آخر الأخبار
The news is by your side.

حديث المدينة … بقلم: عثمان ميرغني … صناعة الأوطان

صناعة الأوطان..!!

الوطن؛ أيُّ وطنٍ، يتكون من ثلاثة أضلاع..

الضلع الأول: القوام البشري.. الإنسان وإنتاجه العقلي والجهد البدني والوجداني.

الضلع الثاني: هو القوام المادي.. الأصول من الأرض والثروات إلى الفضاء السماوي..

الضلع الثالث: القوام الأخلاقي.. وهو المحك والفيصل في تكوين الأمة والمحافظة على كيانها وبقائها..

هذا المثلث إذا تضعضع منه ضلع تداعت له بقية الأضلاع بالسهر والحُمَّى وانكسر ظهره ومات..

ولأنَّ الضلع الثالث (لا أقول الضلع الأخير لأنَّ الترتيب هنا غير وارد) غير ملموس، فهو معنوي بالدرجة الأولى، فغالباً تضعف بعض الأوطان في قياس درجة أهميته وحتميته فتنشأ حالة التراخي الأخلاقي أو التعايش مع حالة (طهر الغاية يبرر رجس الوسيلة).. فيتحتم السقوط.. سقوطاً أملس غير ظاهر أو محسوس إلا متأخراً بعد فوات الأوان.. تدريجياً تذبل الأمة وتطبع على الهبوط أشبه بركاب الطائرة، حينما تقترب من المطار وتبدأ عملية الهبوط التدريجي.. ليتعايش الركاب مع حالة الإحساس بالهبوط..

ما هو القوام الأخلاقي؟

يبدأ القوام الأخلاقي بالموروث من الحكمة والتراث ومراقي الفخر الشخصي والجماعي ودرجات العيب على المستوى الشخصي، وأكثر منه على المستوى الاعتباري الخاص بالمجموعات بمختلف توصيفها، قبيلة، تجمعات جغرافية، حزبية، سياسية، مهنية، بل حتى رياضية في تشجيع وممارسة التنافس الرياضي..

لكن أعلى درجات المكون الأخلاقي هي الدستور ثم القوانين واللوائح التي تنبت في تربته.. فالدستور أو القانون ليس مجرد نصوص حاكمة لإجراءات رسمية أو شعبية، بل هو التخليص المكتوب لمن يجب أن يكون عليه قوام سلوك أفراد أو مؤسسات الوطن..

والقوام الأخلاقي.. هو المنصة الرابطة بين ضلعي المثلث الأخريين.. فإذا ضعف هذا الرابط بالضرورة ينهار اتصال الضلعين الآخرين.. في تراتبية الانهيار الشامل للأوطان.. بل يفشل الضلعان الآخران في أداء دورهما الطبيعي.. فالضلع الأول، وهو القوام البشري لا تنشأ الفائدة القصوى والغايات المطلوبة إلا بقدرة الإنسان على الإبداع.. فإذا وظف الإنسان كل طاقته الجسمانية والعقلية من أجل البقاء كائناً حياً لا أكثر، فلن تبعد وظيفته الكونية عن نظيره من الحيوانات الأليفة أو المتوحشة.. والتفاوت الآن بين الأمم في قدرتها على تعزيز قدرة إنسانها العقلية لإنتاج الإبداع العقلي المنتج والذي يدفع بمستوى الحياة والرفاهية للجميع وليس للفرد في حدوده الضيقة..

أما الضلع الثاني؛ القوام المادي فهو أيسرها، لأنَّ تعامل الإنسان مع الأصول والثروات فطري في أعمق جيناته.. منذ أن تذوق أبو البشر سيدنا آدم طعم الشجرة المحرمة..

وللحديث بقية

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.