آخر الأخبار
The news is by your side.

سند قود في حالة مش قود … بقلم: جعفر عباس

سند قود في حالة مش قود … بقلم: جعفر عباس

لأنني زرت أكثر من عشرين دولة اعتبر نفسي رحالة مثل سندباد وبما أنني لست باد bad، فقد جعلت نفسي سند قود good، وتعرضت خلال أول زيارة للندن لأمور ليست قود، ومن بينها أن جاري الإنجليزي في منطقة كامدن تاون دعاني لكوب شاي في بيته وتحرش بي كلبه ثم جلس في حجري وباسني على خدي بلسانه الذي كان مثل المبرد.

ذات مرة كنت أسير في شرق لندن مع صديقي مقداد حامد الرشيد الذي انتبه الى أنه كلما مررت برصيف يمشي فيه كلب انتقلت الى الرصيف المقابل، فقال لي رحمه الله: هنا ما تخاف إلا لو عضك سوداني، فقلت له انني لا أخاف من العض بل من البوس الكلبي.

لم يكن في السي في CV اللندني الخاص بي ما يثبت انني عشت في لندن فقررت زيارة ميدان ترافلغار المشهور بالحمام وقتها، ووجدت مئات السياح يطعمون الحمام وهو يحط على أكتافهم وأيديهم، فاشتريت القمح ووضعته على كفي ثم نثرت جزءا منه تحت قدمي ولكن ما من حمامة “عبّرتني”، ولنحو ساعة كاملة فشلت في إقناع حمامة واحدة بالتقاط صورة معي، فانتابتني نوبة غضب ثم وبأعلى صوت اتهمت الحمام بالعنصرية، وانصرفت وسعدت كثيرا عندما زرت ترافلغار سكوير قبل سنوات قليلة واكتشفت انه تم تطفيش الحمام منه نهائيا.

أول مرة ركبت فيها قطار الأنفاق رأيت الناس يحشرون نقودهم في جهاز ثم يسحبون منه التذاكر، وبما أنني لم أكن اعرف كيفية التعامل مع ذلك الجهاز بل ظللت سيء الظن حتى قبل سنوات قليلة بأجهزة الصرف الآلي ATM، فقد تسللت الى القطار بدون تذكرة، ولأن سيء الحظ يتعرض لعضة كلب في “المولد” فقد جاء مفتش تذاكر وهو أمر لا يحدث في تلك القطارات إلا نحو مرة في السنة، وظل الجميع من حولي يبرزون تذاكرهم ثم جاء الدور علي وقال لي: تيكيت، أي تذكرة، فرسمت على وجهي ابتسامة بلهاء وقلت له: نو سودان، فقال: أوكي يور تيكيت (تذكرتك) فقلت له: مي يو نو سودان كم يسترداي، فأبرز تذكرة وأشار إليها وإليّ بلغة الصم والبكم، فابتسمت وأخرجت ورقة مالية من جيبي فتناولها ثم أعادها الي قائلا: فورقيت إت (أنس الموضوع).

أما الدليل القاطع على أن أمي كانت على حق في تحصيني ضد الفتنة بأن جعلتني أكمل عقد قراني على سعيدة الحظ قبل السفر الى لندن، فقد جاء عندما نظم المعهد الذي كنت ملتحقا به حفلا بمناسبة الكريسماس، وصدحت الموسيقى وبدأ الرقص البطيء وأنا وزملائي السودانيون مجرد متفرجين، وفجأة وجدت أمامي سيدة سوداء طولها نحو مترين إلا خمس سنتي وقطرها نحو مترين وربع وقالت لي: دانس؟ وتذكرت كيف انقذت نفسي من مأزق ركوب القطار بدون تذاكر، وقلت لها: نو مي سودان مسلمان!! فبرطمت بكلام لم أفهمه وسحبتني من يدي وأحاطتني بذراعيها، وصار رأسي مدفونا في برميل من الكولسترول المخلوط بالتبغ والبيرة، ولا أدري “كم لبثت” على ذلك الحال، ولكنني أذكر انني هويت ارضا عندما اطلقت سراحي وتسللت الى الخارج متهالكا كي أعوض ما فقدته من أوكسجين.

ذلك حصاد الهشيم الذي عدت به من لندن، فبينما كان أصدقائي في السودان ان اعود لأحدثهم بغزواتي مع ماري وجاكلين وجوان كان حظي من الغزوات بوست كلب ورقصة مع وحيد قرن يمشي على اثنين.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.