في رثاء عبدالوهاب لايتنوس
في رثاء عبدالوهاب لايتنوس
بقلم: الخير صالح عبدالله
الأعزاء يرحلون بلا إستئذان ، يوقعون في دفتر حضورهم ثم يرحلون – يرحلون بصمّت لتصبح حياتنا غُصة في القلب . في تلك البلدة البعيدة التي تُعج بالفوضى ، سافر لاتينوس بكلماته ، ويراعه بعدما كتب على سطح صفحته في ” الفيسبوك ” سطورًا تخيلناها بعضً من رحيق أبداعه.
لكننا وجدنا في تلك السطور الحقيقة التي غابت عن أذهاننا ، ولم نتوقعه ؛ وكأن إلهام الشعر سطر له المصير المحتوم في طريقه وهو على عرض البحر يُصارع النجاة بعدما أشتدت عليه الحياة في هذه البلدة المنكوبة منذُ ميلادها .
كتب الشهيد الحزن المُستقبلي الذي نتعايشه حينما مد قرطاس حروفه قائلًا : ” سأفرُّ مِن وطنٍ يُلهب ظهري بالسياط ليلَ نهار
سأفرُّ من امرأةٍ لا تعرفُ كيف تطعمُ روحي، رحيقَ جسدها .
” أن تموت في عرضِ البحرِ
حيث الموج يصطفق بصخب في رأسكَ
والماء يأرجح جسدكَ
كقارب مثقوب .”
….
فى مقتبل العمر
دون أن تبلغ الثلاثين بعد .
ليس سيئاً أن تغادر باكراً أبداً ،
السيء، أن تموت وحيداً
دون امرأة،
تقول لك : تعال إلىَّ، حضنى يتسع لكَ،
دعني اغسل روحكَ مِن درنِ البؤسِ .
وكان الشاعر قد نشر مؤخرا آخر قصيدة له وجاء فيها:
بثاً ، ستمضي نحو حتفكَ ؛
اليوم ، أو غداً
أو حتى بعد غد ،
لا أحد بوسعه وقف عجلة الخراب
التي تسحلُ جسد الحياة .
عبثاً ، لا شيء ، لا خلاص سيآتي
في اللحظاتِ الأخيرة ،
لينقذَ جثة العالم .
عبثاً ، لا ضوء يومضُ
فيُفزع الليل .
عبثاً ، كل شيء قد احتضر ؛
الوقت ، اللغة ،
الصرخات ، الحُلم ،
الأغنيات ، الحب والموسيقى .
عبثاً ، كل شيء قد تلاشى ،
ولم يتبق ،
غير فراغ يصطخب بعنف ،
غير جثث تدخل في صمت كئيب ،
وغير خراب ينسكبُ سخيًّا
آه من وجع الفراق المّر يالايتنوس … بكت الحشائش ، والصخور ، والماء لفراقك … ليتك لاترحل ياشاعر الحياة … ليتك تصل إلى الضفة الأخرى بإبتسامتك النضيرة الطيبة … ليتك تظل باقٍ معنا تُتحفنا بتجليات شعرك .. أوليس للموت سانحة يُخبرنا بان نختار من يرحل … آه من وجع القلب ياصديقي … تبكي القلوب برحيلك الدائم … العيون تحبس الدمع بوداعك … أُغلقت العيون وثقلت الحروف والكلمات … خانتني يدي لأكتب في رثائك ياصديقي … حين أختارتك المنايا شعرنا بالموت فينا … وبعد فراقك أيكفينا حقًا رثاء الراحلين .
أنت الشهيد في جنات عدن … ولنا في الفقد جروح ليس لها دواء … ونبقى نحن الأحياء بلا رثاء .
إلى روح عبد الوهاب محمد يوسف ” لايتنوس الغالي : –
فارقتنا وأحزننا رحيلك … نفتقدك بِشّدة … نحن أحبابك … أرقد بسلام في برزخك.
اللهم أغفر لعبدك عبدالوهاب وأسكنه فسيح جنتك يارب