آخر الأخبار
The news is by your side.

دموع لم تجف … قصة قصيرة … بقلم: سامح ادور سعدالله

دموع لم تجف … قصة قصيرة … بقلم: سامح ادور سعدالله

الشمس قررت الرحيل , هي ترتدي ثوبها القرمزي الجميل المنسوجة خيوطه من أَشَعتها الرقيقة الباهتة حتما سوف تزول بعد قليل . الفلاحوُن الآن انتهى عملهم بالحقول عائدين و بصحبتهم مواشيهم , هم يغنون أغانيهم الفلكلورية القديمة , المنسجمة مع تغريد الطيور السعيدة  بالحصاد , هذه الحزم الصفْراء التي تملأ الوادي , أسراب الأوز العِراقي يصْرخ  يشُق حاجز الصمت , الكل سعيد بالخير القادم.

على الجانب الآخر كان المشهد مُغايرا تماما . فتاة تجري في اتجاه  الشمس الغاربة مُتخذة من الغروب مسارها  عكس اتجاه الآخرين بوجه كئيب و قلب مكسور تتراكم عليه الأحزان و الأوجاع ,تبعد أكثر نحو الجبل الجاثم الذي شرع يبتلع قرص الشمس خَلفه. تتقدم بسرعة نحو هذا القلب الجامد القاسي . لعلها تجد  ما يسلو عنها و لكن كيف ؟!

ألهذا الكيان الصلب العاتي يستطيع أن يحنو و يضم ويحوي ؟.

ياللفتاة التعيسة البائسة  و التى قدمت نفسها قربانا للمعبود الموجود داخل حجرتها . قد خانها حظها العاثر يوم أن جلست تتأمل مرآتها و التي وجدت فيها لوحات متعددة كُل صورة فيها هي انعكاس لجمالها من جميع مفَاتنها . كانت المرآة  كذبة  كبيرة ,لكن أظنها كانت الحية التي  قد جاءت من عالم  بعيد من خلفِ الجدرانِ الافتراضية , قد عادت من جديد في صورة جديدة غير معروفة  لَم يكن لأى شخص أن يتوقع قدومها . فهذه  ليست المرة الأولى التي تأتي فيها هذه الملعونة و المدهش رِغم كُل التحذيرات التي نادى بها البعض قديما , إلا أننا كثيراً ما نجد أنفسنا ضحايا لها .  عاشت الفتاة في عزلة عن مجتمعها , كثيراً ما تنفرد بمعبودها  القابع معها في نفس الحُجرة  .

كانت تحلم أحلاما غريبة على المجتمع و الوضع و الكيان الخاص بها .

فل  يجوز هذا لذاك و لا هذه لتلك , قررت بعد فترة أن تعيش خارج حدود موطنها ,من خلال مرآتها التي كانت تفتح بوابتها الزمنية  لتعبر للعالم الآخر , هناك تجد سلوتها و تعيش أحلاما وردية  ليس هنا في عالمنا القَاسي الحاد الذي  يفرض قسوته و بشاعته على الفرد الضعيف  كالذين فضلوا أن يعيشوا حياتهم هناك .في عالم غير محسوس ملموس  معنوي غير مادي .

فَرغت كل طاقتها هناك . عاشت أجمل أوقاتها برفقة الأشباح و الجنيات  في عالم خفى غير محدود  بمكانٍ و لا زمانٍ  رغم أنها تعرف جيداً  تقدير المكان, لأنها تعرف جيداً متى تدخل إليه و متى تخرج منه .

ذات مرة دخلت إلى مرآتها عبر بوابتها الدائرية و قررت أن تصنع شيئاً عظيماً لا يجرؤ عليه أحد حتى الأقوياء . هى تلك ما لا يملُكوه حتى العُظماء , دخلت من مرآتها إلى حديقة خضراء منتشرة فيها الخمائل و الطيور و الحيوانات البرية أليفة و مفترسة و ذهبت إلى  البُحيرة المسحورة و جلست تتأمل من جديد مفاتنها و جمالها فلَم تكتفي بمعبودها و مرآتها, فيما هي شاخصة إلى البُحيرة, خرجت إليه حورية من حوريات البحر دارت بينهما أحاديث طويلة, ابتسامات جميلة  طلبت أن تصحبها معها , وقفت على الفور و نزلت إلى قاع البحيرة و من كهف إلى كهف , عند أحد الكهوف وجدت أمير البحر مُقيدا مأسورا في أحدِ أركانِ الكهف رق له قلبها  تعلقت به لجماله  ووسامته  طلب منها المساعدة  , قبلت على الفورِ و نجدته و حلت قيوده .

بعدما أصبح حراً طليقاً  . فرحت به و ألتهب قلبها لأجله و أشتد الغرام  وأفُتتن بها سَيد البُحيرة  أعطاها مواعيد كثيرة صنع لها تاجا من ريمِ البحرِ  جميلاً جداً وضعه على رأسها  و جعلها ملكة على البُحيرة المسحورة  , ملكة على الأوهام المَنثورة , لَم يستغرق الوقت كثيراً جاءتها عَروس البحر  تُذكرها بميعاد العودة  رجعت إلى شطِ البُحيرة .

منها إلى بوابة المرآة و خرجت من العالم الخفي إلى حجرتها  و قد صدمت بالوضع المتغير تغير شامل  .على البطنِ المُنتفخ و بعد فترة أدركت الأمور من حولها استيقظت من غفلتها بعد فوات الأوان  لا   ربما هناك المزيد من الفرص  و العودة . 

جرت مسرعة في اتجاه الغروب , قرص الشمس ابتلعه الجبل تماما  و فقدت وعيها  و سقطت على رماله الخشنة  المطعمة بالحصيِ المدبب و المسنن  جاءها ألم المخاض بقوة و التي لَم تتحمله و كانت مرآتها التي تتبعها طوال الطريق قد سقطت هي الأخرى على صخرةِ الجبل العاتي .

 

 

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.