آخر الأخبار
The news is by your side.

تكتيكات دولة ما بعد الإستعمار الإنجليزي للسيطرة وفرض الهوية الأحادية

تكتيكات دولة ما بعد الإستعمار الإنجليزي للسيطرة وفرض الهوية الأحادية فى السودان

تقرير: حسن إسحق

أقام مركز دينار الثقافي للدراسات الثقافية والإجتماعية ، بالتنسيق مع لجان المقاومة جنوب الحزام ، منطقة مايو ، يوم الجمعة الموافق العاشر من ديسمبر الماضي، ندوة عن تدشين كتاب آليات الخطاب مقارنة نظرية فى مناهج التحليل الثقافي ، للباحث والكاتب محي الدين إبراهيم جمعة إبراهيم، وتطرق الكاتب إلى أهمية هذا المنهج فى إعطاء قراءة موضوعية للأزمة السياسية السودانية، وعملية إستمرارها من دون إيجاد حلول لها.

بدأ الحديث عن دور الإستعمار فى الإستفادة من خيرات الشعوب التي وقعت فى أيادي المستعمر، السودان كان جزءا من البلاد المستعمرة فى القارة الأفريقية، وإستخدم تكتيكات عديدة لمواصلة السيطرة على الوضع، بإحلال كوادر تخدم الإستعمار حتي فى حال خروجه، والسودان أخذ نصيبه من تلك الحصة التكتيكية فى ذات الوقت، بينما أوضح المؤلف عادة ما تحصل النزاعات فى الدولة الواحدة بسبب عدم إعتراف جماعة ثقافية ما تسيطر على السلطة ضد جماعات او جماعة ثقافية أخري، مشيرا إلى حصول ولا تزال تحصل هذه النزاعات بين المكونات المختلفة لأسباب مختلفة واحدة من هذه الأسباب هو الدفاع عن الأرض أو الهوية الثقافية أو العرقية، ولم يغفل قضية الكوادر التي أهلها المستعمر للقيام بدوره فى حال الخروج الشكلي من المشهد الوطني، ومنهج التحليل الثقافي حدد أن المشكلة فى السودان ثقافية بإمتياز، بإعتبار اللغة عنصر من عناصر الثقافة، فى السودان لغات عديدة مثل الدينكا والشلك والنوبة والهدندوة والمحس والدناقلة، كل هذه اللغات ليست لغات رسمية، أن تكون اللغة العربية وحدها هي الرسمية، بإعتبارها أول مشكلة فى تحديد قيم الدولة، وأضاف أن القضية تحولت من مشروع قلة إلى مشروع دولة.

تشكل وعي بخروج الإستعمار البريطاني :

يقول إبراهيم ، كان الهدف من الإستعمار البريطاني، هو دعم النظام الإقتصادي، أسس جزء من التنمية فى السودان على حد تعبيره، وأعطي نموذجا بمشروع الجزيرة الزراعي، فى العشرينيات من القرن العشرين، وكان الغرض منه دعم الإمبراطورية البريطانية من القطن طويل التيلة، ثم صنعت السكك الحديدية فى السودان من أجل خدمته، وليس إستفادة السودانيين من المشروع، وفى تلك الفترة بدأ يتشكل وعي وسط السودانيين مع بداية صناعة المقاومة البدائية لمناهضة الإستعمار ومواجهته، وإلغاء الممارسات القمعية، وتم فى تلك الفترة تأسيس جمعية اللواء الأبيض وتطورت من خلال مجهود الشباب السودانيين، بقيادة كل من علي عبد اللطيف ، وعبد الفضيل الماظ، وعبيد حاج الأمين، عندما كانوا طلبة فى الكلية العسكرية، ولهم وعي بمخاطر الإستعمار، ويريدون إنهاء وجود الإستعمار البريطاني.

ويعتبرها إبراهيم ، أنها كانت بداية مقاومة الشباب السودانيين، والسعي إلى تأسيس دولة سودانية مستقلة، وهي بداية الوعي بالسودانوية، أما مفهوم السودانية كهوية فى تلك الفترة لم يظهر لدي الأغلبية، بل الناس يتعارفون من خلال الإنتماءات الضيقة والبسيطة ’’ القبائل‘‘ وأما مصطلح سوداني لم يكن له معني لدي الكثيرين.

وأوضح أن الحراك الوطني كان يرغب فى تعريف الغالبية بالسودانوية، خاصة اولئك الذين تلقوا تعليما فى المدارس أو المعاهد الإنجليزية، مشيرا إلى أنه كانت تلك بداية الدخول فى السياق القومي، ومشيرا إلى السجالات بين السودانيين أنفسهم، مع بداية ظهور مشكلة تعريف الدولة فى السودان، وطرحت أسئلة عديدة، أبرزها ماهي طبيعة الدولة فى السودان، هل هي دولة سودانية أم دولة أخري؟.

لجنة الأقليات من الوسط الجغرافي :

وكرر إبراهيم ، الأسئلة التي كانت تطرح، ما هي شعوب الدولة السودانية، هل شعوب أم شعب سوداني واحد؟، وأن عدم تحديد التعريف، يؤدي إلى فشل قيادة الدولة ذاتها، ويري أن الإجابة على السؤال يساهم فى بروز الفرص لتأسيس الدولة، طرح السؤال دخل فى إشكال مع القيادات فى تلك الفترة أمثال، علي عبد اللطيف ، وعبدالفضيل الماظ ، وسليمان كشة، وكان هذا هو بداية السجال، ومع بداية السودنة فى إستكمال إجراءات الإستعمار، أوضح أن المستعمر لم يخرج عن طريق الحرب، مثل الثورة الجزائرية التي تعرف بأرض المليون شهيد التي أجبرت المستعمر الفرنسي من الخروج، أما فى السودان حصل العكس، بل الإتفاق تم بطريقة سلمية، أن تسلم قيادة الدولة إلى السودانيين لمن تلقوا تعليما حديثا فى كلية غردون، المعروفين بطبقة الأفندية، إضافة إلى الأحزاب الطائفية المتمثلة فى حزب الأمة والإتحادي مع بقية الأحزاب، ويناشد بالبحث عن ماهية الأزمة فى السودان.

أوضح فى بداية السودنة عند خروج الإنجليز، خرجوا وراءهم 800 وظيفة قيادية فى الدولة، حسب ما نشرته تقارير لجنة السودنة، أوضح أن لجنة السودنة لجنة أقلية من الوسط الجغرافي فى السودان، وأوضح أن هذه الأقلية التي كانت معنية بمسألة سودنة الوظائف السودانية، وأن توزع الوظائف السودانية على كل الشعوب السودانية المختلفة، والتوزيع لم يتم بشكل عادل، وظهرت الأصوات المعارضة لقرارات سودنة الوظائف السودانية من الجنوبيين، وهذه النخبة وجدت حظها فى الوظائف الكبيرة، فى تلك الفترة الجنوبيين رفضوا فكرة إعتناق الإسلام والتعريب، بإعتبار أن لهم دينهم المسيحي، وهذا ما جعل الإنجليز يقوموا بإصدار قانون المناطق المقفولة عام 1922، أن قرار الذهاب إلى الجنوب يجب أن يصدر من الضابط الإداري المسؤول عن إقليم جنوب السودان.

المشكلة الثقافية فى السودان :

أضاف إبراهيم ، إتخذت السلطة الإنجليزية، هذه الإجراءات للحد الثقافي فى الجنوب، وكان الإنجليز يتخوفون من حدوث مواجهات بين الشمال والجنوب، والنخبة التي تعلمت تعليما حديثا، أطلق عليها مصطلح الأفندية، هم كانوا معنيين بإدارة الدولة، وأصروا على فرض اللغة العربية بإعتبارها اللغة الرسمية فى الدولة، من دون تقدير للغات الأخري، ويري إبراهيم ، أنها بداية المشكلة، ومنهج التحليل الثقافي حدد أن المشكلة فى السودان ثقافية بإمتياز، بإعتبار اللغة عنصر من عناصر الثقافة، فى السودان لغات عديدة مثل الدينكا والشلك والنوبة والهدندوة والمحس والدناقلة، كل هذه اللغات ليست لغات رسمية، أن تكون اللغة العربية وحدها هي الرسمية، بإعتبارها أول مشكلة فى تحديد قيم الدولة، وأضاف أن القضية تحولت من مشروع قلة إلى مشروع دولة، وأول مرسوم فى عهد حكومة الرئيس الأسبق إسماعيل الأزهري ، يجب إستعراب جنوب السودان، من خلال توسيع العربية، وبناء المساجد والخلاوي، ويفرض ذلك، ونتيجة لذلك، تمرد الجنوبيين فى عام 1955 ضد قرارات الأقلية، وإستمر التمرد حتي توقيع إتفاق أديس أبابا 1972 بقيادة جوزيف لاقو والرئيس الأسبق جعفر نميري، حتي فى الوسط لم يكن هناك نقاش عن قضية التنوع والتعدد، وهناك أن يكون دينا ولغة رسمية للدولة، فى ظل واقع التنوع والتعدد المعاش، وقد يقود التعنت فى ذلك إلى نزاعات، الفشل فى إدارة التنوع أدي إلى كل هذه المشاكل، لأن التنوع الثقافي ينعكس فيه التنوع الإثني والديني والعرقي ثم الجغرافي، الحكومات الوطنية منذ الرئيس الأسبق إسماعيل الأزهري ،ثم حكومة عبود ، ذهبت فى نفس الإتجاه، لا حوار حتي تقافمت مشكلة الجنوب، وكذلك تدهورت الأوضاع الإقتصادية، ثم ظهرت ثورة إكتوبر، لأسباب ومشاكل ما بعد الإستعمار فى السودان، القلة هي الوحيدة المستفيدة من خيرات السودان، والإستثمار فى هذه الأزمات السودانية، ويضيف إبراهيم ، رغم كل ذلك مشكلة الجنوب لم تنته بعد، حتي 1972 لم تقدم أي حلول جذرية لأزمة جنوب السودان، وإستمرت المشكلة حتي ظهور الحركة الشعبية عام 1983، ثم ظهور حركات مطلبية فى جبال النوبة، مثل إتحاد عام جبال النوبة، بقيادة فيليب غبوش، وإتحاد تحرير شمال وجنوب الفونج بقيادة خليل جمعة، إتحاد جبهة نهضة دارفور.

تحديد مفهوم هوية الدولة :

أشار إبراهيم ، إلى وجود أشكال فى مفهوم الثقافة، هناك من يريدون توظيف هذا المصطلح والمفهوم فى إطاره الضيق، وليس فى المفهوم الكبير المعني بمسألة الثقافة، والقيم والمؤسسات، وكل المنظومات المختلفة، يري أن الدين ومؤسسات الدولة والمستشفي والشوارع، أن أي تفكير، بإعتباره تفكير ثقافي حسب المفهوم الكبير للثقافة كما يراه مؤلف الكتاب إبراهيم.

وأوضح أن الثورة الثقافية لها ركائز، وأسس معينة، وكذلك برنامج واضح، بوجود قيادة جماعية أو فردية توجه خارطة طريق الثورة، كي لا تنتكس الثورة، ولا تقود إلى ظهور إنتهازيين، لابد من توجيه الثورة إلى إتجاهات معينة، وأيضا أن لا تغامر بالناس، أن إحداث دولة جديدة، يتطلب إمتلاك أدوات تفكير سليمة، بإعتبار القيادة الوطنية واعية بمسألة أهداف الثورة، مع وجود آليات تفكير لإحداث هذا التغيير، وأيضا ما هي طبيعة الدولة المطلوب إنشأءها، مشيرا إلى طبيعة القيادة الجماعية والفردية.

وأوضح أن وجود القائد يوجه مسار الثورة، كي لا يحدث تشتت، وإنتكاسة، ويجب أن يحدد مفهوم هوية الدولة، وعدم تحديد ذلك المفهوم يدخل الدولة ذاتها فى أزمات، بإعتبار الإنتماء غير واضح للناس.

ويصر إبراهيم ، على مسألة تحديد هوية الدولة بإعتبارها مسألة مهمة جدا فى تحقيق ماهية الدولة، أن ماهية تحليل جون قرنق ، فى مشروع السودان الجديد، يرفض قرنق ، إلباس الأفراد جلابية للدولة، من يريد أن يجعلها فوراوية ودينكاوية وزغاوية وعربية وحتي فى العربية تقسيمات مختلفة، من يريد أن يجعلها أدروبية، قرنق ، يريد أن يجعلها سودانية وكفي، وليس مفيدا أن تسأل الفرد، من أين أنت؟، ما دام الفرد سوداني.

الدفاع عن الأرض والهوية :

يقول إبراهيم ، فى كتابه الصفحة 22 المعنون ’’ الإندماج مقابل الإنفصال، الأزمة الثقافية ‘‘ عادة ما تحصل النزاعات فى الدولة الواحدة بسبب عدم إعتراف جماعة ثقافية ما تسيطر على السلطة ضد جماعات أو جماعة ثقافية أخري، مشيرا إلى حصول ولاتزال تحصل هذه النزاعات بين المكونات المختلفة لأسباب مختلفة ، واحدة من هذه الأسباب هو الدفاع عن الأرض أو الهوية الثقافية أو العرقية.

وأضاف أن هذه الأسباب ملاحظة مشاهدة يوميا فى البلاد، حيث تسيطر جماعة ثقافية على الجماعات الثقافية الأخري من خلال السلطة.

أوضح أن السبيل فى إدراك هذه النزاعات بصورة واضحة لابد من العودة إلى بداية نشأتها أي الجذور التي بدأت منها حتي صارت تسمي أزمة سودانية.

وأضاف سرد آخر، متمثل فى فترة دخول المستعمر التركي المصري إلى السودان، ومع العلم أن الأزمة بدأت منذ وقت بعيد.

يري إبراهيم ، أن الأزمة نتجت عن الهيمنة الثقافية والإنقلاب الثقافي ثم التحولات البنيوية التي حدثت فى الأنساق الثقافية بين السودانيين، ويقول فى الصفحة 23 بعد نهاية إعلان الدولة المهدية مباشرة تحولت إدارة السودان إلى ضباط بريطانيين من الجيش المصري، عندما بدأ الحاكم الإنجليزي كرومر ، ببناء حكومة مدنية من خريجي الجامعات ذوي الكفاءة المتمتعين بسلامة البدن وقوة الشخصية، وأشار فى الصفحة 29، قد شهدت الدراسات الثقافية عامة فى السودان بعد وما قبل عام 1956 عدة مناهج ونظريات لدراسة هذه الأزمة وللبحث عن الحلول الموضوعية والمناسبة لها ولبناء دولة السودان الجديد التي تقوم على أسس جديدة وهي الحرية والسلام والعدالة والمساواة والديمقراطية.

وأوضح أن بعض المناهج والأدوات التحليلية تنظر إلى الأزمة السودانية من خلال زوايا مختلفة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.