آخر الأخبار
The news is by your side.

حملة النظافة وتحدي استدامتها – 1 من 2

حملة النظافة وتحدي استدامتها – 1 من 2

بقلم: د. النور حمد

يحمد لوالي الخرطوم الجديد، الأستاذ أيمن خالد نمر، تدشين ولايته بحملة شاملة لنظافة كل أسواق وأحياء العاصمة القومية. وقد ورد فيما تناقلته وسائط الإعلام أن هذه الحملة سوف تستمر لمدة مدى أسبوعين. ورغم أنني أمقت كلمة “حملة نظافة” أشد المقت لكونها ظلت تستخدم في إطار حملات العلاقات العامة لتجميل وجه السلطات الفاشلة. ولقد اعتدنا منذ حقبة نميري وما تلاها، أن تكون حملة النظافة مجرد فورة، لا يلبث أن يذهب زبدها جفاء. غير أن الحالة المزرية التي وصلت إليها العاصمة القومية لم يكن من الممكن معالجتها إلا بحملة ابتدائية، بها يزال هذا التراكم المزمن، ليتمهد الطريق لوضع نظام ثابت مستدام لنقل النفايات.

نعرف جميعًا أن الخرطوم من أكثر عواصم العالم اتساخًا، هذا، إن لم تكن الأكثر اتساخا على الإطلاق. ولقد كنت أعجب للمسؤولين في الولاية وفي المحليات الذين يمرون بأسواقها وشوارعها ومجاري مياهها، كل يوم ولا يحرك فيهم ساكنا ما يرونه من هذه الحالة من الاتساخ الشامل. ولعلي لا أبالغ إن قلت إن الاتساخ قد بلغ درجة أصبح معها من المستحيل أن ترى على الأرض قدمًا مربعًا واحدًا في أي جزء من العاصمة وهو خالٍ تمامًا من شيء جرى إلقاؤه عشوائيا. وقد أوصل العجز وقلة الحيلة بعض المحليات أن تدعو المواطنين لوضع أكياس القمامة في الشوارع الرئيسية. فأصبحت أطراف الشارع والرصيف الواقع في منتصف الشارع مكبًا للنفايات. وأخذت النفايات نتيجة لقلة عربات النقل وللأسلوب غير المدروس في الجمع تفيض عن رصيف المنتصف لتحتل جزءًا من الشارع من الجهتين حول رصيف المنتصف. وهكذا أصبح منظر الأوساخ، في بعض الأماكن، ممتدًا بلا انقطاع، لكيلومترات. يضاف إلى ذلك، أن هذا الإلقاء العشوائي للأكياس على الأرض، وعلى طول الطريق، قد جعلها عرضة لنبش الكلاب والقطط الضالة، ما قاد إلى أن تنشر الريح الأوساخ على نطاق واسع جدا. وأن يصبح هذا الركام الممتد من الأوساخ بيئة لتوالد الذباب ولانبعاث الروائح الكريهة.

التحدي الذي يواجه الوالي الجديد، الذي أظهر همة عالية، لم يظهرها من سبقوه، هو النجاح في وضع نظام مؤسسي محكم لنقل النفايات يقوم على استرشاد بتجارب الشعوب الأخرى. فنحن لن نعيد اختراع العجلة في هذا الشأن. فهناك شعوب أفقر منا وأقل تعليمًا من شعبنا، ومع ذلك فإن مدنهم وأحياءهم أنظف من مدننا وأحيائنا. فنقل النفايات فرع من فروع علوم الإدارة، وقد أغرق في العلمية بعد أن شرعت البلديات حول العالم في الأخذ بنهج إعادة تدوير المخلفات.

يقتضي النجاح في تحويل نقل النفايات إلى عمل روتيني محكم مستدام لا ارتجال فيه، توفر عدد من العناصر، منها: القوة الميكانيكية الناقلة والآليات الكافية، إضافة إلى الوقوف على صيانتها بصورة مستمرة. فما أكثر ما استوردنا من آليات وما أكثر ما أهدي إلينا منها. لكنها كانت لا تلبث أن تنتهي إلى خردة متراكمة في حيشان المحليات. ولقد رأيت قبل بضعة أيام فيديو جرى تصويره من داخل حوش تابع لمحلية كرري، مليء بآليات وبسيارات معطوبة من سيارات نقل الأوساخ، وهي معبأة بالأوساخ. ويعجب المرء كيف أن هذه السيارات مملوءة بالأوساخ وانتهت إلى حوش المحلية بدلا من أن تنتهي إلى المكب العام النفايات. وأيضًا لماذا تركت في الحوش بهذه الصورة؟
(يتواصل)

التيار

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.