آخر الأخبار
The news is by your side.

قراءة المشهد السياسى من منظور الاصطفاف الثوري

قراءة المشهد السياسى من منظور الاصطفاف الثوري

بقلم: احمد بطران عبد القادر

في تسارع وتيرة وقائع الأحداث وتشابكها وتشاكلها وتداخلها ، وغياب الحقائق والمعلومات المفسرة بوضوح لكنهها ومراميها، يصعب توصيف مواقف البعض من القوي السياسية من  انها داعمة للثورة؟ او معادية لقواها؟.

إلا انهأنه  بالتدقيق المركز لحقيقة الصراع الذي يجرى، وأدواته وافرازاته ومؤثراته علي المشهد بعمق انطلاقاً من المرجعيات الفكرية والايدلولجية للجبهات المتصارعة وتحالفاتها ومدي صمودها المبدئي امام هذا الكم المتراكم من التحديات وآفاق حلوله ومدى ملائمته الواقع وقدرته علي الحسم والكسب لصالح حركة التغيير.

يتضح بجلاء من يقف مع الثورة وهموم شعبه؟ ومن يعاديها ويخزل شعبه؟ واذا اخذنا الحزب الشيوعي السوداني مثالا للدراسة والتحليل كأحد مراكز الوعى والاستنارة والاعلي كعبا في الثورة وانجاز التغيير وصاحب مصلحة أصيلة فيه نجد انه كان ذو بعد نظر في مفارقته تحالفاته القديمة والجديدة علي السواء .

فقد اختارت قيادته بعد تأني كبير وصبر مرير الخروج من هذه التحالفات التي لم تعد تخدم مصالح التغيير الجذري كما كانت تهدف لذلك من قبل.. فقد فارق الحزب تحالفاته بعدما سيطرت عليها قوي الهبوط الناعم التي كانت قد تحاورت مع النظام المباد وقبلت شروطه في المشاركة السياسية وخوض انتخابات ٢٠٢٠م.

وبعدما رأت ثمار الثورة قد اينعت وحان انتصارها انضمت اليها وقطفت ثمار التغيير وسيطرت علي مقاليد الحكم في البلاد لذا فارق الحزب هذه التحالفات وانحاز للجماهير الكادحة ومعاناتها.

وقد اتسم خطابه السياسي بالوضوح والموضوعية في أن هذه التحالفات سيطرت عليها القوي المعادية للثورة وتبنت نفس نهج النظام المندحر في معالجة القضايا الوطنية وقضايا الجماهير. 

وقد دعى الحزب إلي اسقاط حكومة عبد الله حمدوك الانتقالية صراحة بعدما رهنت الارادة السياسية للبلاد لسياسات المحاور الخارجية والاستجابة للابتزاز الأمريكي وتطبيع العلاقات مع اسرائيل رغبة في ارضائه.

اما في الجانب الاقتصادي فقد حذرها من التوجهات الرأسمالية الطفيلية و التحايل على مقررات المؤتمر القومي الاقتصادي والارتهان لسياسات البنك الدولي ما نتج عنه إفقار المواطنين وارتفاع معدلات التضخم وتراجع سعر صرف الجنيه السوداني و الارتفاع غير المسبوق والندرة في السلع الرئيسية.

وفي قضايا السلام يعبر الحزب عن رفضه لاتفاق سلام السودان بجوبا بشكل عقلاني واعتبره مهدداً حقيقياً لوحدة البلاد ومستقبلها فهو تكرار للتجارب السابقة التي تنتهي بمحاصصات ومناصب للمفاوضين بعد ابعاد القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني بما فيهم ضحايا الحروب غير انه يمثل حماية للمصالح المشتركة بين اطرافه التي تريد أن تحافظ علي مصالحها من خلال تواجدها في السلطة الانتقالية بفرض واقع سياسي يمكنها من الالتفاف علي الفترة الانتقالية واجهاضها من مهامها المضمنة في الوثائق المختلفة.

كما يرى ان تدخلات القوى الأجنبية المعادية للثورة قد افلحت من خلاله في وضع العراقيل أمام استمرار الثورة المجيدة ومنع تنفيذ مطالب الجماهير المضمنة في الوثائق التي تم التوقيع عليها من قبل قوى الحرية والتغيير. 

كما عمدت هذه القوي إلى طرح قضايا قومية ذات أهمية بالغة ترتبط برسم مستقبل الوطن ووحدته دون تفويض من الجماهير وفي إطار خطة مسبقة لإفراغ المؤتمر الدستوري من مضمونه ومحتواه وخلق حاضنة جديدة للحكومة المرتقبة بعد ضمان سيطرتهم على هياكل السلطة الانتقالية فيرى الحزب أن الاتفاقية بصورتها الراهنة لن تحقق السلام العادل بل ستخلق توترات ونزاعات جديدة بين السكان في مناطق الحروب وغيرها من مناطق.

ولئن كنا حصرنا قراءتنا علي موقف الحزب الشيوعي من هذه القضايا الاساسية دون سواها فلأنها تمثل جوهر الصراع والإقبال عليها بهذا الشكل يمثل اختراق للوثيقة الدستورية بصورة سافرة ويهدد استمرارية حكومة الانتقال.

ولئن كان هذا موقف الحزب الشيوعي السوداني من حكومة الفترة الانتقالية بهذا الوضوح والانتصار للمبادئ والقيم بعدم خداع الجماهير وتبديد احلامها والحرص علي تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة فان هنالك احزاب أخرى تشاطره ذات المواقف لكنها بقيت في تحالف الحرية والتغيير ومشاركة في حكومة الانتقال وقد صدرت لها بيانات تؤكد ما ذهبنا اليه الا انها لم تغادر أما انها اثرت السلامة فبقيت في السلطة…!

واما انها لا تريد الخروج حتي لا تترك المجال واسعا امام قوي الردة والاقطاع والهبوط الناعم من ان تنفرد بالقرار وإدارة المشهد السياسي كما يحلو لها دون رقابة ودون وجود قوي مقاومة لمنهجها من داخل منظومات الحكم ومستوياته المختلفة. 

ولئن كان الحزب الشيوعي قد تخلي عن هذه التحالفات واراد ان يقود قوي الثورة والتغيير فإن واقع الحال يقول ان الحزب لم ينفتح علي الجماهير بالصورة المطلوبة حتي هذه اللحظة رغم قربه من الشارع وحركة المقاومة التي يمكنه عبرها من تشكيل جبهة عريضة للاصطفاف الثوري ، وابتكار وسائل نضالية جديدة تخلق الفارغ المنطقي للتفوق والانتصار.

وذلك بطرح قيادة ثورية جديدة تمتلك الرؤية والبرامج والهدف والقدرة علي المناورة والاختراق لإنجاز مشروع التغيير الجذري المنشود وتجسيد روح الثورة وارادتها وتطلعاتها واشواق الجماهير الي واقع ملموس في حراكنا الثوري يجنبنا الحروب والقتال وتفتيت وحدة البلاد وسلامة مستقبلها.

فالشارع يحتاج لاصطفاف قوي الثورة وافراز قيادة ثورية موحدة تحسم الصراع لصالح الثورة ومفاهيمها وقضاياها وهمومها وتطرد جماعات الهبوط الناعم والعسكر المختطفين لسلطة الثورة الانتقالية.
الغرفة المشتركة للحراك الثوري

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.