آخر الأخبار
The news is by your side.

ترمب يضمد جرح نرجسيته بالغولف .. بقلم: دكتور/ النور حمد

ترمب يضمد جرح نرجسيته بالغولف .. بقلم: دكتور/ النور حمد

في الوقت الذي منحت أجهزة الإعلام الأمريكية صباح السبت المرشح الرئاسي جوزيف بايدن لقب الرئيس المنتخب، وكمالا هاريس لقب نائب الرئيس المنتخب، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يلعب الغولف في ضاحية إستيرلنغ بولاية فرجينيا. وتقع ضاحية إستيرلينغ قريبا من منطقة واشنطن الكبرى. وهو مسلك يدل، في تقديري، على مدى غرابة شخصية ترمب. فبدلا أن يبقى وسط فريقه في البيت الأبيض يناقش حال مجده الذي أخذ ينهار أمام ناظريه، هرب إلى ملعب الغولف. وأخذ يبدد مرارة الهزيمة بقذف الكرات على مدى يومين، مبتعدا عن أعين أعضاء فريقه التي تحيط به في البيت الأبيض، وترمقه في إشفاق ورثاء. لم يحتمل ترمب نزع هيبته الزائفة. ولم يحتمل أن يراه المحيطون به والهزيمة تجلله من شعر رأسه إلى أخمص قدميه. فهو شخص تعود أن ينتصر، بأي طريقة، منذ أن دخل عالم المال والأعمال. ظل ترمب يعيش وهم “المنتصر الدائم”، غض النظر عن أخلاقية أو لا أخلاقية الكيفية التي ينتصر بها. وعموما كلما أوغلت الشخصية في هذه النوع من النرجسية والعجب بالذات، كلما كان جرحها عند الهزيمة أكثر غورا.

كتبت صحيفة لوس أنجلز تايمز واصفة اعتياد ترمب على الفوز قائلة: “إن الهزيمة التي تلقاها ترمب يوم السبت هي المحصلة الحاسمة التي نادرا ما تلقى مثلها طيلة حياته. فقد بقيت البنوك تقدم له القروض حتى بعد أن أعلنت أعماله التفليس. كما بقي الناخبون الجمهوريون أوفياء له، رغم سلاسل الفضائح. أما سيطرة حزبه على مجلس الشيوخ فقد أبقته في مقعده رغم إجراءات خلعه التي قام بها الكونغرس”. لقد صعد ترمب إلى سدة الرئاسة من حيث لم يحتسب أحد. فترمب ورث الثروة عن أبيه وعمل في مجال التطوير العقاري لعقود. أنشأ ترمب في عام 1995 شركة للفنادق والضيافة والتسلية، تضمنت كازينوهات للقمار. ولمع نجم ترمب أكثر عندما ظهر في عام 2004 ببرنامجه التلفزيوني الشهير The Apprentice ويقع البرنامج ضمن الفئة المسماة “تلفزيون الواقع” Reality TV ويبدو أن شهرة البرنامج هي التي دفعت بترمب إلى التفكير بالترشح للرئاسة في عام 2016، فظهر ضمن قائمة المرشحين الجمهوريين، رغم أنه لم يكن من السياسيين الجمهوريين المرموقين الذين يأتون لموقع الترشح للرئاسة من مقاعد الكونغرس ومجلس الشيوخ.

استطاع ترمب بخطابه الشعبوي وجسارته وتنمره أن يقصي كل منافسيه من الجمهوريين، في الانتخابات التمهيدية، وأن ينفرد بتمثيل الحزب الجمهوري. وقد وجه ترمب وهو يصعد إلى موقع تمثيل الحزب الجمهوري إهانات بالغة لمنافسيه من كبار قادة الحزب، فلعقوا جراحهم وأحنوا له رؤوسهم وتقبلوا زعامته صاغرين. قبلوا رئاسته ودافعوا عنه حتى انهزم مؤخرا، وهكذا هي البراغماتية الأمريكية. لقد لقي ترمب من الشهرة عبر برنامج “ذي أبرينتس” فوق ما كان يتصور، وفوق ما تؤهله له قدراته المتواضعة. لكن ذلك النجاح جعله يطمع في أن يكون الشخص الأول في أمريكا، ففكر في خوض انتخابات الرئاسة.

يحاول ترمب حاليا إنكار أنه هزم. وقد أخذ من قبل الإنتخابات يشكك في نزاهة الانتخابات ويمهد لعدم الاعتراف بنتائجها. وحتى بعد أن اتضح فوز منافسه بايدن، ظل يردد أنه هو الفائز. فوجهت إليه وسائل الإعلام الصفعة تلو الأخرى، بما في ذلك داعمته قناة فوكس. بهذا المسلك الشاذ يكون دونالد ترمب الرئيس الوحيد الذي عز عليه الاعتراف بالهزيمة. كما عازه نبل القادة الكبار الذين يهنئون منافسيهم بالفوز. لم يكن ترمب بحاجة إلى رئاسة أمريكا، فقد وجد من الشهرة والثروة ما يكفي ويزيد. لكن نرجسيتة وغروره وجهله بالعواقب وعماه عن خطاياه الكثيرة، وتاريخه الشخصي بالغ السوء، دفعت به إلى الحفرة التي ستنطمر فيها، مرة وإلى الأبد، نرجسيته ورعونته وغروره. فالآن انكشف غطاء الحصانة الذي كان يتدثر به، بذهاب الرئاسة عنه. وأتوقع أن تجري ملاحقته بالعديد من القضايا والفضائح “المتلتلة”، التي ربما قادته إلى السجن. فالنهم الذي لا يعرف الحدود مهلكة، و”التسوي إيدك يغلب أجاويدك”.

التيار

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.