آخر الأخبار
The news is by your side.

جدع النار إحتفالية ثقافية بأعياد الحصاد بإقليم النيل الأزرق

جدع النار إحتفالية ثقافية بأعياد الحصاد بإقليم النيل الأزرق

الدمازين : فريد الأمين

السودان البلد الوحيد علي مستوي بلدان العالم تجده متعدد ومتنوع العادات والتقاليد .

خاصيته الثقافية ، جعلت إنسانه متميزا عن إنسان بقية شعوب الأرض .

الناظر إلي الإحتفالات بالسودان يجد القواسم المشتركة بينهم ، فعلي سبيل المثال ، عادة الجرتق والحنة ، وملماتنا فى أتراحنا وأفراحنا وإحتفالنا بالمولود والطقس الذي يمارس فى حالة تاخر المطر وختان الطفل وحتي الإحتفالات الدينية لها طابع خاص عن بقية العالم.

إقليم النيل الأزرق ، ثري بالتنوع الثقافي والعرقي والديني .

وظل هذا الإرث الثقافي ، يُورث للأجيال، بواسطة الوسائل التقليدية .

فإحياء موسم الحصاد ، الذي يعرف “بجدع النار” ، سكان إقليم النيل الأزرق يُحتفلون فيه بالحصاد والإستعداد للعام القادمُ .

جدع النار ، من الطقوس الموروثة فى النيل الأزرق ، وهو طقس يُمارس فى عموم مناطق الفونج ، ويختلف من منطقة لآخري .

ولكل منطقة إسم خاص ، حسب اللغة لكل قبيلة ، وشكل خاص بالأغاني والرقص والأزياء والإكسسوارات ، وشكل الأطعمة فتجد هذه المسميات لجدع النار(الأووكي • موطاغا • أبمبم ) ، وهو يعتبر إحتفالا ببداية حصاد المحاصيل الزراعية ، و تبدأ الإحتفالات عادة فى شهر أكتوبر من كل عام ، وهو المتعارف عليه وأحيانا تتأخر إلى نوفمبر .

جدع النار من المناسبات التي أصبحت لكل سكان الإقليم بمختلف قبائلهم و الإحتفال بالنسبة لهم يعني التكافل والتعارف والخير ، ويتفاعلون معه .

عدد كبير من سكان الإقليم بمختلف إثنياتهم يقطعون مسافات بعيدة لحضور هذا اليوم ، وأن الإرتباط بهذه المناسبة له دلالات ، تأريخية وإجتماعية وثقافية .

إرثاء قيم التمسك بهذا التراث فهو الداعم الوحيد للبقاء والإعتزاز والحفاظ على هذا الإرث .

وأن الأغنيات التي يتغني بها الناس باللغات الأصيلة للسكان ، فعادة الجلد بالسوط متجذرة بين قبائل السودان ، ولكل معانيه ، أما عادة جدع النار تعتبر من العقوبات ، و الجلد يعني التطهير من الذنب الذي إرتكبه المخالف والكل يؤمن بذلك .

وأن الإحتفال بجدع النار دائما يبدأ فى الأيام القمرية ، بداية أكتوبر ويستمر لمدة شهر كامل ، وتقدم الوجبات المحلية لكل قبائل الإقليم وموسم للتزاوج والمصالحات بين المتخاصمين

*ابمبم*

جدع النار ، يطلق هذا الإسم فى منطقة الكيلي وتبدأ العادة بدفن ثلاث بخس وبرمة من الفخار ولابد من تحديد زمن دفن هذه الرموز وتحديد وقت الإحتفال ويطلقون على الشخص الذي يقوم بدفنها ( خوديا) .

وأن هنالك رقصة خاصة بالرجال
تسمي كشيلي ، يرقصون فى شكل دائري ولا يرتدون إلا ما يستر العورة .

وأن الشخص الذي يرتدي قميص ويدخل إلى دائرة الرقص يتم جلده بسوط يطلق عليه الفرطاق .

وينتعلون لحاء الشجر كحذاء ، ويضعون الألوان على أجسامهم ويتوسط الدائرة صاحب الربابة الذي يطلق العنان لحنجرته بأغاني الحماسة .

وداخل الدائرة تلاحظ وجود أصحاب الألقاب المتوارثة أباً عن جد داخل الدائرة .

والحكامات يغنين أغاني لها رقصات معينة ، للنساء و للشباب الحق فى المشاركة ، ويرقصن النساء مكشوفات الرأس ، وتجلد من تغطي رأسها وهذه الرقصة تسمي أبمبم.

تتم ممارسة طقس جدع النار فى مساحة كبيرة ويطلق على هذا المكان ميدان اللعب وهو المكان المعد للرقص فيه ، وأن هنالك إيمانا راسخا بأن ممارسة جدع النار تطرد وترجم الأرواح الشريرة ، هنالك مواقع خاصة ومحددة .

توجد مساحة كبيرة عرفت ببلوة المك ، وهو المكان الذي يٌدخل فيه المك وأصحاب الألقاب ، بعد جدع النار، ويتم تقديم النصح والإرشاد والمشورة للمك .

كما يتم تأبين الملوك السابقين الذين رحلوا عن الدنيا تاركين آثارهم على الديار ونفوس الأحباب .

وبعدها يتجه كل المشاركين نحو صخرة جدع النار، فيصطفون على حسب التراتبية المتعارف عليها ، المك وأصحاب الألقاب ويتجهون نحو القبلة ويحملون أعواد مشتعلة بأيديهم ويعدون سبعة مرات قبل أن يرموها ، هذه الاعواد المشتعلة بقوة إتجاه القبلة .

والقصد منها طرد و رجم الأرواح الشريرة التي صاحبت عملية الزراعة والإنسان ، فهذا إيمان منهم بأن هذه النيران تحرق وتبعد الأرواح الشريرة عنهم .

وفي عيد الحصاد أو جدع النار تتم الزيارات لأسر القرية و مؤاساتهم فيمن فقدوا عزيز لديهم ، ومباركة الزواج ، والدعاء بالشفاء لكل مريض، وفى اليوم التالي لجدع النار يجتمع لمناقشة القضايا التي تهمهم ، ويعلن ذلك بضرب النحاس ليجتمع عليه الناس ، ويتم جمع كل الأدوات التي تمت بها ممارسة جدع النار يحتفظون بها وبعضها يتم التخلص منه.

وأن جدع النار ليس حصريا على قبائل معينة بالإقليم فقبيلة النوبة تمارس عادة جدع النار بالإقليم ولها يوما محدد .

ونجد هنالك إحتفالات بشرق وشمال ووسط وغرب البلاد ، لها علاقات بالإستعداد لإستقبال موسم الزراعة أو حصادها .

فنجدها فى تراثياتنا المتعددة والممتدة بين المجتمعات السودانية.هذه العادات .

أن الإحتفال بجدع النار أصبح لكل سكان السودان وليس حصريا عل إنسان النيل الأزرق ، وتشارك فيه جميع قبائل السودان المتواجدة بالإقليم ، والشاهد على ذلك إنتشارها .

تنقل إنسان الإقليم بين مناطق السودان وتزاوج سكان الإقليم وإستقرارهم بمناطق السودان المختلفة ، فهذا الطقس شكل لوحة من التكاتف والتعارف والتعاون بين مكونات الإقليم فظل متعافيا من كل النعرات القبيلية والعنصرية ، فالإقليم الوحيد على مستوي السودان تجد فيه إمتداد الأهل بكل مناطق السودان .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.