آخر الأخبار
The news is by your side.

علي عثمان محمد طه يطالب بالعدالة..!!… بقلم: خالد ابو احمد

علي عثمان محمد طه يطالب بالعدالة..!!… بقلم: خالد ابو احمد

ظللت حوالي 20 عاما أثبت للقُراء الكرام بأن قيادة النظام البائد هم خارج سياق التاريخ، كما هم

خارج سياق الإنسانية والناموس البشري، بما فعلوه ولا زالوا يفعلوا من ممارسات، ربما الحديث

الذي أدلى به المتهم علي عثمان محمد طه قبل أيام في محكمة مدبري الانقلاب المشؤوم

يمثل أكبر نموذج للمفارقة والاستخفاف بعقول البشر، واللعب بالألفاظ والكلام الفارغ من

المضامين ذات القيم الحقيقية في ترسيخ العدالة، لأن احقاق العدالة فعل عملي أكثر منه

نظري.

ومثل كل السودانيين الذين شاهدنا المقطع المصور الخاص بمطالبة علي عثمان بالعدالة في

توزيع الفرص، وقفنا عند كلمة (العدالة)، متسائلين باستغراب شديد.. هل من المعقول أن علي

عثمان محمد طه شخصيا يطالب بالعدالة، خاصة وأن الفترة الزمنية التي تفصل ما بين عهده

في ذبح العدالة ومطالبته بها لا تتعدى العامين، لذلك فإن ذاكرتنا الحية تجعلنا لا ننسى أبدا

أوامر سعادته لكتائب الظل بـ(shoot to kill) على كل الشرفاء والأحرار المطالبين بالحرية

والعدالة في اعتصام القيادة العامة.

الطريق للعدالة..

أي متهم.. في أي قضية منظورة أمام القضاء يطالب بالعدالة هذا أمر عادي جدا، وحق مشروع

كفلته كل القوانين بلا استثناء، لكن بالنسبة لعلي عثمان محمد طه الأمر يختلف تماما، بحيث لا

يفترض أن يطالب بالعدالة مهما كانت المسوغات، ومهما كانت الحجج، لأنه أبدا لم يسمح طيلة

30 عاما للعدالة أن تأخذ مجراها، قد كان هو الحاكم الفعلي للبلاد والكثير من الجرائم والحروب

الأهلية التي صنعها النظام ارتكب فيها الحروب الأهلية والمجازر كان له فيها ضلعا كبيرا، يمكننا

أن نضرب مثلا بذلك المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري محمد حسني مبارك في اثيوبيا

عام 1995م.

في هذه الحادثة المؤسفة بأوامر منه وهو المدبر الحقيقي للعملية تم تصفيه عدد من

الأشخاص، بطريقة فيها خسة وإجرام لم يسبق لها مثيل، حيث تم تصفية الشخص الذي كلفه

الرئيس الأسبق عمر البشير بالتحقيق في ضلوع جهاز الأمن في تنفيذ جريمة الاغتيال الفاشلة

من حيث الفكرة والاعداد والتمويل، بأمر من علي عثمان شخصيا قُتل الرجل رميا بالرصاص أمام

زوجته وبنته، وحسب حديث د. علي الحاج القيادي البارز في التنظيم فإن علي عثمان اجتمع

بالرئيس وحسن الترابي ليستأذن منهم تصفية بالبقية من الذين لهم صلة بالمحاولة الفاشلة،

أكد ذلك حسن الترابي أيضا في حلقات (شاهد على العصر) الذي تبثه قناة (الجزيرة).

هذه الجريمة المركبة هي الأكبر والأخطر في تاريخ السودان الحديث راح ضحيتها الكثير من

الذين يعرفهم الشعب السوداني، والذين لم يعرفهم أيضا، هل وجد أهل الضحايا وذويهم الطريق

إلى العدالة.. وهل وجدوا أي نوع من التعاطف في مثل هذه الحالات..؟!، بل إن الشخصين الذين

تم تصفيتهما في اثيوبيا حتى قيام الثورة المجيدة ديسمبر 2019م لم يتم ابلاغ أسرهما بأي

ملابسات، ولم يستلموا جثامين ولا متعلقاتهم الشخصية تماما كما حدث لضحايا 28 رمضان

1990م الذين دُفنوا في مقبرة جماعية ومنهم أحياء، عندما طالب أهلهم بالعدالة كما طالب بها

علي عثمان محمد طه في المحكمة قبل أيام، ضربتهم قوات الأمن ونكلت بهم ولم تراعي فيهم

إلا ولا ذمة..!.

التنكيل بمن يطالب بالعدالة..

في أبريل 1998م قتلت السلطات أكثر من 100 طالب بمعسكر التجنيد الإجباري في منطقة

العيلفون، ونكلت قوات الأمن بكل من طلب العدالة بالتحقيق في الحادث وبمعرفة الحقيقة

وأبعادها المأساوية.

في مايو 2000م بمعسكر التدريب الموحد للخدمة الإلزامية بمنطقة جبل أولياء، كانت حادثة

مقتل الطالب النابغة غسان أحمد الامين هارون الذي ضرب ضربا مبرحا من القائمين على

التدريب، أدى ذلك إلى وفاته، وقد أثبت التقرير الطبي الذي حرره الدكتور عبدالله عقيل بعد

تشريح الجثمان أن الطالب مات نتيجة لضرب في أماكن حساسة من جسمه، وتم منع أسرته

من اللجوء للعدالة، مثل كل الجرائم التي حدثت في البلاد.

إن مؤسسات العدالة في سودان (الإنقاذ) كانت خصما للشعب في كل سنوات الحُكم، ومن

الغريب أن غالبية العاملين في النيابات العامة وفي سلك القضاء بشكل عام هم ضباط يتبعون

لجهاز الأمن، الذين هم كوادر التنظيم (الإسلامي)، كان ذلك شاذا جدا لانه لم يسبق في تاريخ

السودان أن تكون النيابات منحازة لنظام الحُكم بهذا الشكل السافر، من المفترض في كل

الأحوال أن تكون النيابة في موقف الحياد التام، وتلتزم بالمسافة نفسها بينها وبين كلا الطرفين

المختصمين، لذلك طيلة الثلاثة عقود لم تنتصر (العدالة) للمواطنين ولأسر الضحايا في كل

الجرائم التي ارتكبت في الحقبة العنفية التي عشناها جميعا، ومؤسسات الدولة الانقاذية

العدلية بدل أن ترسخ لقيم العدل كرست لممارسة العنف والاضهاد في كافة مناطق البلاد.

حرب الملفات القذرة..!!

أما في الشأن الداخلي للتنظيم فإن كل الآراء المخالفة يكون جزاؤها الاقصاء بالألة الامنية أو

بالأساليب الممعنة في القذارة من خلال (حرب الملفات) التي لم يعرف مثلها تاريخ الصراع داخل

الكيانات السياسية في السودان، إذ ترفع ملفات الفساد لكل من يخالف رأئه راي علي عثمان

محمد طه ومن معه، ولا يستطيع كائنا من كان أن يخالفهم ويستمر في العمل داخل أطر التنظيم

المختلفة، ولا استدل إلا بحادثة اختفاء العضو الشاب الخاتم موسى يعقوب في مارس 2006م،

بعد أن اختلف مع التنظيم، وقد تخرج في بجامعة الخرطوم من كلية الاقتصاد، وأثناء سنوات

الطلب تقلد مناصب قيادية في صفوف (الحركة الإسلامية) و(المؤتمر الوطني) وسط الطلاب،

كانت له شخصية وخبرة في العمل داخل التنظيم الطلابي، لكنه بعد المفاصلة الشهيرة اختار

الضفة الأخرى (الشعبي) ثم تركهما معاً، وأصبح له رأئ مخالف للجماعة، وإلى هذه اللحظة لم

يعرف له على أثر، برغم أن والده كان مقربا من القيادات العليا في الدولة زار الرئيس السباق

الذي وجه مدير جهاز الأمن حينها صلاح قوش للبحث في الموضوع لكنه نفي نفيا قاطعا أي صلة

لهم بالخاتم موسى يعقوب.

خلاصة القول ان علي عثمان محمد طه ودولة (الإنقاذ) التي كان يتزعها لا تؤمن بالعدالة على

الاطلاق، تؤمن فقط بالحلول الدموية الاقصائية، ليتهم مارسوا هذه الفظاظة في صمت، لكنهم

كانوا يستفزون الشعب السوداني استفزازات كان وقعها صعبا أكثر من ممارسة العنف نفسه.

khssen@gmail.com

الديمقراطي

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.