رفع الدعم مهما قدمت له من دفوعات هو قرار يفتقر للانسانية
بقلم: د. سبنا امام
ان اكبر اهمية للدعم السلعي في الدول الفقيرة هي المحافظة على البنية الاخلاقية للمجتمعات والتي يمزقها الفقر إربا إربا. فحتى لو نجح رفع الدعم في اصلاح الاقتصاد وهو ما لن يحدث ابدا في السودان في ظل وجود التشوهات الهيكلية العميقة في البنية الاقتصادية والاجتماعية المعيقة للانتاح والاستثمار. والتي كان من المفترض اصلاحها اولا قبل معالجة قضية الدعم. فإنه فقط سيحول السودان لغابة يأكل القوي فيها الضعيف وستصبح البلاد مرتعا ومستنقعا لتجارة المحرمات التي ستكون المصدر الوحيد لفرص العمل.
كيف يمكن ان يترك شعب اكثر من نصف سكانه فقراء دون دعم طعام او وقود او دواء وننتظر ان تستقيم اخلاقهم.
قد يكون الدعم سببا من اسباب الفقر ولكن غيابه سيأتي بكارثة جديدة وهي البؤس سيتحول الفقراء الى بؤساء وتتحول الطبقة المتوسطة الهشة اصلا الى طبقة فقيرة.
لا توجد دولة واحدة في هذا العالم لا تدعم مواطنيها بشكل مباشر اوغير مباشر . بل ان الدول الأوروبية لم توقف دعم المدارس ودور الايتام وتقديم بطاقات الطعام والدواء حتى بعد خروجها مدمرة كلية من الحرب العالمية الثانية ان الدعم هو حق من حقوق المواطنة كل الاطفال دون سن الثامنة عشرة يجب ان تدفع لهم اعانات نقدية ويعالجوا على حساب الدولة.
كل المعاشيين وكبار السن يجب ان يعالجوا على حساب الدولة .
كل من فقدوا أعضاء من اجسادهم من افراد القوات النظامية يستحقون الدعم من الدولة .
كل الامهات الارامل والمطلقات اللاتي يربين ابنائهن لوحدهن يستحققن الدعم من الدولة.
كل الاطفال مجهولي الوالدين يستحقون الدعم من الدولة.
كل ذوي الاحتياجات الخاصة يستحقون الدعم من الدولة.
الشركات والاستثمارات الصغيرة والناشئة تستحق الدعم من الدولة .
رفع الدعم مهما قدمت له من دفوعات هو قرار يفتقر للانسانية ولا يأخذ في الاعتبار الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للسودان وهو نظام جبائي يخدم نظام الحكم البوست كولونيالي الذي يفصل بين الحكام والمحكومين وبين الدولة والفرد فيعطي الحكام كل اساليب الراحة وكل الحقوق فهم يأكلون ويركبون ويتعالجون بل ويتنزهون بدعم كامل من الدولة فيما يترك للمحكومين الفتات ليتقاتلوا عليه حتى الموت في حرب وجودية كل الاسلحة فيها مشروعة ولا مكان فيها للانسانية او الأخلاق.
