آخر الأخبار
The news is by your side.

رؤياي ورأي الآن   … بقلم: سعد محمد عبدالله   .. الثورة وعقلية السودان القديم

رؤياي ورأي الآن   … بقلم: سعد محمد عبدالله   .. الثورة وعقلية السودان القديم

مرت الدولة السودانية بمراحل تاريخية كان العقل السياسي فيها يتشكل من منطلقات العنصرة المعتمدة في تركيبتها الأساسية علي القومية الإثنية والجهوية والدين، هذه العقلية كانت تحكم السودان منذ الإستقلال مرورا بالحكومات الدكتاتورية وأخرها نظام الإنقاذيين الإسلاموعسكريين، وخلال كفاح السودانيين طوال الحقب الماضية تشكلت حركات المقاومة التقدمية الرافضة للإرث المفاهيمي القديم الذي فرق السودانيين وتسبب في إنقسام الدولة إلي دولتين، وبدأ الشعب يبحث عن سودان جديد تكون فيه السودانوية أساس هوية المجتمع والمواطنة حق لكل شعب السودان، ولما خرجت الثورة الشعبية ضد السلطة الإنقاذية الفاسدة كان العقل الجمعي ناضج والمطالب واضحة لا يمكن تغبيشها تحت أي شعارت إقصائية، فالشعب يطالب بالعدالة والسلام والحرية والديمقراطية ومصر علي علي حماية ثورة التغيير حتى أخر لحظة، ولكن آثار العقلية القديمة ما زالت تشكل حاجز أمام إعادة بناء السودان علي أسس جديدة تمكنه من بلوغ النهضة الإقتصادية والسياسية وإزدهار الفكر والفن والإبداع في كافة مناحي الحياة لمواكبة عصر التطور السريع، هذه العقليات كانت تسيطر علي الحكومات وتعتبر مصادر سياسات التسلط علي المجتمع خاصة المهمشين الذين ينامون تحت ضجيج البنادق وطائرات الأنتينوف في مناطق النزاعات المسلحة والملايين منهم نازحين ولاجئين يعانون الجوع والعطش داخل المخيمات والتشرد في دول المهجر، هؤلاء جميعا شاركوا في مناهضة الحكومة العنصرية طوال الثلاثين عام التي مضت وكانوا جزء أساسي في ثورة ديسمبر التي خاضها الشعب السوداني بكل فئاته، فكل سوداني ثار من أجل قضاياه ولكنهم توحدوا حيال قضية السودان داخل ميادين الإعتصام في المدن والأرياف، وطالب الجميع بدولة سلام وديمقراطية ومواطنة بلا تمييز.

الخطر الذي كان يحدق بوحدة السودان هو عنصرة الحكومات تجاه مكونات الشعب السوداني، لكن الأخطر من ذلك تحول بعض حلفاء الثورة الذين لم يجلسوا علي كراسي الحكم إلي حكام باعتبار ما قد يكون لاحقا وهذا أشبه بحكاية شراء طائر ما زال يحلق في الهواء، هنا ظهر مفهوم السودان القديم مرة آخرى لكن ليس من قبل حاكم بل من أقرب الحلفاء المنوط بهم إخراج البلاد من دائرة الحرب والفساد والإستبداد لأنهم جزء من القوى الوطنية التي كانت تعاني ويلات القهر في العهد السابق وبالتالي هم شركاء الثورة ويحتاجهم الوطن في مشوار المستقبل من أجل إحداث التغيير والتحرر والتعمير، فمن الغريب جدا تحول حليف الثورة بين ليلة وضحاها إلي جلاد يخاطب من كانوا معه في خندق واحد بلغة الإستعلاء والوصاية التي لا مبرر لها، فالثورة شارك فيها كل الشعب وطالب بالسلام والديمقراطية لكن للأسف هناك من يحاولون لعب دور الإنتهازية وبعض الدوائر المعارضة تحاول فرض قراراتها علي الآخرين وهذه أساليب سلبية لا تبني سودان ديمقراطي، يجب الإرتفاع إلي مستوى هذه الثورة وترك الثرثرة ودس الأجندة الإنتهازية داخل قضايا الوطن التي لا تحتمل أقل تهاون اول تسويف ومماطلة، يجب أن يعمل الجميع بشفافية ووضوح من كل المنصات لتحقيق أهداف ومرامي تلك الثورة المجيدة.

إننا نتحدث عن هذا الوضع المرير لا نسعى إلا لما يخرج البلاد من محيط الظلام إلي البر حيث يكون النور لكل السودان، نتكلم الآن بعد مرور أيام علي إجتماعات أديس أبابا بين الجبهة الثورية السودانية ومكونات قوى الحرية والتغيير حيث تم الإتفاق علي تحقيق السلام الشامل والديمقراطية الكاملة بمشاركة الجميع وإستبشر الشعب بهذه الخطوة رغم تعثر تلك الإجتماعات بتوقيع قوى الحرية والتغيير علي الإعلان السياسي مع المجلس العسكري دون تنسيق ولكن لإعتبارات كثيرة تم تدارك ما حصل ولم يؤثر علي إجتماعات أديس أبابا، وكان الأمل في معالجة تلك الأخطاء بتضمين إتفاق أديس أبابا في الإعلان الدستوري ولكن ذلك لم يحدث بسبب النيران الصديقة التي أطلقت لتصيب الجبهة الثورية فأصيب الوطن بأكمله، ورغم كل ما حدث هنالك فرصة لوضع معالجة حول الإعلانات السابقة لجعل قضايا السلام والديمقراطية تسير نحو السودان الذي يحلم به السودانيين دون تجنيب قضية علي حساب الآخرى كيما نصل معا للتغيير الشامل.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.