آخر الأخبار
The news is by your side.

حتى لا نكون مخلب قط … بقلم: النور حمد

حتى لا نكون مخلب قط … بقلم: النور حمد

أعمال العنف على الحدود السودانية الإثيوبية ليست جديدة، فقد ظللنا نسمع عنها كثيرًا منذ عقود. ولقد تساهلت الحكومات السودانية المتعاقبة مع هذه الظاهرة، وبلغ التساهل في عهد الإنقاذ درجة اللامبالاة. والآن تصبح هذه السيولة فرصة سانحة للاستغلال السياسي، وأكثر من ينتفع باستغلالها سياسيا هي مصر، إلى جانب قوى سودانية مختلفة متقاطعة الأجندة. لذلك علينا أن نفكك الالتباس الذي يكتنف هذه الحالة المزعجة، بدل أن ننخرط باندفاع صبياني في دق طبول الحرب. علينا في البدء أن نتساءل: هل من مصلحة إثيوبيا وهي تستعد، وفقًا لخطتها، بدء ملء السد في هذا الخريف، أن تعتدي على السودان؟ الجواب في تقديري: لا. إثيوبيا أحوج ما تكون في هذه اللحظة إلى وقوف السودان إلى جانبها، أو، على الأقل، وقوفه في الحياد في نزاعها مع جمهورية مصر العربية.

تعاني أثيوبيا من صراعات داخلية. وإقليم الأمهرا المتاخم للحدود السودانية إقليم مضطرب. فبعض قيادات الأمهرا، ظلت غاضبةً منذ الإطاحة بالنظام الإمبراطوري، الذي كانوا سدنته. وبعد أن اضمحلت سلطة التقراي وصعد أبي أحمد، تحول الغضب نحو الأورومو. متعصبو القومية الأمهرية ومتعصبو القومية التقراوية الذين فقدوا السلطة يمكن أن يصبحوا أداةً لحرب وكالة، تزعزع الاستقرار الداخلي لإثيوبيا، وتخرِّب، في نفس الوقت، العلاقات السودانية الإثيوبية. ولقد ظل القرن الإفريقي، عبر الخمسين سنة الماضية، مرتعًا خصبًا لحروب الوكالة. كتب الصحفي الإثيوبي نور الدين عبدا أن أحداث الفشقة ليست سوى محاولة لتحويل السودان إلى ميدان معركة لتصفية الحسابات الإقليمية. وأضاف، أن ما يجري في الفشقة ليس نزاعًا بين دولتين بقدر ما هو صراع بين المجموعات المحلية من أجل النفوذ والمصالح. ويرى عبدا أن إثيوبيا لن تتجه إلى التصعيد، وإنما ستتجه إلى التعاطي مع القضية عبر الأقنية الدبلوماسية. وبالفعل، جاء بيان الخارجية الإثيوبية، بالأمس، هادئًا ومتعقلا.

ما لفت نظري في هذه القضية، وهي قضية علاقات خارجية، تقع في اختصاص وزارة الخارجية ومن ورائها مجلس الوزراء، ظهور ضباط الجيش في منطقة الحدود وهم يدلون بتصريحات للإعلام، في أمر ليس من اختصاصهم. وهذا أمرٌ يشير إلى أن وراء الأكمة ما وراءها، لأن ليس من مهام الجيش أن يتناول النزاع مع دولة جارة في الإعلام. مهمة الجيش هي الاستعداد، وإظهار القوة في صمت، وإدارة الحرب إذا أعلنتها الدولة.

لقد استدعت وزارة الخارجية السفير الإثيوبي وأبلغته احتجاج السودان، وهذا هو النهج الصحيح. فمن حقنا على إثيوبيا أن تسيطر على إقليم الأمهرا، وألا تتذرع بأن ما يجري ليس سوى عمل عصابات. ينبغي على إثيوبيا ألا تسمح لمزارعيها بتجاوز الحدود الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة. لكن، هناك سؤال لابد من توجيهه لضباط الجيش الذين تصدروا المشهد وهو: لماذا لم تخرجوا إلى الإعلام وتطلقوا مثل هذه التصريحات وحلايب ظلت محتلةً منذ عام 1995؟ الصور التي تدور الآن في وسائط التواصل الاجتماعي، توضح أن مصر فرغت تمامًا من تنمية حلايب وحولتها إلى مزارٍ سياحيٍّ لتصبح غردقةً ثانية. هذه الازدواجية في المعايير تضرب الجدية والمصداقية في مقتل. ثم إن الشعب السوداني يعرف أن البلاد لم تشهد تفريطًا في السيادة الوطنية، والتراب الوطني، كالذي شهدته في عهد الانقاذ.

التيار

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.