آخر الأخبار
The news is by your side.

تحبير الواقع … بقلم: محمد شعيب .. الزاوية الأمنية المفقودة

تحبير الواقع … بقلم: محمد شعيب .. الزاوية الأمنية المفقودة

تتوافد هذه الأيام إلى مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور بعثات وطنية وأخرى أجنبية للمطالعة على واقع الأحوال الأمنية ميدانيا، والاستماع إلى تقارير اللجنة الأمنية لحكومة الولاية، واللجنة العليا لحماية المدنيين التي اسندت إليها مهمة تأمين المدنيين ،وبسط الطمأنينة والسكينة في قلوبهم بعد خروج البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة من دارفور، وكان لهذا الخروج بالطبع تباين في الأراء بين مؤيد لتلك الخطوة ومعارض لها وفقا لمعطيات وشواهد سابقة يتبناها كل على نظرته.

تزامنت زيارة هذه الوفود الرفيعة المستوى لمدينة الفاشر أخرها زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي اليوم – مع زيادة معدلات الجرائم والحوادث المرتكبة في القتل،والنهب،والسلب. حيث أكد مدير شرطة محلية الفاشر أن الشرطة دوَّنت في محضرها اثنتي عشرة حالة قتل في غضون أسبوعين ؛ لكنه لم يفصح قط عن عدد الجناة المقبوضين في هذه الجرائم ليعاد إلى ذاكرتنا شريط تدوين البلاغات ضد الأجسام المجهولة والغريبة في عالمنا!

ومن المفارقة أيضا بأن وزير الداخلية السوداني أثناء وجوده في الفاشر في زيارة رسمية مع الآلية الوطنية لحماية المدنيين؛ قيض الله له مشاهدة موكبا احتجاجيا يحمل جثمانا اغتيل من جماعات مسلحة مجهولة ليعلم بذلك حالة الأمن بعاصمة الولاية، والغضب العام المسيطر على أهل الولاية.

لقد استعرضت الشرطة في اجتماع اللجنة العليا لحماية المدنيين بالولاية مع رئيس بعثة “اليونيتامس” التحديات والعراقيل التي تقف حجر عثرة للقيام بواجبها الأمني من بينها انتشار السلاح في أيدي المواطنين، والنقص في المركبات.

ويعتبر هذا من من المهددات الأمنية الخطيرة، ولكن الدولة القوية تتكسر عندها هذه التحديات والمهددات بتنشيط حالة الطواريء الأمنية لانتزاع هذه الآلات القاتلة -بلا تفرقة- من جميع حامليها سوى القوات النظامية. وبالرغم من الأدوار المقدرة التي تتصدى عليها القوات النظامية والعسكرية والتضحيات الكبيرة ؛إلا أن اغتيال “دستة كاملة” من المواطنين العزل في هذه الأيام يثير تساؤلات عن هذا التراخي وجدية هذه القوات وقدرتها على احكام الحسم والحزم مع هذه العصابات المسلحة.

ومن الأشياء التي ينبغي أن يوضع في الحسبان هي دراسة وتحليل حالة السيولة الأمنية في مجتمعنا من زوايا مختلفة أهمها المحور الاقتصادي والاجتماعي، والتعليمي ،ومعرفة حالات الاحباط المخيم على بعض الفئات، فمعظم دوافع القتل والجرائم هي الاستيلاء على ممتلكات هؤلاء الضحايا وحب التملك، ظنّا منهم بأنهم يحققون بذلك مكاسبا مادية في لمحة بصر ،ولكنهم يجهلون أمرا مخبئا لهم بعد هذا التحقيق بأنهم يصيرون أثرياء بهذه المحرمات للحظات معدودة ثم يقعون في ذات الفخ المنصوب من أقرانهم الجدد الباحثين عن المجد والثراء، وهنا “الساقية تبدأ دورانها” .

وقديما قيل:” لايخرج المال من جيب الفتى إلا من الباب الذي أتى.” فالمشكلة الأمنية عليها أن تؤخذ بعدة زوايا لا تحصر في التدريب والتأهيل لمنتسبي هذه القوات الأمنية وزيادة كمها ،وجودة نوعها ،وإقامة مرتكزات أمنية في الأحياء والأسواق، والشوارع، وحدها بل يجب على شركاء الفترة الانتقالية مخاطبة القضايا الأساسية المفضية لظواهر التفلتات الأمنية. فإذا أجهلت الحكومة هذه الأضلاع أي: الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، سينعكس ذلك سلبا على سلامة وأمن البلاد .والثمن بلا شك سيكون باهظا.

أمنياتنا بأن تكون الحكومة قد استفادت فعلا من مخرجات هذه الزيارات، ونجحت في تقديم خطة أمنية طموحة تجبر هؤلاء البعثات من تقديم الدعم والعون اللازم لعودة الأمن والأمان لحضن الولاية.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.