آخر الأخبار
The news is by your side.

عزيزي السوداني.. أقعد في الواطة و روق المنقة… بقلم: أمجد هاشم

عزيزي السوداني.. أقعد في الواطة و روق المنقة

  بقلم: أمجد هاشم

في القرن الحادي عشر الميلادي نزح السلاجقة الأتراك من أواسط آسيا الى بيزنطة (تركيا

الحالية) وهجّروا البيزنطيين منها قسرا وإستولوا على عاصمتها التاريخية القسطنطينية

(إسطنبول الحالية) وحولوا كنيستها الأقدس أياصوفيا إلى مسجد. عزيزي السوداني إفترض

مثلاً مثلاً أن البيزنطيين طالبوا بالعودة إلى أرض أجدادهم ومهبط إمبراطورياتهم وقاموا بحشد

العالم الغربي حول قضيتهم القومية المركزية الأوروبية المسيحية البطيخية… هل ستؤيد

البيزنطيين في مسعاهم هذا من موقعك كمناصر وداعم للقضايا الإنسانية العادلة؟؟؟ أجب بلا أو

نعم. مهلاً عزيزي القارئ قبل أن تشركنا بإجابتك يمكنك إستبدال الكلمات التالية بيزنطة

بفلسطين و القسطنطينية بالقدس وكنيسة أيا صوفيا بالمسجد الأقصى والبيزنطيين

بالفلسطينيين والأتراك باليهود الإسرائيليين.. ما هو رأيك الآن؟؟ لا أو نعم. مهلاً مهلاً هذه المرة

إستبدل كلمات فلسطين بمملكتي يهوذا (الضفة الغربية الحالية) والسامرة (إسرائيل الحالية)

وإستبدل القدس بأورشليم (الإسم القديم للقدس) والمسجد الأقصى بهيكل سليمان

والفلسطينيين بيهود الشتات الأول الذين هجّرهم البابليون من مملكة يهوذا في العام 733 قبل

الميلاد لعدة قرون ثم عادوا إلى أرضهم مرة أخرى قبل أن يهجّروا بواسطة الرومان في الشتات

الثاني في العام 66 ميلادية .. ماذا سيكون رأيك هذه المرة؟؟ أجب بلا أو نعم. أنا متأكد ستختلف

وتتعدد إجاباتك على الأسئلة السابقة بين لا و نعم بالرغم من أن الأحداث الرئيسية فيهم جميعاً

هي متشابهة وتكاد تكون متطابقة ما بين تهجير قسري وإستيلاء على مقدسات دينية. عزيزي

السوداني أنا أتفهم أن من الصعوبة بمكان تقديم قراءة منصفة للتاريخ دون الانحياز لإنتماءاتك

الذاتية و بنفس القدر من الصعب تبسيط الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في جملتي الكيان

الصهيوني الغاصب المحتل والقضية الفلسطينية العادلة فالصراع أكثر تعقيدا من أن تلخصه في

هاتين الجملتين اللتان صدرتهما لنا أجهزة الإعلام العربي الموجه على مدى سنوات طويلة ولعل

أكثر الناس قدرة على إستيعاب تعقيدات العلاقة بين الفلسطينيين والاسرائيليين على الأرض

هم الفلسطينيين والإسرائيليين أنفسهم و ربما هذا هو ما إستدعاهم للجلوس والتفاوض

والاتفاق في مؤتمري مدريد وأوسلو على التعايش سلمياً وفقاً لحل الدولتين وبقيت بينهما

بعض القضايا العالقة قيد التفاوض من شاكلة عودة اللاجئين وتفكيك المستوطنات التي عطلها

إغتيال إسحق رابين في التسعينات وما تبعه من صعود للليكود، فيا عزيزي السوداني لا تكن

ملكياً أكثر من الملك، أقعد في الواطة و روق المنقة و تذكر أن إنتماءك الذاتي الأول هو للسودان

البلد المواجه الآن بتحديات وجودية خطيرة تهدد وجوده وكيانه على خريطة العالم أكثر من أي

وقت مضى بسبب تواجده في قوائم الإرهاب التي تقف عائقاً أمام أي أفق للحلول الإقتصادية.

دعونا نضع مصلحة السودان نصب أعيننا أولا وأخيرا قبل كل شئ فقضيتنا المركزية هي الفقر

والجهل والجوع والمرض وهي أولى بالدعم والإنحياز والمساندة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.