آخر الأخبار
The news is by your side.

كلام بفلوس: قرن الشيطان والرحيل المر !!… بقلم: تاج السر محمد 

كلام بفلوس: قرن الشيطان والرحيل المر !!… بقلم: تاج السر محمد

لا تستغرب عزيزى القارئ فالعنوان أعلاه أعنيه تماما .. وهذا ماجعلنى أتساءل ماذا تفعل إذا قدر لك الرحيل عن أرض الوطن وسيطرت عليك هواجس وجنون الهجرة .. رغم أنها أمر مشروع لست بحاجة للدفاع عن نفسك أمام الأخرين إذا قررت الإقدام عليها وممارسة قدر أوسع من حريتك الفردية .. وعزمت الإنسلاخ عن أرض الوطن غصبا عنك وراء حلم المجهول .

حقيقة لم تعد أراضى المهجر التقليدية منزوعة الأبواب تمتد شواطئها على حواف البحار العالمية كما كانت منذ آلاف السنين كما لم تعد المغامرة محفوفة بصورة الإثارة والتى كنا نشحن رؤوسنا بخيالاتها تجرى فى عوالمها أنهار الثروة بلاحدود وما عليك سوى الأغتراف منها حسب ما تشاء لتتحول بين عشية وضحاها إلى ملياردير ممن لا تمل صحافة مجتمعات العالم الثالث من ذكر أسمائهم ونشر صورهم وأخطائهم بنسيج الحكايات الوهمية .. وبسببهم يسيطر هاجس الهجرة على شبابنا تخلصا من الفقر والحصار النفسى وإنعدام الفرص وكثير من الأمراض الإجتماعية والإقتصادية وأحيانا السياسية .

فالسؤال وبعد هذه المقدمة اليسيرة والذى يفرض نفسه .. هل سبب الهجرة لجمع المال فقط حتى يكونوا من أصحاب المليارات أم أن الفقر والحصار النفسى والإقتصادى هما السبب ؟ أم هناك أسباب أخرى وراء ذلك .. أيها القارئ الكريم أخطر من كل هذا وذاك أدعوكم لوقفة قصيرة على جزء بسيط لحقيقة الهجرة فى وقتنا هذا ؟!.

المرارة تملأ حلوق السودانيين وضباب العدم الكثيف يحلق فوق الرؤوس وأبواب اليأس مفتوحة على مصراعيها يطل منها آلاف الرجال والشباب على مساحات الوهم المجهول التى إحترقت وأحرقت أجسادهم بتلك الديون المادية الكثيرة التى أصبحت على عاتقهم .. يقول أحد الإخوة المغتربين أنه قرر الهرب تاركا خلفه كل سنوات العمر ووشائح القربى ومرتاع الطفولة .. هربت بجلدى دون وعى وإليكم قصتى دون رتوش أو ماكياج .

حالتى كانت ميسورة والحمدلله أكافح وأعمل من أجل توفير لقمة العيش .. وفجأة ظهر لى ( قرن الشيطان) طالبا منى أن أتقدم لأحد البنوك الإستثمارية على حد قوله لطلب سلفية يقوم هو بمساعدتى وتسهيل هذه المهمة .. ترددت كثيرا فى بادئ الأمر ولكننى ولسوء الحالة التى مررت بها رضخت للفكرة .. فتم كل شئ على وجه السرعة ودون أن أدرى وجدت نفسى من أصحاب المليارات .. حيث قام صديقى .. عفوا .. أقصد قرن الشيطان بعمل كل الإجراءات وإذا سألتنى كيف تم ذلك أرد عليك وبكل بساطة لا أدرى كل ما أفهمه جاءنى يحمل معه مبلغا كبيرا من المال أعطانى جزء منه بينما الأوراق تثبت مديونيتى بكامل المبلغ للبنك .. وفجأة وبعد مرور فترة ليست بالقصيرة فوجئت بالبنك يطالبنى بسداد المبلغ .. إما الدفع أو أبواب السجن الحديدية تفتح أبوابها لاستقبالى .

إتصلت فورا بصديق كان يعمل فى القنصلية ( ……) طالبا منه مقابلتى .. بدأت لحظات اللقاء باهته لا تبشر بأمل كبير فى طرح قرارى امامه وطلب مساعدته .. فقد كانت علاقتنا القديمة تحولت إلى مايشبه الجفوة .. نجحت سنوات الهموم فى بناء حواجز واسوار عاليه تفصل ذكريات الطفولة فى حى الثورة بمدينة أمدرمان العريقة عن أحلامنا وشواغل حياتنا العملية فيها فيما بعد .. وقد بقينا على رابطة وأهيه تدفعنا إلى اللقاء بين الحين والآخر على فترات متباعدة لا تفتعل أسبابه بقدر إشباعنا لحنين غامض ورؤية مستحيلة لمستقبل أعمارنا معا .

لم أجد صعوبة فى الإفضاء إليه بشر ما عزمت تنفيذه وكأننى ألقيت فى بئر الماضى بما حرك فيه سواكنه فسيطرت لحظات الصمت الطويل وبعدها وبدون تردد قام بإجراء تأشيرة الخروج هربا من الديون وخوفا من السجون تاركا خلفى أهلى وعشيرتى واولادى ولا أدرى ماهو مصيرهم وقد مرت عشرة سنوات ولا زلت فى بلاد الغربة .. أنا لست الأول ولا الأخير هناك الكثير مثلى من الضحايا .. واخيرا أترك المجال للقارئ السودانى الحصيف فى الداخل والخارج ليحلل كما يشاء له من تحليل .. وكفى .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.