آخر الأخبار
The news is by your side.

صناعة الزعازع لاستعادة السلطة

صناعة الزعازع لاستعادة السلطة

بقلم: النور حمد

واضحٌ لكل من راقب الحالة الأمنية في البلاد في الشهور الماضية، أن هناك أيادي تعبث بأمن البلاد واستقرارها. تمثلها جهات أعلنت عن نفسها بنفسها. فقد راج قبل بضعة أشهر تسجيل فيديو تداولته وسائط التواصل الاجتماعي، قال فيه أحد قياديي الاسلاميين: “نحن ما حنخلي حكومة حمدوك تشتغل”. وكلنا يذكر حوادث العنف القبلي في بورتسودان، وحادثة انغلاق الخط الناقل للنفط الخام بالشمع، وكيف قفز سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني، فجأةً إلى الضعف، وما لبث أن صار ثلاثة أضعافٍ ويزيد. أيضا شهدت البلاد أزمةً طاحنةً في الخبز والوقود والغاز. ثم أعقبت ذلك حرائق حقول القمح في الجزيرة، وتلتها حوادث دارفور وأخيرا كسلا وكادوقلي. تستمر قيادات المؤتمر الوطني، والمؤتمر الشعبي، تتوعد، وتلوح بالعنف، فتلوذ الجهات العدلية بالصمت، وينصرف الإعلام كالعهد به، إلى “الفارغة والمقدودة”، وكأنَّ نشر ثقافة العنف والتهديد، وصناعة الزعازع، واستغلال العاطفة الدينية لدى البسطاء لا تعنيهم في شيء.

 

من آخر التسجيلات الصوتية التي سمعتها عبر تطبيق “واتساب” تسجيل لأحدهم يخاطب إخوته، بعد أن أشاد بجهودهم في خلق الزعازع، أن عليهم أن يضاعفوا الجهود، وأن يعملوا على استغلال العاطفة الدينية وسط البسطاء، (قالها هكذا حرفيا). وذكر في حديثه تجربة لهم مع “ستات الشاي”، قال إنهم قدموا لهن مواد غذائية لرمضان، وأنهن بسبب ذلك وعدنهم بالخروج معهم في تظاهراتهم المقبلة. المفارقة المحزنة هنا أن هؤلاء هن نفس ستات الشاي اللواتي كانوا يضايقوهن في كسب عيشهن ويحملوهن في “كشات” على “الدفارات”، ويصادرون معداتهن. لكن، حين وجدوا الآن أنهن يمكن أن يكن مفيدات، خطبوا ودهن، لجرهن ليقفن، بلا وعيٍ، ضد مصالحهن. هذا النوع من العقليات التي لا ترى بأسا في استغلال البسطاء لتحقق أهدافها السياسية الجهوية. وهذا الصنف من السياسيين لا يعرف ما هو القانون وما هي الحقوق وما هو النبل الأخلاقي وما هو شرف الخصومة، والنزاهة. ينتمي هذا النمط من التفكير والسلوك إلى هذه الديانة المنحولة التي جاءتنا من خارج البلاد، وقد أُلصق بها جالبوها اسم الإسلام زورا وبهتانا.

 

تشير كل المؤشرات إلى أن هناك تراخيا حكوميا في مواجهة هذا العمل المنظم لصناعة الزعازع. فعلى الرغم من أن هؤلاء يهددون، باستمرار، باستخدام العنف، جهارًا نهارا، نجد أن الشرطة، والجهاز العدلي، صامتين، والإعلام الحكومي صامت كذلك. ولسنا بحاجة إلى الإشارة إلى أن هذا النمط من التفكير السياسي، هو نفس نمط التفكير الذي خلق المتطرفين وأحدث بهم الزعازع في العراق، وسوريا، وليبيا، والصومال.، وظل يصنعها بهم، في السودان، منذ 1989، وإلى الآن. هذه الزعازع مرتبطةٌ بمشروع عابر للأقطار، لا يمثل السودان فيه سوى حلقةٍ ثانويةٍ خادمة لاستراتيجية إقليمية كلية. كل حديث من هؤلاء عن مصلحة الوطن والمواطنين، ليس أكثر من مخاتلةٍ وخداع، فاعتبروا يا أولي الألباب.

التيار

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.