آخر الأخبار
The news is by your side.

فنجان من قهوة… إيناس حبيب القاضي

فنجان من قهوة… إيناس حبيب القاضي

اليوم سأعلنها لن اخاف ولن اُهزم ولن
اتراجع، سأعلنها لنفسي اوّلًا ولك ثانيًا
سأعلنها ليس لأنّي لا احبك، ولكن لأنّك اتعبتي، ارهقتني، ولم ترحمني، اعلنها لأنّني اريدني اريد نفسي اريد أنا.
دعني اولًا وقبل الرحيل اعترف لك واخبرك أننّي احببتك، احببت كل جنونك واطيافك، احببت حضورك القوي وجمالك الذي لاتخطئه عين احببت نفحات عطرك، احببت كل ما فيك.
ولكن اعطيتك حبًا فاعطيتني أرقًا، اعطيتك قلبًا فاهديتني صلفًا وعنجهية، اعطيتك هدوءً وراحة واعطيتني صخب وأرق، جافيت ليلي فأصبح ونهاري سيّان، فارهق اعصابي بل اتلفها.
احببتك بكل تقلباتك، بكل مافيك،
اتذكر أوّل لقائي بك ومعرفتي، يومها اتيت تتهادى في زي سوداني انيق زادك جمالًا حلالًا وحضور، وكيف كانت تتقدّمك جحافل عطرك التي عانقت السماء، اتذكّر كيف كنت حاضرًا بكل تفاصيل الجمال السوداني الذي زادك حضورًا وبهاء، تناغمت فيه دواخلك والصفاء.
اذكر ذلك اليوم جيّدًا، كان لقائي الأول بك وبداية معرفتي بك، لم ترحم سنوات عمري الصغير ولا قلّة تجربتي ولا ذلك القلب الفتيّ الذي لا يعرف توسّط، اتذكّر تلك الدغدغة الناعمة التي احسست بها، اتذكّر كلماتك ونفحاتك وانت تنظرني غير الجميع، ذلك اليوم كنت في حضرتك كاملة ثُمّ تجزأت بعدها، من يومها تناسيت الكثير.
ما أن يبدأ يومي إلا واهرع لك غير عابئة بليله، أرقي وتعبي وجسمي الذي تداعى من قلّة نومي، كنت اعتقد أنّك بلسمي ومبعث روحي ومقبره، أرقي وتفتّح ألقي ولم اكن اعرف أنّك سبب أرقي، فعندما نعشق لا نرى الاضداد، ابدأ يومي في معيّتك وأنهيه في حضرتك، كنت معي هادئًا جميلًا إلى أن تغلغلتني، تجذّرتني، فاصبحت حياتي والامل، اتذكّر تنوعّك الذي لا يمكن التكهّن به ولا كيف هو، اتذكّر بعد فراق فرضته عليّ ظروف صحيّة كنت أنت السبب فيها وايضًا لم اكن اعلم كيف أنّني التقيتك بعدها وكيف بدوت لي في هيئة عربية كاملة؛ فارس من الصحراء تلفّح شمسًا و اصالة، يومها غرقت في تفاصيلك التي قرأتها في كتبي ولم اعيشها قبلًا، استنشقت عطرك مزيجًا غريبًا من توابل ورائحة الصحراء.
عيونك الدعجاء ليل صحراوي غير منتهي، هدوء جليل وعمق سحيق، تناغم فيه الظلام وتألفه بل تستلذ به وتعيشه، ليل عينيك شباك، ليل عينيك سجن اختياري، حب، عشق، وادمان، ليل عينيك قائد جامح مخضرم يقود جحافل تأبى إلا التقدّم والانتصار، انتصار لجسد منهك، مرهق مُتعب، اذكر كيف تغلغلتك أنا وتلحّفتك وأنا ابحث عن دفء وأمان، ما أن ارتشف منك إلا واعود اكثر ظمآ لا ارتوي، اتذكر؟ لم افارقك ألا وأنا ابحث عن بعضي الملّمه ولا اجده، انتزعت ماتبقى منّي انتزاعًا وغادرت، ما أن اصبح صبحي إلا وناديتك وعاقرتك إلى أن لملم اليوم اطرافه، وهكذا سنوات نسيت فيها ذلك القادم من ارضي الخضراء، آمنت بالصحراء وعشقتها إلى أن اختفيت منّي بحثًا عن بعضك، طال غيابك، استحلفتك سرًا أن تعود، ناديتك وصليت مبتهلة أن تعود بأي هيئة، اردت سودانيًا صحراويًا أو من بلاد العم سام، أن تعود تلفح ماتُريد وتعطّر بما تُحب وتحدّث كما يحلو لك فانت عندي اصل واحد.
يعجبني تنوعّك واحبه واصبح لي لكل هيئته، احتفي به واعيشه كما تريد أنت
هل تذكر عندما استجاب الله لصلواتي وعدت لحظتها، تأمّلتك كثيرًا وأنت تغوص في هيئة عربية تلتحف جليدها الذي لم يستطع دفء بلادي ولا حرارة الصحراء أن يذيبه، استغربتك ولكن ما أن قربتك حتى رأيتك كما أنت عندي بنفس الملامح، ملامح بلادي عاودني حنيني وحب باق فارتميت بين ذراعيك لا اقوي فراق.
ولكنك كعادتك مهما اختلفت لازلت تؤرقني، تزعجني، تتركني حطامًا لا ادري من دنياي شيء ولا اعرف سواك، سئمت ادماني لك وكرهت نفسي بك.
اليوم اُعلنها داوية، بعد أن ادركتك يامن كثير منك سم زعاف، يا من لاترحم، اليوم افارقك واتركك، ادري أنّني لن استطع بُعدك كاملًا، ادرك تمامًا أن تلك معركة خاسرهدة ولذلك ساعاودك، واستمتع بك ولكن بمعرفتي أنا وكما اريد أنا.
يومًا ساعاقرك حتى الثمالة، واغرق فيك حتى الموت وآخر ساكتفي بوجودك، وحينًا نفحات عبيرك تكفيني، وكثيرًا ساكتفي برشفة،
فكن كما تريد، سودانيًا، حبشيًا، عربيًا، خليجيًا، تركيًا، بوسنيًا، أو ايطاليًا، فرنسيًا، كنديًا، أو أمريكيًا، من بلاد الشرق، وسطها أو غربها، شمالها أو جنوبها، من الصحارى أو الوديان، سأحبك كيفما كنت واتلذّذ بك كما اريد انا، فكفاني أرقًا وتعبًا فأنا اريد، أنا اريد ليس بعضي، اريد كلي، فوداعًا فنجان قهوتي وسبب أرقي.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.