شعراء ركلهم التاريخ .. الشاعر عُطيط بن جندل السكسبلي
شعراء ركلهم التاريخ .. الشاعر عُطيط بن جندل السكسبلي
بقلم: نميري شلبي
هو المنداح بن صفقفق بن هليل السكسبلي، المولود ببلدة ام مُطق بأرياف وديان الهضّل، وأول شعراء بني كُلمس في مضمار الشعر المركول ظهوراً، زارته (كديسة) الشعر أول مرة وهو متلصصاً لرقيص العروس، وهيجته (الترترة) وحت (النبق) الى جانب مهارة العروس الزينبية بنت ملحس الحتيتونة، واندلقت حينها القوافي (مجبجبة) بموسيقى طربية كشفت شاعريته المدفونة وترك لخياله العنان وفي البال أمر والده الذي الزمه بغطاء قدحه وهو (المدشدش) في هوى صفية ست اللقيمات وبنى معها الاحلام وقال في ذلك:
ما ذنبي والقلب بهوى صفية ارتوى وقد شطح
يرغمني والدي بالزواج من بنت عمي ود نطح
اظنه (جنتر) وربما للمنكر(البكري) تعاطي وقد كتح
لا ابالى بما يقرر ولن اصير يوماً غطاء للقدح
لم يبال بمحب مصدرا قراره وتمدد في سريره وانبطح
رماني بسهم شك فؤادي ولغائرات الجراح قد فتح
ليته يعلم وهوى صفية اندلق نحوي وتمدد وانكشح
هي دنياي وليال من خيال لوّنها الحب بلون القزح
هي حبور اتى نحوي مهرولا وكم كثيرا قد شبح
وسار بعدها السكسبلي (متقدلا) في دروب الشعر المركول يهجو ذو الرمة المعضّم ويمدح صديقه وفردته ايام حب الزقاقات ذو العطسة المدلباتي، وبرع في الهجاء وتخصص في (التبشيع) بذي الرمة ومن روائعه نذكر
أتتك الدمامة وسكنت في وجيهك ولن تبارح
وكيف تغادر والعيون صارت للأقذاء مسارح
مُنحت انفاً كأنه من سباليق البيوت اتخذ منافح
وخدُ أظنه من قبل كان معقلا لكل انواع الجوارح
به خدوشا كأنها مسكناً للغربان وبه ايضا مسابح.
ولا نتجاوز رد ذو الرمة والذي كانت تستهويه اشعار (الطعمجة)، ومن ردوده نذكر:
يخاطبني الاضينة بكل جرأة وتناسى وجهه الدميم
كأنه قد تمرغ على الرمال او اصطلى سنينا بالحميم
اظنه قد تناسى بأنه دون كل الخلائق للشيطان لطيم
هل يرى وجهه يا إلهي وهل يدري بأن وجهه قديم
ام تجاهل وجهه المعضم وقد ارهب وارعد كل الحريم
او اقرانه الطافشين عنه رعبا حتى صار فاقدا للنديم
ارتحل الشاعر الي وديان ام قل بحثا عن خيمة ايجار ومربط لفرسه الاجرب الهزيل وعن رفقة مأمونة وزوجة تكمل معه المسير بعد زواج محبوبته الأولى صفية ست اللقيمات من إعرابي قادم من بلاد المهجر ومحملاً بالغالي والنفيس في ذلك العصر والمتمثل في نعجة وجوز حملان وموبايل صيني شريحتين.
وتزوج بأمونة بنت ابو سعن والتي اذاقته المُر واحالت ليله نهار قائظ و(ضفرته) ضفر السودان قفل، وجعلت منه أعظم مغسل صحون وأشهر (موَرق خدرة) وفي ظل هذه الظروف اندلقت اشعاره حنيناً للهوى الأول وأخذ يشكو ضفر زوجته في كل ما كتب مثال:
اضاعتني بين الصواني والاواني وتجلية الصحون
جعلتني يا رفاقي احلم بالإقامة في اغوار السجون
علمتني كيف يكون الرجل شويفعاً… بحميرة للعيون
هجرت الشعر والقرطاس واظلمت دنياي رغم النيون
اين انت يا نديمي لتشمت فيني اصحاب الشوارب والدقون
وفي ليل (مهضلم) لحق الشاعر بالمراحيم وانطوت صفحة من حياة أعظم شاعر مضفور، متأثراً بخمة النفس ومرض اب جرط.
حاشية:
ابجرط مرض يصيب الرجال بحالة اشبه بالحالة (الدحشية) والحالة الدحشية كما نعلم هي حالة تشتهر في السوق العربي عند عبور شارع الاسفلت وعندها يتقدل (الدحش) غير مبالي بالسيارات العابرة والمعنى واضح.
