آخر الأخبار
The news is by your side.

جداد حمدوك .. فات الكبار والقدرو

جداد حمدوك .. فات الكبار والقدرو

بقلم أمجد هاشم

لفت نظري الإنتشار الكثيف لمقال مشتول على الفيس بوك ومنسوب لمجلة فورين بوليسي الأمريكية يدّعي فيه من قاموا بتحريفه أن حمدوك (الأسد النتر) قد ردّ على بومبيو في معرض طلبه أن يطبع السودان مع إسرائيل بطريقة رعناء تفتقر للديبلوماسية وأشبه ما تكون بطريقة الرئيس المخلوع (موزع البركاوي).

بالنسبة لي شخصيا فقد إستبعدت أن يكون المقال صحيحاً لسببين، السبب الأول هو أن اللغة التي كتب بها المقال المشتول والملئ بالأراء الإنطباعية لا تشبه اللغة الرصينة والعلمية التي تستخدمها المجلات الأمريكية وخصوصاً الفورين بوليسي المعروفة بمصداقيتها ومهنيتها وتأثيرها الواسع على مراكز إتخاذ القرار ليس في الولايات المتحدة فحسب بل في العالم كله، أما السبب الثاني فهو أن حمدوك المشهور بسياسة (اللافعل) والتردد في إتخاذ القرارات الشجاعة والمصيرية لا يمكن أن تبدر منه هذه العبارات الصارمة.

مع ذلك وللإستيثاق أكثر قمت بالبحث عن المقال المزعوم في الموقع الرسمي للمجلة لأكتشف أن جداد حمدوك قد قام بإقتطاع عنوان ومقدمة تقرير منشور فعلاً في الفورين بوليسي يوم 11 سبتمبر قام بإعداده كل من روبي قرامر، كولوم لينش و جاك ديتسك تحت العنوان (Trump Extends Arab Push to Normalize Ties With Israel)، أما بقية المقال فهي من وحي خيال جداد حمدوك الذي ذكرنا بالعهود الزاهية لجداد الكيزان وتفانيه في تجييش وتحفيز المخيال الشعبي التواق لنماذج سياسية وطنية معاصرة تحاكي شجاعة محمد أحمد المهدي و جراءة عمر المختار في تصديهم للمستعمر دون أن ينتبه المحرك الفعلي لهذا الجداد أنه برفعه لسقف التوقعات المرتجاة من حمدوك إنما يزيد حجم الإحباط الذي سيتولد لدى الجماهير عند الإصطدام بالواقع.

أسوأ ما في الأمر أن المقال المشتول قد تم مشاركته على نطاق واسع بواسطة بعض مشاهير السوشيال ميديا وبعضهم صحفيين ممن يحوزون على أعداد مهولة من المتابعين ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن مصدر المقال وهم ببحثهم هذا إن فعلوا لبرئوا أنفسهم من الجهل بألف باء الصحافة.

إن هذه الحادثة بالإضافة الى ما ورد في صحيفة التغيير الإلكترونية قبل يومين على لسان الشيخ خضر كبير مستشاري حمدوك من إتهامات جزافية تحرض على من ينتقدون حمدوك وطاقم مكتبه وتتهمهم بتلقي تمويل داخلي وخارجي لهو أمر مقلق يذكرنا بإتهامات الطاهر التوم للثوار بالعمالة في محاولة لتشكيل الوعي الجمعي تجاه الأشخاص والمواقف سلبا أو إيجابا وهو ما يبشرنا بعهد ظلامي تسود فيه ثقافة القطيع والسواقة بالخلا ومن أبرز سمات هذا العهد تدوير النفايات (البوستات) وتغييب العقل النقدي المستقل وتهيئة المجال العام لممارسات الفساد السياسي المرتكزة على بروباغندا تحويل الفسيخ لشربات.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.