؛ وإلا سيكون هناك وضع إنساني كارثي”.ويضيف قائلا :”إن عدم الاستقرار في تشاد يدفع بهجرات عكسية إلى السودان بسبب ظروف الحرب”.

وتوقع بحدوث عودة للاجئين السودانيين في تشاد بجانب استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين التشاديين وهذا ما يخلق وضع إنساني بالغ التعقيد الأمر الذي طالب فيه الحكومة بالاستعداد المبكر لهذا السيناريو المحتمل. ويرى نِكروما بأن في ظل الحدود المفتوحة، والهشاشة الأمنية خصوصا في ولاية غرب دارفور يسبب في انتشار السلاح ،ويزيد من التعقيدات الأمنية بدارفور بصورة خطيرة بحكم التداخل القبلي في مناطق التماس، وانتقال الصراع مرة أخرى في دارفور اذا لم يتم التعامل مع هذا الوضع بجدية من قبل الحكومة الانتقالية الاتحادية ،أو حكومات ولايات دارفور من خلال تكوين غرف للطوارئ الأولى تعمل في مجال كيفية تلافي أو الحد من أثار الكارثة الإنسانية، والغرفة الثانية تتعامل مع الوضع الأمني ،وحراسة الحدود، والتأكد على أن الصراع لن ينتقل إلى السودان. ويضيف قائلا : هذا يحتاج مننا أولا التفكير في كيفية أن نسهم في استقرار تشاد إضافة إلى الاستعداد المبكر لمقابلة الوضع الإنساني والأمني المتوقع.

السيناريوهات والتدابير

ويرى عبدالماجد أحمد فضل سكرتير الحركة الشعبية بشمال دارفور:(بأن المشهد التشادي مفتوح الآن على كل السيناريوهات بما في ذلك سيناريو الفوضى الشاملة بعد رحيل الرئيس إدريس ديبي المفاجئ والصادم من المشهد السياسي”.

ويفسر بأن إحدى هذه السيناريوهات هي الصراع والاحتراب للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح مما يقود هذا إلى عدم استقرار سياسي وأمني في منطقة الساحل عموما ودارفور خصوصا في ظل معطيات الانتقال في كثير من دول المنطقة على سبيل المثال لاحصر إدارة انتقالية جديدة في تشاد غير واضحة المعالم حتى الآن ، وإدارة انتقالية في السودان ضعيفة وهشة ومواجهة بتحديات محلية وإقليمية صعبة، وإدارة انتقالية في ليبيا غير مسيطرة على كامل التراب الليبي خاصة جنوب ليبيا، وإدارة انتقالية في أفريقيا الوسطى.

ويتابع في حديثه بأن كل هذه الهشاشة وحالة السيولة الأمنية والسياسية السائدة الآن في الإقليم قد يقود المنطقة إلى انزلاق نحو المجهول والفوضى الشاملة.حاثا الحكومة السودانية على اتخاذ تدابير وإجراءات سريعة من شأنها تقلل من الارتدادات المحتملة على دارفور بسبب ما جرى في تشاد، منها تأسيس علاقة مع تشاد ومع دول الجوار الأخرى برؤية جديدة ومختلفة تقوم على سياسة حسن الجوار، وتبادل المنافع والنأي بالنفس من التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول بجانب إرجاع اللاجئين السودانيين في تشاد إلى السودان وتوفيق أوضاعهم.

ويضف سكرتير الحركة الشعبية بشمال دارفور في سرد الإجراءات التي يجب على الحكومة السودانية اتباعها ،المتمثلة في تنفيد بند الترتيبات الأمنية مع أطراف اتفاق “جوبا” حتى يتسنى للحكومة الانتقالية جمع السلاح،وتوفير الحماية للنازحين في معسكرات النزوح بعد خروج البعثة المشتركة، وضرورة مراقبة الحدود السودانية التشادية بشكل لصيق وإحداث تنمية للمجتمعات السودانية التي تقيم في هذه المناطق ،ومعالجة الاختلالات والتدخلات من دول الجوار فضلا عن المساهمة الايجابية في ايجاد أرضيات مشتركة بين أطراف الصراع في تشاد تفاديا لسيناريوهات الفوضى الشاملة.

وبهذه القراءات فإن الكرة في ملعب الحكومة السودانية التي تعي تماما السيناريوهات غير المحمودة التي قد تحدث في المنطقة في ظل الهشاشة الأمنية في دارفور التي وصفت إحدى ولاياتها بالولاية المنكوبة. لذلك يجب على الحكومة أن تضمن الأمن والطمأنينة لمواطنيها وحماية أراضيها من أي مهددات أمنية حتى لاتكون دارفور حلبة للتصفيات السياسية بين الخصوم المتصارعة لنيل تاج السلطة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.