آخر الأخبار
The news is by your side.

حكايات الجميلة وتخريج السنابل

حكايات الجميلة وتخريج السنابل

( حديث في حضرة ابنائي وبناتي دفعة ٢٠١٦م كلية الجغرافيا)

بقلم: دكتور.. محمد النتيفة

 

(مدخل طوييييل)

…. هنا جامعة الخرطوم دوحة الوطن واتكاءته على كتف الاحلام وحديقته الغناء وشريانه الدفاق بالحب والوطنية والتفرد والحياة نيله الثالث وعصبه السابع وأحاجيه عند النوم .
… كنا هنالك طلابا ثم اساتذة تعلمنا فيها ما لو تمنيناه ما استطعنا اليه سبيلا
…. دع عنك كل فكر و( وتعال أقول ليك) كل رابطة ودائرة وصل بينك وبين الاخرين لا تضاهي أبدا رابطة الدم والروح والرحيق والفكر والفرح والحزن و( النغنغة والفلس) والتنافس الشريف على رأس الدفعة حيث المجد حينها لمن سهر الليالي ( أساطين العلم يا يمة ينسوا العشرة في فد يوم يدفروك زى دفر الطبالي) أو كما قال الدكتور الشاعر محمد ود بادي فرابطة الانتماء للجميلة ومستحيلة شئ عجيب وفوق كل رابطة وانتماء.
…… حكايات الجامعة لا تمل ولا تكل هنالك في شارع المين ونحن يفعا يملؤنا الامل ويحتوينا الشباب وتنضح أرواحنا بالتطلع والطموح كنا نقطعه في الامسيات ما بين ( كل طائر مرتحل عبر البحر قاصد الاهل حملتو اشواقي الدفيقة ) و ( يا سلام منك انا ااااه يا سلام يا سلام) و ( وكبرت كراعي من الزعل من تحتها اتململ تراب) ( وفلق الصباح زورني اهو نورك لاح خلي ) هذه قلعة لا تدخلها الا عيون الشعر وباذخات الاغاني والمفردات المنتقاة من عيون الكتب (وغميسات) العقول والساعة حداشر ونص دقت ساعة الكولنق العجيب صبيان وصبايا يشع النور من وجوههم ( والصفقة فوووق) والوطن في حدقات العيون….

اتحاديون نعم
ديمقراطيون نعم
احرار نعبر فوق الموت
نحتضن الوطن

ثم ..
ميري كلمينا عشة حدثينا
كل سونكي يبقى يبقى مسطرينا

ثم….
اسلامية بس
نحن للاسلام قمنا نبتغي رفع اللواء
لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء
فليعد للدين مجده او ترق منا الدماء
( غايتو لغاية هنا سمحة بس الزيادة ما كان في ليها داعي) (فلترق منهم دماء او ترق كل الدماء)

ثم……
من لدن الدالي ومحمد طه محمد احمد وعمر الدقير والمعتصم عبد الرحيم والحاج وراق والخاتم عدلان واساطير قهوة النشاط الى زمان محمد الفكي والتعايشي وشيراز محمد عبد الحى وسعد عبد القادر ومحمد فاروق والناجي عبد الله ومحمد زكريا ومحمد فول وخالد عويس وعصمت الدسيس وايمن خالد وباقة ورد من الاتحاديين وحزب الامة والاسلاميين والبعثيين والشيوعيين والمحايدين وانصار السنة وحق وحسم وووووووو مباريات في النقاش والفكر والافكار و(مرات بتجيب ليها سيخ عديل وملتوف) فنحن شعب بعضنا ان (غلبتو الحجة بلجأ للضراع ) ( والما بخاف الله خافو) تاريخ من المساجلات وتلاقح للافكار وصدام للايدولوجيات.
……. كانت الجامعة بؤرة اشعاع للعلم والافكار والاشعار والحكايات المستحيلة كل من مر عليها ترك بصمته في تاريخها وتاريخ السودان وتاريخه الشخصي ويا لطرق اعشوشبت بالبنفسج والياسمين بعد أن وطئتها أقدام من الأفذاذ والعباقرة والنشامى.
….. هنا محمد عبد الحى والحسين الحسن وعبد الله الطيب وأكولدا مانتير ومهدي امين التوم وعبد الحميد بله النور ومحمد الواثق واحمد محمد سليمان وعبد الله محمد احمد ومحمد هاشم عوض والضو مختار واولاد حياتي وسمير شاهين ومحمد احمد علي الشيخ والحبر يوسف نور الدايم والامين عبد الجليل ومحمد الهادي ابوسن وحسن ابراهيم حسن وسيد البشرى ومحمد توم ومحجوب عبيد طه وبشير عثمان وفدوى عبد الرحمن ويوسف فضل وكمال الدين الطيب وسامي شريف ومدثر التنقاري وعبد الملك عبد الرحمن والنزير دفع الله والترابي والنعمة وعلاء الدين الزاكي وحمد النيل محمد الحسن وعبد العظيم عثمان واولاد شداد وصديق مصطفى الريح وبشير ادم وفيصل محمد عبد الوهاب وعصام كمتور ومحمد احمد حاج علي وابراهيم جمعة وكبشور كوكو والطيب حاج عطية ورقية بت بدر و عماد الدين عرديب وعبد الباقي دفع الله وياسر موسى ومدام حفيظة ويونس الامين وعبد المتعال وزروق وعصمت محمود ومحمد الفاتح ومحسن عبد الله وعصمت قرشي وعبد الله فروة وعبد الرحيم مقدم والكاروري والبصيري والامين عبد الكريم والفايق والمنقوري ومدام ياجي واوشيك سيدي وابراهيم اونور وفيصل الزبير ويحى عمر ادم واسامة اب علامة وحسن مشيكة والصادق يحى وجون اباظة وحمد السيد وجبارة الحسن وعجيمي وابوذر الغفاري وعبد الله محمد احمد ومجذوب سالم البر ومنال عامر واكرم الخليفة والرشيد حسن سيد وزكية عوض ساتي ومحاسن حاج الصافي وانتصار صغيرون وصلاح بشير وابراهيم التوم والطيب غناوة ومزمل عثمان وحيدر المكي وابو النور وبدر الدين طه وحسن حاج علي والحاج بلال وداؤو ساغة وعلي محمد علي وعلي قسم السيد وعبد الوهاب دفع الله وعبد الله ميرغني ومحمد مصطفى وعيييييييييييييك ( ياخ دي مائة وواحد وعشرون عاما من التفرد والعطاء والتميز وما من عظيم من عظماء السودان الا وقد مر من هنا)
…. هل نسيت او تعمدت ان أقول دكتور أو برفسور؟ هل ترانئ اخطأت القسمة وأسئت الترتيب؟
أبدا وطبعا لا
( الحاجات دي في جامعة الخرطوم ما بيناتنا خاااااالص) فالمقامات محفوظة بالاحترام المتبادل والتقدير العميق وكل من اساتذتنا وزملائنا يعلم ما نكنه له من محبة واحترام وان اختلفت الرؤى وتباينت الافكار.
….. صباحات الجميلة غير اى صباح في شمبات او تربية او طب او سوبا ولها في السنتر عبق وشغف ( وكباية شاى صاموطي من عم عبد الله في اداب ) أو ( كباية ليمون تخلي رأسك يطقطق من ليمون بزنس) او ( بوش من عمك الياس) وعند كل باب ( العين تلاقي العين) ونصدح

ان العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيينا قتلانا

(حاجة تخليك) في حالة انغماس تام مع بدائع العلوم وغرائب الاشعار وظريف الملح .
… جامعة الخرطوم خلقت لتحترم الخصوصية وتفرد لكل طبقة مساحة تتمدد فيها تحت نظر الطبقات الاخرى فكريا كانت او ثقافيا او حضاريا ( فشارع المين محرم على امثالنا من ناس الضواحي والشقيانات وتموت تخلي والمدقاقة والمنجل والواسوق والمشعليب والويكاب وام جقوقه ) نحن ناس (حجر الدسمس والمنتدى الجغرافي ونادي الفلاسفة والميدان الشرقي ومسجد الجامعة) وهم ( ناس شارع المين وجخانين علوم وجيولوجيا والاندر لاب ومعقلهم الرئيس في شارع المين) ( نحن المطفحين في العمق) وهم ( المتعمقين في السطح)وأهل الاعراف منا ( من يبتغون بين ذلك سبيلا ) فهؤلاء (لا ظهرا ابقوا ولا بيدا قطعوا) ( كقصة الغراب في مجتمع الطواويس ) غير اننا نجتمع كالنوارس في قاعات الدرس وتتساوى الكتوف وتذوب الثقافات والانتماءات ونتبارى في سباق محموم وتمتزج العطور الباريسية الاصيلة بتركيبات السوق العربي وبت السودان لتصنع جوا من السمو والرقى والتلاقي الحميم بين أساطين العلم وذاك يوم ينفع الطالب فيه علمه غير ان العيون لا تكف عن حظوظها وقد قالها عم ( حسين شوكة) ابو هول الاداب ( شوف عين ما كتل غزال) ولساننا لسان ( لسان الدين بن الخطيب)

بِالَّذي أَسكر مِن عُرف اللَما
كُل كَأس تَحتَسيها وَحَبب
وَالَّذيب كَحَّلَ عَينَيكَ بِما
سَجَد السحر لَدَيهِ وَاِقتَرَب
وَالَّذي أَجرى دُموعي عَندَما
عِندَما أَعرَضت مِن غَير سَبَب
ضَع عَلى صَدريَ يَمناك فَما
أَجدَر الماء بِأَن يَطفي اللَهَب

…… ( ياخ دي حاجة ختيييرة) ثم نجتمع جميعا في بورد الشرف الاكبر يوم تنشر الصحائف وتنزع القلوب من وكناتها وترتج العقول وتنطلق الزغاريد ويصم السكلي الاذان ( ويوم الامتحان يكرم المرء او يهان).
…. ما اعجب ان تجتمع في نفس القاعة ويجتمع من تسمع ويسمع (لسميرة سعيد وشيرين والشاب خالد واغاني الراب والراى ) ومن يذوب وجدا مع (قيقم او شنقر او أب عبل او ود السافل والنعام ادم وود البكري ) غير انهم جميعا يمجدون وردي وكابلي وعثمان حسين ومصطفى وعقد الجلاد ( ويتنافسون في حتحوتة درجة ) …
….. يا لهذه الجامعة الجامعة همس هنالك ووجيب هنا ونشيج هنااالك ( والاطلال)

يا فُؤَادِي رَحِمَ اللّهُ الهَوَى ** كَانَ صَرْحاً مِنْ خَيَالٍ فَهَوَى

اِسْقِني واشْرَبْ عَلَى أَطْلاَلِهِ ** وارْوِ عَنِّي طَالَمَا الدَّمْعُ رَوَى

كَيْفَ ذَاكَ الحُبُّ أَمْسَى خَبَراً ** وَحَدِيْثاً مِنْ أَحَادِيْثِ الجَوَى

وَبِسَاطاً مِنْ نَدَامَى حُلُمٍ ** هم تَوَارَوا أَبَداً وَهُوَ انْطَوَى

يَارِيَاحاً لَيْسَ يَهْدا عَصْفُهَا ** نَضَبَ الزَّيْتُ وَمِصْبَاحِي انْطَفَا

وَأَنَا أَقْتَاتُ مِنْ وَهْمٍ عَفَا ** وَأَفي العُمْرَ لِنِاسٍ مَا وَفَى

كَمْ تَقَلَّبْتُ عَلَى خَنْجَرِهِ ** لاَ الهَوَى مَالَ وَلاَ الجَفْنُ غَفَا

وَإذا القَلْبُ عَلَى غُفْرانِهِ ** كُلَّمَا غَارَ بَهِ النَّصْلُ عَفَا

…. وحداء هنا

بريريبة الخلا الرعد العين بيخيفا
جات تتدلى للتلفون تداوي وليفا
غصين الياسمين عقب المطر والزيفة
يسرف مايق الجعلي السريرتو نضيفه
……….
بت امات عسين الفي الرعد صنيتا
الشوق والغرام ….خلاها تترك بيتا
رزام الرعود ما شاعرابو تب ظنيتا
يا الجعلي ان بقيت عند المنام زوزيتا

….. ( مش قلت ليكم جامعة الخرطوم دي حاجة لا بحتويها عقل لا بتخيلها واعي)
( تخيل بس تخيل)
جامعة فيها كل ضروب الافكار والثقافات والسحن والاثنيات والجهويات والمشارب السياسية والايدلوجية والفلسفية يحملها صفوة طلاب السودان ( ياخي لو ما عايز تستفيد حتستفيد غصبا عنك) لأن العلم هنا اجباري فببساطة اذا ما عندك قدرة على تحمل ضغط المحاضرات واستنشاق غبار (المين) واحتمال المنافسة الشريفة والنظيفة مافي انسان بيرحمك وقد قالها الدكتور جعفر ابوريده يوم ان دلف بوابة كلية الطب وراعه ما راعه من تنافس محموم وجو مملوء بالكد والاجتهاد

أرضيت أم لم ترض انت طبيب
والعيش بعد اليوم ليس يطيب
فان كنت تنعم بالمنام الى الضحى
فاليوم ما لك في المنام نصيب
لن تفتحن عيادة يا صاحبي
الا وظهرك ينحني وتشيب

فخلاصة الامر دخولك معمعة الكد والاجتهاد والمعافرة والمدافعة في جامعة الخرطوم ليس خيارا يا صاحبي وانما اجبارا ولو ما قريت للغزالي والترابي ومحمد احمد المحجوب وعبد الخالق محجوب وماركس وحسن البنا ونيتشة وسقراط وابن خلدون وهنري كسنجر والموشحات والمعلقات وثوابت الرياضيات والفيزياء وداروين وادم اسمث ومحمود محمد طه وتيسلا وانشتاين والشعراء الصعاليك والاربعين النووية وتفسير ابن عباس والطبري وكتب ابن القيم ولو ما قريت روايات موسم الهجرة الى الشمال والحب في زمن الكوليرا والاخوة كارامازوف والحرب والسلام ومائة عام من العزلة والحراشيف وليل له اخر والسكرية وووووووو بتلقى روحك ( مسطح) ( لا بتنفع في ونسة لا بتقدر على التواصل الفكري والثقافي) .
…… لنا في كل ركن من أركان الجميلة ومستحيلة ذكريات ونجاحات واخفاقات تفاؤلات واحباطات …. غير ان ما كان يجمع بيننا كاسرة جامعية أكتر من ما كان يفرقنا ولا زال رغم ان الزمان غير الزمان والظروف غير الظروف ولكن حتما سيظل نور الجميلة ساطعا في سماء السودان يهدي الى سواء السبيل من اجل (وطن شامخ وطن عاتي وطن خير ديمقراطي) .
…… تعال احدثك عن دوري الكليات جنون جمهور هندسة وتبتل جمهور الاداب والشمباتة رجال الجامعة و( اتصلح يا حكم بندقك يا حكم) واناقة جمهور علوم ومسكنة جمهور قانون او واقعيتهم …
….. كانت فضاءات الجميلة تتسع لكل جمال دينا وشعرا وفنا وسياسة جنوحا وجموحا عظيمة الانفة والاعتداد بالنفس هادرة الثورة وقلعة للنضال تستمد من كل نضال نضالا كانت ولا زالت وستظل سكينا مغروسة في خصر الدكتاتوريات والاستبداد والظلم وحكاية من حكايات ألف ليلة وليلة

( مخرج )
…. وقالت شهرذاد
كان يا ما كان يا سيدي ومولاى قسم من أقسام الجميلة ينضح بالتطلع ويجنح للسمو ويواكب للتطور ويمشي بين أقسام الاداب ملكا فشب عن الطوق ( وفات الكبار والقدرو) وتطور الى كلية علوم الجغرافيا والبيئة بأقسامها الاربعة وكان من العاشقين المتبتلين في محرابه من ساق كل هذا القول ليهنئ ابنائه وبناته دفعة ٢٠١٦م بتخرجهم بعد طول عناء وصبر وكفاح ومثابرة … فهنيئا لكم ولكن ابنائي وبناتي تخرجكم وتخرجكن وانعتاقكم وانعتاقكن وتحليقكم وتحليقكن نجوما فراقدا في سماء بلادنا وسنابلا اخضوضرت ونمت وربت واستوت على سوقها وحان قطافها من أجل مستقبل باهر وحياة عملية باذخة فلكم ولها السمو والمستقبل البهي فهذه البلاد محروسة ومصانة وقادمة .

 

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.