قدسية التعليم في إشعار محجوب شريف

قدسية التعليم في إشعار محجوب شريف

بقلم: طارق الامين

(1) وعرقنا ياما يدر
يما اللبن والزيت
والكسره والكراس
لي قشه الكبريت

من قصيدة ياوالدة يامريم مطلع السبعينات
منذ بدايات الكتابة عند شاعرنا العبقري وفي مطلع السبعينات كان يفيض بتقديس العلم والتعليم ويتذكر انه اختار أن يكون معلما فزخرت مفرداته بأدوات العلم جميعا من مداد و دواية ومحبره وكتاب وسبورة بل إنه يواءم بينها وما سواها وما ذكر الكسره والكراس بهذا التجاور الا رسالة بأن التعليم عند الشاعر في مرتبة الطعام من أجل انتصار الحياة.

(2)ياحليلو شان بحلم
مدرستو قد فتحت
قدامو ادراجا
من قصيدة طقس
التسامح زين

الوصف لصبي مشرد فاقدا للمأوي لكن الشاعر يكمل نواقصه بصياغة حلمه في التعليم أيضا ليكتمل المأوى وتنتصر الحياة

(3) المدرسة فاتحة على الشارع
والشارع فاتح في القلب
والقلب مساكن شعبيه

ليس أوضح من هذا المقطع لبيان مكانة المدرسة في القلب تماما كما الشارع الذي بادله العشق وغني له حتى انتصر.

(4)تصحى وتنوم وتقوم معطر بالنشاط
تنعس يقع في لحظة من ايدك كتاب
وقلم كما برق السحاب يتهادي مابين السطور
من ملحمة اوعك تخاف

كثير من الفلاسفة والمفكرين يرى أن العلم والمعرفة هي الترياق المضاد للخوف وكذلك يرى المفكر محمود محمد طه حيث الإنسان عدوا لما يجهل وفي القصيدة حشد الشاعر من أدوات العلم والمعرفة مايؤمن بأنه اسلحة فتاكه ضد الخوف وقد صدق شاعر الشعب في ذلك.

(٥)من بعد ذلك ياجميل
احلم بما لك من حقوق
كشك الجرايد في الصباح وكيس الفواكه والملابس و( الكراريس) والحليب
نكهة خبيز والدنيا عيد انسان عزيز والشعب حر
المصدر السابق

انظر/ي لبراعة دس الكراريس في ذات الكيس الذي حوى الملابس والحليب أن التعليم عنده أمر بالغ القدسية وممارسة تشابه عنده ممارسة التنفس كما الشهيق والزفير.

(6)تسوي الشاهي يالله يالله
وكم من سندوتش فطور
للممتحنه والبيهاتي جاري
يحصل الطابور
لفحنا العمه خليناكي
بين الحله والماسورة
رتبتي القميص والطرحه
حفظتي النشيد والصورة

من قصيده ست البيت وست المكتب

كما أرجو أن تنظر/ي للتمادي في براعة تزيين النصوص بأدوات تمثل لشاعرنا حياة حقيقية وكأنك ترى للنشيد بجوار حلة الطعام ذات الحيوية والاهمية ونفس المذاق فالكراس والكتاب هنا جزء من (قفة الملاح) ومياه (الماسورة).

(7)مدرسة حيث مدرستك حنانك سور
كراريس الصبا الباكر
تذاكر نحو بكره مرور
المصدر السابق

بل قفزت الكراسات هنا إلى مقام المستقبل وما سهولة وبساطة وسلاسة عبارة نحو بكره مرور الا حشدا للمستقبل الواعد.

(٨) الاستاذة دي كتر خيرا
يوم تلقانا هي بتوصلنا وتحصلنا تفك الحيره
قصيدة نقطة ضو

يبجل المعلمين والمعلمات ويحفظ لهم دور المصباح المنير وصناع أجيال المستقبل الثائرة والمطمئنة

(8) تبتبا تبتب
باكر تعرف تقرأ وتكتب
اكتبي اكتبي الف المد حمام وسلام وسعادة بجد
اكتبي اكتبي يا المد
سرير وعصير وعبير ينشم
اكتبي اكتبي واو المد
حقول وعقول تقرأ المجهول وكتاب الغد
من كتاب تبتبات

المقطع اعلاه ارتدى فيه شاعر الشعب ثياب المدرس وقدم حصه مدرسية يجيد تقديمها وقد حدث ذلك دون أن يخلع عنه ثياب الفنان العبقري والمناضل من أجل انتصار يؤمن به لشعبه المعلم ولبلاده.

(٩)عشه وميري مدرسة الحياة المعمورة
لا كراس ولا سبورة
لاتقرير سمح رقاكي
لا دبورة

بهذا المقطع نختم هذه السياحة التي اخترت لها نمازج محدودة من بحر شديد الفيضان اسمه محجوب شريف، وهي دعوة لمحبي شعره للبحث في العنوان مجددا تكاد لا تخلو قصيدة من قصائد المحجوب من سيرة للتعليم فأصبح الشاعر المعلم باقتدار والبحث في العنوان سيقودنا إلى معاني أكثر التصاقا بهم التعليم في حياته واشعاره. وقد لخص لنا الشاعر العظيم الدور الريادي للمرأة السودانية في قيادة دفة التعليم.

في المقطع الأخير وصدقت نبؤته بذلك فقد ذكر لي مدير مدرسة صديق أن كل أولياء الأمور الذين يطلبون حضورهم إلى المدرسة باتو من النساء الأمهات! قال إنه لم يرى أولياء الأمور من الرجال لأكثر من عقدين من الزمان حتى بات الاهتمام بالتعليم كأنه أمرا نسويا محضا في غالبه وهو فخر لنساء البلاد .

رحم الله شاعر الشعب العملاق محجوب محمد شريف وأعضاء دروب التعليم المظلمة في السودان.