آخر الأخبار
The news is by your side.

زعامات الادارة الأهلية إعادة تموضع

زعامات الادارة الأهلية إعادة تموضع

بقلم: الفاتح داؤود

كشفت أحداث كسلا الدامية ان ثمة قصور كبير في اداء العقل السياسي الذي يفكر ويخطط للتحالف الحاكم .

هذا العقل المازوم قد فشل في ان يستوعب تعقيدات الخارطة الاجتماعية والسياسية بالبلاد ومدي تأثيرها في صناعة السلم الاجتماعي فبدلا من استيعاب هذا الواقع ومعالجة أزماته بالحكمة والحنكة عمدت حكومة حمدوك الي تجاهل هذه الحقائق وانكارها بصورة ممعنة في الغباء.

خاصة في مجتمع لازالت الرابطة القبلية فيه متفشية ومسيطرة بصورة كبيرة جدا بحيث لايمكن تجاوزها.

إنما ينبغي استيعابها و تطويرها واعادة تكييف أوضاعها القانونية وتحديد ادورها المستقبلية وفق مراحل حتي تتحول إلي أحد رافعات التغيير بدلا من آليات الدمار.

هذا الواقع لايمكن تجاوزه بقرارات سياسية مفاجئة وغير مدروسة بهدف إنكار جوده أو تجاهل شخوصه.قد تعاملت الانقاذ مع الإدارة الأهلية بمنتهي الانتهازية عبر سياسة الترغيب والترهيب من خلال توظيف الزعامات القبلية في خدمة مشروعها السياسي بهدف اطالة أمد حكمها حيث أغدقت عليها الأموال ومنحتها المناصب بسخاء و قد نجحت في ذلك بذكاء تحسد عليه .

اما في عهد الثورة و مشروع البناء الديمقراطى ربما قد لا تتوفر تلك المزايا من ترهيب وترغيب إنما الاجدي هو اقناع و مشاركة زعامات الإدارة الأهلية في التغيير بدلا من  شيطنتهم لأن أغلبهم لايدير أتباعه من منطلق ايديولوجي او حزبي إنما تقاليد واعراف راسخة اذ يعتقدون أنهم يستمدون سلطة اجتماعية لهم وقبائلهم ينبغي تقاسمها مع السلطة السياسية فى المركز.لأن ذلك يتيح لهم قدرا من السيطرة والمسؤولية والقوة والوجاهة الاجتماعية فى اطارهم الاجتماعى والقبلى وفي تاريخ السودان السياسي عادة يلعبون دور الحليف الاستراتيجي للسلطة الجديد أيا كانت أطرافها احزاب او عساكر طالما ذلك يحافظ علي وجودهم ويؤمن امتيازاتهم.

لذالك مالحكمة من تجاوزهم أو تهميش دورهم في هذه المرحلة طالما لا زالت المجتمعات المحلية تكن لهم قدر من الاحترام والتقدير.

 النبي (ص) عندما دخل مكه كان يعلم أن ابو سفيان فى موقف المهزوم الضعيف المستسلم وكان يعلم انه فى ذات اللحظة أنه مغرم بحب السلطه و يعلم مكانته فى قومه لذلك قال من دخل دار ابا سفيان فهو آمن.. مع انه كان يعلم انه ليس للناس حاجة في دخول دار ابي سفيان وكان بوسع كل واحد دخول داره او المسجد الحرام..لكنه اي النبي كان يدرك أن الرجل في حاجة الي وجاهة اجتماعية حتي لو كانت رمزية ومن المهم (نفسيا) أن يشعر أنه شريك فى صناعة هذا الواقع الجديد وانه لازال يتمتع بذات المكانه.

الاوضاع الاجتماعية خارج الخرطوم علي درجة عالية من التعقيد وان هذه التركيبة الاجتماعية والقبلية لايمكن إدارتها بمجرد اصدار قرارات مركزية او تنفيذ تصورات افندية لاعلاقة لهم بالمجتمع.من المهم أن يفهم صناع القرار أن لكل مجتمع مفاتيح ومداخل وله خصوصية واعراف اجتماعية ينبغي مراعاتها وتوقيرها.

الاحداث كشفت أن قيادات قوي الحرية والتغيير مجرد مثقفاتية لا علاقة لهم بالواقع السوداني إنما هم مجرد نخبة خرطومية لاتفهم كثيرا في تعقيدات الواقع لذا عليها إعادة تصورها للناس والأشياء والمجتمعات والا تسعي إلي منازعة الإدارة الأهلية حقوقها التاريخية وتصنيفها وشيطنة قياداتها على صفحات ناشطيها الموجهة باعتبار أنها قوى مناوئة للثورة والتغيير لأن هذا الحكم المتعجل ستكون له عواقب كارثية .

ينبغي عليكم اشراكهم واستشارتهم ومنحهم ادوار حقيقية تليق بمكانتهم وحقهم في إدارة مناطقهم و الرجوع إليهم واستشارتهم قبل اتخاذ قرارات تخصهم.بدلا من تصدير الاخطاء الادارية وعدم الفهم وقصور الرؤية..

وحتي لو نشأت اشكالات لابد من الاستماع الي افاداتهم وارائهم للوصول لحلول عبر الرضا والتوافق بدلا من التجاهل والاستفزاز.من الافضل استيعاب قيادات المجتمعات القبلية وجعلها جزء من الحل بدلا من أن تكون جزء من الازمة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.