آخر الأخبار
The news is by your side.

حديث المدينة … بقلم: عثمان ميرغني .. شحن رصيد!!

حديث المدينة … بقلم: عثمان ميرغني .. شحن رصيد!!

باختصار؛ الأوضاع الحالية لن تستمر طويلا؛ صحيح ربما تنجح بعض المعالجات الطارئة للأزمات الاقتصادية، لكن الأصح أنها أشبه بشحن الرصيد في الهاتف الجوال، سرعان ما ينفد مرة أخرى.

بعد استعصاء التوافق على موازنة الدولة للعام 2020 وتعليقها على ذمة المؤتمر الاقتصادي التشاوري، والذي بدوره تأجل لمرتين، بدا واضحا أن الحكومة قررت اللجوء للأدوية المسكنة للآلام، فأعلنت بعد اجتماع للمجالس الثلاثة، السيادي والوزاري والحرية والتغيير، تكوين ما أطلقوا عليه “آلية للإصلاح الاقتصادي” برئاسة الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس السيادي، ولكن المناوشات السياسية سرعان ما أرغمته على المغادرة، ثم تبعته الدكتورة مريم المهدي فماتت الآلية سريريا قبل أن تبدأ عملها.

بعد حوالي شهر لجأ الأطراف الثلاثة للوصفة ذاتها فأعادوا تشكيل الآلية برئاسة الفريق أول محمد حمدان دقلو(وكان مثيرا للدهشة أن اللجنة أدت القسم أمام نفسها)،ومن واقع التصريحات غير الرسمية الصادرة من بعض مستشاريه يبدو أن الجنرال حميدتي سينجح في “شحن الرصيد” بحل بعض الضوائق المعيشية خلال أيام قليلة، بالتحديد أزمات الغاز والوقود والخبز.. ولكن لن يمضي وقت طويل ويسمع الجميع العبارة المعروفة ” الرجاء اعادة شحن الرصيد”،وعندها يطل السؤال المحوري الحتمي، من أين؟

ليس من دولة عاقلة في كوكب الأرض يعتمد اقتصادها وقوامها الوجودي على “شحن الرصيد”، فالأزمات في كل العالم طارئة وليست معيارا للنجاح أو الفشل. النجاح الحقيقي هو في تأسيس دولة تعيد تعريف “الأزمات”، فـ”أزمة” التلميذ الفاشل الرسوب، و”أزمة” زميله الناجح أن لا يتفوق.

كتبت هنا كثيرا؛ أن الحكومة لا يجب أن تشغل نفسها بـ”الأزمات” مهما تفاقمت فهي طارئة، ويجب أن ينهض برنامجها الرئيسي على فكرة بناء دولة السودان الحديثة.

صحيح لن تُترك الأزمات بلا حلول، ولكن الأصح أن مسار حل الأزمات سيكون أشبه بطريق الخدمات الذي يسير موازيا للطريق الرئيسي السريع. برنامج الحكومة هو المسار الرئيسي للدولة، أما الأزمات فهي في كنف “لجنة ادارة الأزمة”، المسار الفرعي.

لكن عندما تصبح الحكومة كلها، من أعلى سنام مجلسها السيادي والوزاري وحتى حزبها السياسي هي “لجنة ادارة الأزمة” فإن العملية كلها تتحول إلى “شحن رصيد” لا بناء دولة السودان الحديثة. ومهما استمرت في “شحن الرصيد” فإنه في النهاية ينفد!!

باختصار؛ الأوضاع الحالية لن تستمر طويلا!!!!

التيار

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.