آخر الأخبار
The news is by your side.

عن برهان (١ — ٣)

عن برهان (١ — ٣)

بقلم: عثمان شبونة

* قبل الإدلاء بأيَّة جملة مفيدة أو غير مفيدة حول خطابه الأخير؛ يظل عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة واحداً من الجنرالات الذين تشكل أطماع السلطة جُلَّ تفكيرهم.. فالثابت في جنرالات الجيش السوداني أو الغالبية؛ ممن تخدمهم الظروف وصولاً لمناصب متقدمة في الدولة؛ الثابت أنهم طغاة بالفطرة؛ يدفعهم الفراغ وضحالة التجربة إلى الطغيان.. لا يتعلمون من التاريخ شيئاً يصدهم عن الغرور والعنتريات؛ رغم خلو سجلّاتهم من أي عمل وطني مشرِّف؛ بطولي؛ مُبهِر.. والبرهان نموذجاً حياً لما نقصده.

* ولأنه محور حديثنا الخاص نتساءل: ما الذي قدمه البرهان طوال خدمته في الجيش من جلائل الأعمال؟ أعني قوات عمر البشير والطغمة الإرهابية التي كانت تحكم وتسرب المذكور عبرها لحياتنا الآن.. أعني ملوك الإبادة الجماعية والإغتصاب والحرق..! و.. ما الذي خسره الوطن من وجوده؟! ولأن الإجابة على السؤال الثاني متاحة وبسيطة وواقعية يبقى السؤال الأول ليس مهماً وربما حشواً لا أكثر..!

فالبرهان كلف خزينة الدولة المليارات حتى لحظة وصوله لرتبته الحالية؛ في مقابل أنه ظل مساهماً فعّالاً في الضر على مستويات تتصاعد طردياً لمرحلة (هلك الأنفس والثمرات)! ثم بهذا التاريخ الخالي من (الجمايل) والفضائل على الوطن؛ كان الأولى أن يحترم نفسه وينتظر الرحيل دون الحاجة إلى إضافات وافتراءات تمازج سيرته البائسة.. ولكن قوة العين مع الطموح السلطوي المزلزل يجعله هكذا لا يأبه (بكونه) ولا يتذكر من سيرته ما يعكر صفو (الوهم) الذي يلازمه كظل.. وكعادة الجنرالات من الأشباه ينسون أنفسهم بكل (سوادها) وتسوِّل لهم ذات الأنفس بأن يفرضوا وجودهم كقادة ورجال دولة عظام؛ كلما نظر الواحد منهم إلى كتفه.. فمن الكتوف يستمدون لعقولهم المحدودة هذا الوهم العريض الذي يدفع ثمنه الملايين في مجال السياسة..!

* الحديث ما يزال عن أحد أفراد الجيش؛ وليس الجيش بكنهِهِ المثير للتساؤلات المحبطة والدافعة للسخط والطعن المباشر.. فمن الدقّة بمكان اعتبار هذا الجيش أحد ضحايا البرهان وأمثاله؛ ممن كانوا يندغمون حتى شعر رأسهم في منظومة الإجرام والكبائر التي تسمى الحركة الإسلاموية وأمير ظلامها عمر البشير.. كان ساكتاً كصنم على كل فعائلها إذا استثنينا (فعله الأصيل في المنظومة)! فبأي لسان يتحدث اليوم؟!

(٢ — ٣)

* لقد جاء خطاب البرهان بمنطقة وادي سيدنا مدهوناً بأكاذيب يعتبر السكوت عليها جبن إن لم يكن خيانة.. وهو خطاب عاطفي متملق؛ يخطب ود الشعب الذي آمن بأن حكم العسكر (لا يتشكر)؛ فحديث البرهان كشريك في ثورة ديسمبر تنسفه الوقائع وتتفهه تماماً.. فضباط نظام البشير وأولهم البرهان قفزوا فقط فوق الأمر الثوري الواقع.. الثورة بنيان لا شريك للشعب فيه.. لكن (المواهيم) يلوون الحقائق حتى تنكسر رقابها..! لا حسنة واحدة ينالها البرهان ورفاقه في أسباب الثورة أو دعمها حتى لحظة بداية الإعتصام التاريخي أمام القيادة العامة؛ وقد ظل الهتاف اليومي يكيل للبرهان: (الجيش جيش السودان ما جيش كيزان.. الجيش جيش السودان ما جيش برهان) وإن كان لديه قلة من مفعول الخجل لما ذكر اسم الثورة التي يمثل هو ومجلسه العسكري علامة خزي في يومياتها..!

وعار البرهان تحديداً سيظل ملتصقاً به إلى الأبد في مسؤوليته عن فض الإعتصام وفقدان وإصابة المئات في المجزرة التي حدثت تحت بصره أمام القيادة العامة للجيش.. وكيف يصدق نفسه حين يتكلم بلسان الحريص والغيور على سمعة الجيش الذي يقول عنه (مستهدف)..! من أراق ماء وجه الجيش في الوحل؟! هل هو الشعب (الضحية)؟ أم فعائلكم الواضحة كوضوح الدماء يوم المجزرة؟!

* وبدا جلياً أن البرهان ــ في خطابه ــ تأثر بحديث رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وقوله إن 82% من المال العام حالياً خارج ولاية وزارة المالية؛ في إشارة لشركات الجيش والفوضى واللا رقابة السائدة منذ عهد الفاسد الأكبر عمر البشير.. فكان ردّ البرهان في خطابه على إشارة حمدوك حامياً؛ معتبراً ما يقال عن تجارة الجيش وجرائرها على الإقتصاد شماعة يعلق عليها الفاشلون فشلهم.. وهو بهذا يعني فشل القوى المدنية الحالية في الحكومة الإنتقالية (وعلى رأسها حمدوك)..!

لكنه يتغافل عن الإرث القبيح والتدمير الذي خلفته الحكومة العسكرية التي كان برهان يحارب باسمها (ليس في حلايب)! إنها أفشل وأفسد طغمة عسكرية مرّت على البلاد.. لم يتضرر منها الإنسان فحسب؛ بل الطبيعة أيضاً.. وسيظل (الموروث العسكري) سداً منيعاً تجاه أي تقدم للسودان إذا لم تقطع المدنية دابره.. بل هو أحد مشوهات الجيش السوداني الذي (يغير) عليه البرهان الجالس فوق كرسي الحكم الآن.. أما في السابق فهو بلا لسان..! إنها الغِيرة الشتراء..!

* أما حديثه المكشوف عن شيطنة المليشيات فإنه يشي (بالمشاعر) التي يتقاسمها البرهان مع الأشباه الذين يشوهون الجيش؛ إذا بقى فيه جانب سليم من حالة الضياع والفوضى واللا هيبة في زمن الجنجويد.. ثم.. من الذي يشيطن المليشيات سوى أفعالها؟! الشيطان (لا يُشيطَن!!).. لكن اختلال المعايير وتداخل العلاقات الشخصية والمصالح الضيقة من أكبر المصائب ضد الشعب وضد الجيش الذي يدافع عنه البرهان بلا هدى وهو يعلم من أوصله لهذا الدرك! الجيش؛ ذلك الكيان الذي تلاعب به الكيزان وحشوه حشواً بكل المشوِّهات والزيف حتى صار للجنجويد وللمجاهدين الحمقى والإرهابيين اسم وقيمة..!

(٣ — ٣)

* نقاط محددة تمثل إستهبالاً وغِشاً على الذات في خطاب رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان؛ يمكن ترقيمها كالتالي.. وحتى لا أكلف القارئ وقتاً أكتفي بتعليق مقتضب مع كل رقم:

1 ــ قال برهان: إنهم يقفون شوكة حوت لكل من يريد سرقة ثورة الشباب.

* والحقيقة التي لا جدال فيها أنه لا مخافة على الثورة سوى من ناحية العسكر؛ وعلى رأسهم برهان.

* الحقيقة الأهم: أن من أسهموا في قتل الثوار أمام القيادة العامة للجيش ومن تفرجوا على المجزرة وكأنها مبارة كرة قدم؛ لا يحق لهم الحديث عن الثورة هكذا أو على أيّ نحو آخر؛ فالثورة شرف لا يطاله أمثال برهان.

2 ــ المذكور انتقد أداء الحكومة الإنتقالية وحمّلها مسؤولية تدهور الأوضاع.

* والحقيقية أن المدنيين لا يتحملون وحدهم عبء الفشل العسكري المترحِّل على الدوام للأمام.. وعلمتنا التجارب أن كلفة وجود العسكر على رأس السلطة يأخذ النصيب الأكبر في علل الإقتصاد والسياسة حاضراً ومستقبلاً؛ فلا جهة تحاسبهم وليست لفوضاهم حدود سوى (الثورة) والإسقاط..!

3 ــ إشارة البرهان إلى مناطق السودان المحتلة مثل حلايب وشلاتين؛ هي محاولة قفز لا يملك له أجنحة؛ واستهلاك سياسي يهدف إلى استرضاء الشعب وتجميل للذات لا يجدي مع الواعين الذين يميزون بين البطولة وبين إدعائها..!

* الإسلامويين الذين فرطوا في حلايب وغيرها كان برهان يخدم في بلاطهم؛ ومنذ ذلك العهد علمتنا التجربة وأيقنا أن من يقتلون الشعب يتعذر عليهم رفع البنادق ناحية الحدود المحتلة..!

* كانت مناسبة خطاب البرهان فرصة لزبد كثير؛ بعضه خرج من رئيس هيئة الأركان محمد عثمان الحسين؛ من ذلك الزبد قوله إن القوات المسلحة هي صانعة ثورة ديسمبر..!!!

ــ ألم أقل لكم: إنهم (الكيزان) الجدد؟!

أعوذ بالله

المواكب

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.