آخر الأخبار
The news is by your side.

عيال زايد… ضررهم أكبر من نفعهم … بقلم: أمجد هاشم

عيال زايد… ضررهم أكبر من نفعهم، بقلم: أمجد هاشم

خلفية تاريخية (1_2)

قبل أن تَتَكَشف بالكامل أبعاد المؤامرة الإماراتية للسيطرة على ميناء بورتسودان الجنوبي عبر التواطؤ مع الشركة الفلبينية الوهمية المملوكة بالباطن لموانئ دبي، سرعان ما كَشَفَت تقارير الغارديان و بلومبيرج و رويترز الإستقصائية عن مؤامرة أخرى تتمثل في تواطؤ الإمارات مع حميدتي و ميليشياته لتهريب 90% من الذهب السوداني إلى دبي التي تحولت بفضل الإستحواذ على ذهب السودان المهرب إلى مركز عالمي في تجارة الذهب و هو ما تسبب في تخريب الإقتصاد السوداني و تبديد مليارات الدولارات على الخزينة السودانية الخاوية من العملات الأجنبية في وقت السودان في أمَسَّ الحوجة لهذه الأموال للإيفاء بإحتياجاته الأساسية الأمر الذي أدى لزيادة معاناة السودانيين المعيشية.

أهم ما أشارت إليه التحقيقات هو أن تسهيل الإمارات لعمليات تهريب الذهب السوداني لا يخلو من أهداف أخرى غير إقتصادية تتمثل في تدعيم النفوذ السياسي لحميدتي إزاء الحكومة المدنية، و تقوية المركز المالي لميليشيات الدعم السريع مما سيؤدي لتقويض أحلام التحول الديمقراطي المدني السلس في السودان.

إن السلوك العدائي و التخريبي للإمارات تجاه السودان يطرح أسئلة كثيرة عن الخلفية التاريخية و الجدوى المستقبلية و الخطوات المطلوبة لإعادة ضبط و تصحيح مسار العلاقة مع أبوظبي و هي العلاقة التي بدأت مبكرا في السبعينات بمبادرة من الإمارات حديثة الإستقلال في ذلك الوقت، و الرواية المتداولة في أوساط قدامى المغتربين السودانيين حول ملابسات هذه العلاقة تقول أنه بعد إكتشاف النفط وتنامي المدخولات المالية لدول الخليج في بداية السبعينات و في غياب مؤسسات خدمة مدنية يٌعتَمَد عليها هناك تَوَجَّه شيوخ الإمارات إلى بريطانيا للإستعانة بها في تطوير دولهم الناشئة حديثاً، فنصحهم الإنجليز أن يتوجهوا إلى السودان فقد تركوا خلفهم هناك واحدة من أكفأ مؤسسات الخدمة المدنية في المنطقة وأكثرها إنضباطاً و تأهيلاً، لا أدري مدى صحة هذه الرواية ولكن الشاهد هو أن السودان قد شهد فعلاً في تلك الفترة من السبعينات زيارات مكثفة لأمراء وشيوخ الخليج الذين كانوا يتقاطرون على الخرطوم جماعاتٍ و وحدانا ويتسابقون لكسب صداقة الرئيس جعفر النميري.

والشاهد أيضاً أنه بعد هذه الزيارات بدأت موجة إنتداب الموظفين الحكوميين إلى الإمارات وهي الموجة التي إستنزفت العقول السودانية و شتت الخبرات الوطنية علماً بأن غالبية هؤلاء المنتدبين هم من خريجي جامعة الخرطوم التي درسوا فيها على نفقة الدولة وبعضهم كانوا قد إبتعثوا الى الولايات المتحدة وبريطانيا لإتمام دراساتهم العليا في مجالات تخطيط المدن و غيرها على حساب دافع الضرائب السوداني الذي تَكَرَّمَ بهم على دول الخليج بلا مَن أو أذى ولم يستفد السودان شيئاً من عِلمِهم ومعرفتهم التي إكتسبوها في أوروبا و أمريكا أثناء سنين دراستهم هناك.

في تلك الفترة تبوأ هولاء المُنتدبين مواقع مهمة جداً في الدول التي إنتُدِبوا اليها، فالخلايجة لم يجدوا من بين مواطنيهم من هو أكثر تأهيلا ًمن السودانيين لشغل هذه المواقع التي عادة لا يشغلها الأجانب ويكفي أن مدير بلدية أبوظبي وهو منصب رفيع يوازي منصب المحافظ في السودان أو منصب العمدة (Mayor) في بريطانيا كان يشغله السوداني (أحمد عوض الكريم) بينما بلدية دبي في نفس الفترة كان على رأسها السوداني أيضا (كمال حمزة).

و لكن طوال الأعوام ما بين 1973 و هو تاريخ تكوين دولة الامارات وإستقلالها عن الانتداب البريطاني و حتى 2021 جرت الكثيييير من المياه تحت الجسر، فالسودان في 73 كان صاحب اليد العليا الذي ضحى وآثر أن يبتعث خيرة عقوله إلى دول الخليج كي يساهموا في تنميتها ورفاهها وهو الأمر الذي أثَّر بالمقابل سلباً على التنمية في السودان وكان من ضمن عوامل أخرى خصماً على التطور الطبيعي المتوقع لبلد غني جداً بموارده وثرواته، لينتهي الأمر بالعلاقة بين البلدين إلى حالة من التدخل الإماراتي السافر في الشأن السوداني و التخريب المتعمد لإقتصاد المارد الإفريقي المنهك و ممارسة الإبتزاز المالي على الحكومة المدنية لإجبارها على القبول بعروض الإستثمار الإماراتي المشبوه ناهيك عن دعم الإماراتيين لميليشيات الجنجويد و تقديم إستشارات لقائدها و مساعدته في تسويق نفسه دولياً.

يبقى السؤال، في ظل هذه الممارسات الإماراتية المضرة بالسودان و المهددة للأمن القومي السوداني ما هي الفائدة التي تجنيها الخرطوم من العلاقة مع هذه الدولة المؤذية خصوصاً في ظل أجواء الإنفتاح العالمي على السودان، و ما هي الجدوى المستقبلية من هذه العلاقة، و ما هي الخطوات المطلوبة لإعادة ضبطها و تصحيح مسارها، فقد تحولت الإمارات إلى كلمة السر و القاسم المشترك وراء كل ما يعيق السودان و يؤخر إنطلاقه.

يتبع… إعادة الضبط و تصحيح المسار (2_2)

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.