آخر الأخبار
The news is by your side.

شرق السودان والتهميش المستمر بالرغم من موقعه الجغرافي الإستراتيجي

شرق السودان والتهميش المستمر بالرغم من موقعه الجغرافي الإستراتيجي

بقلم : عثمان قسم السيد

بالرغم من الموقع الجغرافي الإستراتيجي والمهم ، الذي يحتله إقليم شرق السودان ومحاذاته لعدد من الدول المجاورة ( أرتريا ، إثيوبيا ، مصر ) وموقعه أيضا” بمحاذاة أهم ممر مائي فى دول القرن الأفريقي وهو ( البحر اﻷحمر ) وأيضا” إحتوائه على ولايات تعتبر من أهم الولايات بعد التقسيم الذي تم للإقليم وتميز تلك الولايات من الناحية الإقتصادية والثقافية والسياحية بالنسبة لبقية ولايات السودان المختلفه وهي ( البحر اﻷحمر ، كسلا ، القضارف ) .

ويعتبر الإقليم أيضا” من أهم الأقاليم التي تذخر بالكثير من الموارد والإمكانيات البشرية والإقتصادية والسياحية ، حيث نجد أن الإقليم يضم أهم منفذ بحري فى السودان وهو الوحيد أيضا” فى السودان ، حيث تعبر وتدخل من خلاله الصادارت والواردات من و إلى السودان .

وبعد إنفصال الجنوب الأخير ، أصبح هو المورد الوحيد الذي يغذي الخزينة العامة للدولة ، ويضم ميناء البحر اﻷحمر ، منطقة للتجارة الحرة ، تعتبر من أهم مناطق التجارة الحرة فى أفريقيا بالإضافة إلى ميناء بشائر الذي يصدر من خلاله البترول القادم من الجنوب إلى الخارج وميناء سواكن التأريخي الذي يعتبر البوابة الرئيسيه لشرق السودان ، وهو المنفذ البحري الوحيد الذي يسافر من خلاله الإنسان السوداني إلى الخارج .

ويتميز ويتفرد الإقليم أيضا بأنه من أهم المناطق الغنية بالمعادن مثال لذلك منطقة ( أرياب ) الغنية بالذهب .

أيضا يضم الإقليم ولاية تعتبر من أهم الولايات التي تتمتع وتتميز بعنصر السياحة فى السودان ، ألا وهي ولاية كسلا والتي تعتبر أيضا غنية بالحدائق والبساتين وتنوع الطبيعة ويشقها نهر القاش الذي يعتبر هبة الله لإنسان كسلا .

كما يضم اإقليم ، أهم وأغنى ولاية زراعية وهي ولاية القضارف ، حيث تتميز بالمساحات الزراعية الخصبة والواسعه ، وهي تعتبر مركزا” إستراتيجيا” مهما” لتأمين الغذاء فى السودان وأفريقيا بشكل عام من خلال ماتنتجه اﻷرض المعطاءة من محاصيل زراعية تعتبر العنصر الغذائي الرئيسي المهم ﻹنسان شرق السودان والسودان بشكل عام .

وبالرغم من كل تلك الموارد والإمكانيات الهائلة التي يذخر بها إقليم شرق السودان ، والتي يمكن أن تغير من حقيقة الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية المتردية فى اإقليم ، إلا أن إنسانه مازال يرزح تحت وطأة الفقر والمرض والجهل واﻷمية والتهميش المستمر ، من خلال غياب التنمية والعدالة اﻹجتماعية وإقصائه وتغييبه من المشاركة فى مواقع إتخاذ القرار المركزية والولائية وسلب حقوقه السياسية التي كفلتها له المواثيق والمعاهدات الدولية التي أقرت حقوق المكونات الأصيلة .

ونجد أن الحكومات المتعاقبة التي تولت سدة الحكم فى البلاد منذ الإستقلال وحتى اﻵن كان ديدنها تجاه إنسان الشرق هو ممارسة مزيد من التهميش السياسي والإجتماعي والثقافي والفشل الذريع فى إدارة موارد الإقليم .

وبالرغم من مرور (15) سنة على توقيع إتفاقية سلام شرق السودان ، والتي كانت قد وقعت فى العاصمة الأريترية أسمرا ، فى ( 14/10/2006 ) بين حكومة السودان وجبهة شرق السودان ، إلا أن الأوضاع مازالت كما لم تبارح مكانها حيث لم يتغير شئ غير إجراء بعض الدهانات الفوقية من خلال تمثيل ديكوري للقيادات الثلاثة فى المركز والذين إلتفتوا إلى مصالحهم الخاصة وإنشغلوا بمتعة وحلاوة السلطه ، ضاربين ببنود الإتفاقية عرض الحائط .

الشاهد والواقع ، أن إتفاقية الشرق لم تنفذ بنودها كاملة كما كان يتطلع إليها إنسان شرق السودان ، وأن نفس الأسباب والدواعي التي أجبرت أهل الإقليم على حمل السلاح فى وجه الحكومة المركزية موجودة ومتوفرة والتي تتمثل فى التهميش والتغييب والإقصاء للمكونات الأصلية على المستوى السياسي والإقتصادي والثقافي ، من خلال تهميش دورها فى المشاركة فى السلطة والتوزيع العادل للثروة ، بما يكفل لأهل الإقليم حقوقهم كاملة غير منقوصة .

عمل الحزب الحاكم البائد ، على مدار العشرة سنوات اللاحقة من توقيع الإتفاقية على إحتواء قيادات الشرق الثلاثة ، والذين أتت بهم الإتفاقية إلى سدة الحكم ، حيث حققت لهم كل أطماعهم الشخصية فى سبيل أن يتناسوا وينسوا أنهم تولوا تلك المناصب من اجل تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية ، ورفع الظلم عن أهل شرق السودان .

أما الذين كانوا يقاتلون وسط صفوف جبهة الشرق ، نجد أن القليل منهم قد تم دمجه فى القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى ، أما السواد اﻷعظم منهم قد تم تسريحهم دون أن يتم اﻹيفاء حتى بحقوقهم مقابل التسريح ، الذي تم لهم ، مما خلق غبن فى أوساط الكثير من المقاتلين والذين هم على حافة اإنفجار فى أي وقت .

ونجد أنه بالرغم من الترتيبات التي أعقبت توقيع الإتفاقية وقيام صندوق إعمار الشرق ، إلا أن معظم الأموال التي خصصت له سواء كان من الحكومة ، والتي لم تلتزم حتى بدفع المبلغ الذي وعدت به بعد توقيع الإتفاقية وهو ( 600 مليون دولار ) ، حيث قامت بدفع ربع المبلغ ، وأيضا” كانت هناك أموالا من المانحين من الكويت والسعودية ، كانت قد خصصت للصندوق ، حتى يقوم بدوره وذلك بصرفها من أجل تحقيق التنمية التي كان ينتظرها أهالي شرق السودان ، بعد توقيع الإتفاقية لكن على العكس تماما” لم يتم تنفيذ إلا بعضا من المشاريع الرمزية هنا وهناك ، حيث شاب عمل الصندوق والقائمين على أمره ، الكثير من الممارسات التي تدل على الفساد وسوء إدارة الموارد الخاصة بالصندوق .

كل ذلك أدى إلى تفاقم الأوضاع الإقتصادية والإنسانية وتجدد التهميش ، حيث تزايدت معدلات الفقر والهجرة غير الشرعية ، وغياب العدالة الإجتماعية ، فى تقديم الخدمات من تعليم وصحة وكهرباء وغيرها ، وإرتفاع معدلات البطالة فى أوساط الشباب والخريجين ، مما دعاهم إلى الهجرة خارج السودان بنسبة تتزايد سنويا” ، وإنتشار معدلات الأمراض والأوبئة ( الدرن / الكوليرا ) .

أيضا” غياب التمثيل السياسي والثقافي لإنسان شرق السودان فى المحافل السياسية والثقافية على مستوى اإقليم والمركز ، الشئ الذي خلق غبنا” إجتماعيا” الذي لامحالة سينفجر فى يوم ما” من الأيام إذا لم تحل تلك اﻷزمة ..

أيضا” هناك تزايد مضطرد لمعدلات ظواهر الإتجار بالبشر ، وإنتشار السلاح فى أيدي بعض المكونات اإجتماعية والذين يتخذون من تهريب البشر تجارة لهم .

بقي لنا أن نقول أن أزمة إنسان الشرق ، هي أزمة مستفحلة وأن هذه الأزمة لن تنطوي وتحل إلا بإعتراف المركز القابض على السلطة بحقيقة التهميش والإقصاء الذي يتعرض له أبناء شرق السودان ، وعليه أن يعطي إنسان الشرق حقوقه كاملة فى السلطة والثروة .

( هذا أو الطوفان ) .

وللقصة بقية …

عثمان قسم السيد

osmanalsaed145@gmail. com

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.