زيارة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا في الخرطوم
زيارة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا في الخرطوم
الخرطوم : عبدالرحمن الكيال
قدمت إلى السودان ، مدعية المحكمة الجنائية الدولية ، فاتو بنسودا ، منذ السبت الماضي ، وذلك لبحث قضية الرئيس المخلوع عمر البشير والمطلوبين الآخرين لدي المحكمة .
وقد وصلت بنسودا إلى البلاد في زيارة رسمية تستمر حتى يوم غد الثلاثاء الموافق 21 أكتوبر الجاري ، لتجري عدد من الإجتماعات مع كبار المسؤولين في السودان .
وكان في إستقبالها بمطار الخرطوم وكيل وزارة العدل ، مولانا سهام عثمان ، وعدد من المسئولين من وزارة العدل وديوان النائب العام السوداني .
وكانت بنسودا التقت في معرض زيارتها عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد حسن التعايشي ، ووزير العدل نصرالدين عبدالباري .
وكشفت المدعية العامة أن زيارتها تتناول سبل التعاون بين المحكمة الجنائية الدولية والسودان بخصوص المتهمين الذين أصدرت المحكمة أوامر قبض بحقهم .
وأضافت فاتو بنسودا ، أن “وفد المحكمة الجنائية الدولية سيقدم تنويرا للسلطات السودانية حول التقدم الذي أحرزته في قضايا المواطنين السودانيين التي تنظرها المحكمة” .
وأبلغت بنسودا مجلس الأمن الدولي يوم 10 يونيو الماضي أن علي كوشيب ، أحد زعماء مليشيا الجنجويد السودانية (موالية لنظام عمر البشير السابق) ، بات رهن الإحتجاز في مقر المحكمة بمدينة لاهاي الهولندية .
وفي أول زيارة لمسؤولين من هذه المؤسسة القضائية إلى البلاد منذ الإطاحة بنظام البشير في أبريل العام الماضي ، أكدت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ، أن زيارتها للسودان تأريخية ، مشيرة إلى أنها تبحث التكامل مع القضاء السوداني خلال تلك الزيارة .
وأضافت بنسودا ، أن الزيارة لها شقين أولهما الإجتماع بالمسؤولين السودانيين حول عمل المحكمة الجنائية الدولية في دارفور وكيفية تنسيق التكامل بين عمل المحكمة وعمل الجهاز القضائي السوداني حول موضوعات ذات الصلة بدارفور .
والثاني هو كيفية الحصول على تعاون السلطات السودانية في جمع المعلومات ذات الصلة بقضية عبد الرحمن كوشيب ، الذي من المقرر أن تكون اليوم أولى جلسات محاكمته بجرائم حرب في دارفور ، بعد أن قام بتسليمه نفسه خلال وجوده في جمهورية أفريقيا الوسطى في يونيو الماضي .
وتتزامن زيارة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا التأريخية إلى الخرطوم ، مع تنامي الضغوط المدنية لتنفيذ إستحقاقات ثورة ديسمبر المجيدة ، والتي من ضمنها الإستجابة لطلب تسليم رموز النظام السابق وبينهم الرئيس المعزول عمر البشير إلى المحكمة الدولية .
وتباينت المواقف بين أقطاب السلطة في السودان حيال هذه الخطوة حيث أن هناك شقا يرى بضرورة تسليم البشير ورموز نظامه الضالعين في جرائم بدارفور إلى المحكمة الدولية ومقرها لاهاي ، بينما هناك طرف يمثل المكون العسكري يتحفظ على هذه الخطوة ويرى بضرورة محاسبتهم في الداخل .
من جانبه أكد رئيس مجلس الوزراء ، دكتور عبد الله حمدوك ، في أغسطس الماضي ، علي ضرورة الإسراع في محاكمة الرئيس السابق عمر البشير وآخرين في قضايا الفساد والإنقلاب ، لافتا إلى أهمية العمل على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بمثول المتهمين أمامها .
وأعلن رئيس الوزراء أمس ، الأحد ، عن إلتزام بلاده بتحقيق العدالة إستجابة لتطلعات ثورة ديسمبر المجيدة .
وكان مكتب دكتور حمدوك ، قد أكد أن إلتزام السودان بتحقيق العدالة ليس من الإلتزامات الدولية فحسب ، وإنما يأتي استجابة للمطالبات الشعبية بإقامة العدل .
إلي ذلك أكد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) ، علي إستعداد السودان للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن المطلوبين لديها ، وشدد في الوقت نفسه على إستقلال القضاء السوداني .
وحث القيادي بقوى الحرية والتغيير جعفر خضر ، حكومة حمدوك للإسراع في الإيفاء بإلتزاماتها .
وقال خضر: “طالما أن إتفاق السلام نص على تسليم البشير ، بجانب أن هناك وعدا بأن تسليمه سيؤدي إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، فإن تسليمه بحسب هذه المعطيات يعد أمراً مفيداً” .
وإستدرك جعفر قائلاً “لكن يجب أن تتفاوض حكومتنا المدنية مع الجنائية ، لأن البشير له جرائم أخرى بخلاف الإبادة في دارفور ، كإنقلاب الإنقاذ والإنتهاكات الواسعة والقتل والفساد في كل أنحاد البلاد” .
ودعا القيادي بقوي إعلان الحرية والتغيير ، إلي أن كل تلك الجرائم يجب الإتفاق عليها مع الجنائية ، بجانب محاكمته عليها بالداخل ، وعزا ذلك إلى أن المحاكمة على جريمة واحدة لا تلغي جريمة أخرى ، بجانب أن الجنائية عقوباتها أقل ردعا ولا تتضمن أحكاماً بالإعدام” .
وفي السياق رحبت هيئة محامي دارفور ، أمس الأحد ، بزيارة المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية ، وفريقها المساعد ووصفت الزيارة بـ”الحدث التأريخي المهم” لأسر الضحايا .
وأضافت الهيئة في بيان لها: “أنها ستخاطب مجلسي السيادة والوزراء بضرورة الوفاء بتعهدات وإلتزامات السودان الدولية ، بالتعاون مع المحكمة وتسليم جميع مرتكبي الجرائم لمحكمة الجنايات الدولية ، وتسهيل أي إجراءات يمكن أن تتخذ في الحصول على أي بيّنة تطلبها محكمة الجنايات الدولية” .
وثمن البيان إتجاه السودان نحو التعاون مع محكمة الجنايات الدولية والأسرة الدولية للحيلولة دون إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب .
مما يجدر ذكره أن المحكمة الجنائية الدولي كانت قد أصدرت ، في أعوام 2007 و2009 و2010 و2012 ، مذكرات إعتقال بحق كل من الرئيس المخلوع عمر البشير ، ووزير دفاعه الأسبق عبد الرحيم حسين ، وأحمد محمد هارون أحد مساعدي البشير ، ووزير الداخلية الأسبق ، وكوشيب ، بتهم إرتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في ولايات دارفور .