آخر الأخبار
The news is by your side.

ساخر سبيل … بقلم: الفاتح جبرا .. خطبة الجمعة

ساخر سبيل … بقلم: الفاتح جبرا .. خطبة الجمعة

إنَّ الحمد لله نحمده، ونستَعِينه ونستَغفِره وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين وسلم تسليمًا كثيرًا.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾.

أمَّا بعدُ عباد الله:
إنَّ نِعَم الله عزَّ وجلَّ علينا كثيرة لا نستطيع عدَّاً لها ولا حصرا ، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ غير أن هنالك نعمة في غاية الأهميَّة والخطورة ربما لا نشعُر بها، ولا نُعيرها اهتِمامنا كثيرًا، إنها نعمة الأمن والأمان، فيجبُ علينا إدراك قيمة هذه النِّعمة، وأنْ نتذكَّرها، وأنْ نعرف كيف نُحافِظ عليها، وأنْ نحذر من أسباب زوالها خاصَّة وأنَّ هنالك من الأعداء من يحاولون هذه الأيام زعزعة استِقرار بلادنا مستغلِّين في ذلك بعضًا من أبناء هذا الوطن، بإثارة نعرات القبلية والجهوية وتحريضهم على ما يضرُّهم ولا ينفعُهم، فيجب علينا أنْ نعرف قدرَ هذه النِّعمة جيدًا، وأنْ نحافظ عليها بشتى أنواع الوسائل حتى نأمنَ في دِيننا ودِيارنا.

أيها المسلمون :
إنَّ حاجة الإنسان للأمن والاطمئنان كحاجته إلى الطعام والشراب والعافية للأبدان، كيف لا وقد جاء الأمنُ في القرآن والسنة مَقرُونًا بالطعام الذي لا حياة للإنسان ولا بقاء له بدونه، وقد امتنَّ الله به على عباده، وأمرهم أنْ يَشكُروا هذه النِّعَم بإخلاص العبادة له؛ فقال تعالى: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ ، ففي رِحاب الأمن – أخوتي وأبنائي – وظلِّه تعمُّ الطمأنينة النُّفوس، ويسودُها الهُدُوء، وتعمُّها السعادة فالأمن في الأوطان مطلب كثير من الناس، بل هو مطلب العالم بأَسْرِه، إذ أن حياةٌ بلا أمن لا تساوي شيئًا، إذ كيف يعيش المرء في حالةٍ لا يأمن فيها على نفسه حتى من أقرب الناس إليه؟

عباد الله:
إن أوَّل مَطلَب طلَبَه إبراهيم من ربِّه سبحانه هو أنْ يجعل هذا البلد آمِنًا؛ ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ ولما دخَل رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى مكة فاتِحًا، أمَر أنْ يُنادِي مناد: (مَن دخَل المسجد الحرام فهو آمِن، ومَن دخَل دارَه فهو آمِن، ومَن دخَل دارَ أبي سفيان فهو آمِن)؛ لأنَّ الناس إذا أمِنُوا على أنفسهم اطمأنُّوا، وزالَ عنهم الرعب، وعادت إليهم عقولهم.

إنَّ استِقرار المجتمع المسلم الذي يهنَأ فيه بالطعام ويستسيغ الشراب، ويكون نهاره معاشًا ونومه سباتًا وليله لباسًا – لا يمكن أنْ يتحقَّق إلاَّ تحت ظلِّ الأمن، وقديمًا قيل: الأمن نصف العيش، إنَّ مَطلَب الأمن يسبق مطلب الغذاء، فبِغَيْر الأمن لا يُستَساغ طعامٌ، ولا يُهنَأ بعيش، ولا يُنعَم براحة، قيل لحكيمٍ: أين تجدُ السرور؟ قال: في الأمن، فإنِّي وجدت الخائف لا عيش له.
وكذلك العكس أيها الإخوة والأبناء ، فإذا غاب الأمنَ من بلد ما، فتصوَّر كيف يكون حالُ أهله، لو خرَج ابنك إلى الشارع لا تأمن عليه، لو ذهبتْ بنتك إلى المدرسة خشيت ألاَّ ترجع إليك، لو ذهبتَ أنت إلى عملك ظللت قَلِقًا على أفراد أسرتك في المنزل، إضافةً إلى السرقات بأنواعها في الأسواق والأحياء وأعمال النهب في الطرق السفرية والأماكن الطرفية ، وكم من بلاد غاب فيها الأمن فعاشَ أهلها في خوفٍ وذُعر، في قلقٍ واضطراب، ليل نهار، لا يهنَؤُون بطعام، ولا يتلذَّذون بشراب، ولا يرتاحون بمنامٍ، كلٌّ ينتظر حَتْفَه بين لحظةٍ وأخرى حيث عمت الفوضى، وانتشر الإجرامُ، وصدق رسول الله صللى الله عليه وسلم وهو يذكرنا بهذه النعمة حيت قال (مَن أصبح منكم آمنًا في سِربِه، مُعافًى في جسده، عنده قوتُ يومه – فكأنما حِيزَتْ له الدنيا) .
اللهم أدم علينا نعمة الأمن وجنب بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.