تبني وغيرك يهدم … بقلم: كمال كرار
تبني وغيرك يهدم … بقلم: كمال كرار
بقدر ما تتحدث حكومة الثورة (المدنية) عن الإقتصاد وما يسمى (الإصلاحات الهيكلية)،فإن ما يقال بندق في بحر إن لم يكن يعني المنتجين ..وفقاعة في الهواء إن لم يقصد المزارعين ..وكلام ساكت إن لم بقصد مشروع الجزيرة لأنه أكبر مشروع زراعي في السودان..ولأن الإقتصاد في بلدنا لا ينهض إلا بالزراعة .
مناسبة ما ذكرته أعلاه ..هو عزم الحكومة (كما قال السيد رئيس الوزراء) على إنجاح الموسم الصيفي ( وليس العروة الصيفية فهي لغة الفلول والحرامية)..وقل لي كيف ينجح ووزير الري كما نقل عنه تلفزيون السودان يعتزم زيادة رسوم المياه ..ومعناها يا أيها المزارعون موتوا بغيظكم ..ومعناها ارتفاع تكاليف الزراعة المرتفعة أصلا ..
ويؤسفني جدا ويؤسف المزارعون (الذين ناضلوا بشراسة ضد النظام المخلوع) ألا يلغى قانون 2005 ..وأن تظل شركات (الكيزان) التي تأسست (بأصول وأموال المزارعين بالجزيرة ) كما هي ..وأن يظل النهب سيد الموقف لحين إشعار آخر ..
وقانون 2005 لمن لا يعلم ( وربما مجلس الوزراء لا يعلم) أجيز قبل أن تدخل اتفاقية نيفاشا حيز التنفيذ بساعات ..من أجل تصفية المشروع ..وإلغائه كوحدة إنتاجية واحدة وبإدارة حكومية ..ودورة زراعية مثالية ..وعلاقة إنتاج مميزة ..جعلت المشروع منذ قيامه ..جوهرة الإقتصاد السوداني ..
والمشروع (الذي دفن حياً) أحيا معه فيما مضي الصناعات التحويلية ..محالج وغزل ونسيج ..وصابون ..وأمباز ..وزيوت ..وكانت هنالك تجارب لصناعة الورق من سيقان القطن ..وحرّك طاقات النقل ..وبخلاف القطن والسلع النقدية فقد وفر الغذاء لكافة أهل السودان ..
والمشروع ..صهر سكان الجزيرة في بوتقة واحدة ..وخلق نسيجاً فريداً ..نادر المثال .. يجمعهم حب العمل ..والمشروع ..وتلك الأرض الحبيبة ..كسرة : طيلة مكوثنا بالمشروع ل (27) عاما متتالية ..لم نشاهد أو نسمع بأي شكلة أو سوء تفاهم ..كما يجري اليوم في الشرق أو الغرب ..
وثورة ديسمبر لم تطرق باب الإقتصاد ..طالما ظلت قوانين الإنقاذ البائدة تحكم المشروع ..وطالما كانت علاقات الإنتاج السائدة اليوم هي علاقات الظلم والإضطهاد للمزارع ..ولا يسري هذا الحال على الجزيرة فقط ..بل على كل المشاريع الحكومية الأخرى في الرهد وحلفا الجديدة ..والسوكي ..ومشاريع النيلين الأبيض والأزرق ..
والذين يسمعون كلام ( كريستالينا) وهي مدير عام صندوق النقد الدولي ..وينفذون (مؤامرة) تحرير سعر الصرف .. ومعناها تحطيم الجنيه السوداني ..فهم يحطمون الزراعة ..ويزيدون تكاليف إنتاجها ..لأن معظم مدخلاتها تأتي من الخارج ومن شركات (بني كوز)..وعند الحصاد ..تأتي مافيا المحاصيل ..وتتآمر على السعر الذي (يدق الدلجة) ..والنتيجة خسارة المزارع المحتومة ..
نظرت .. لموازنة 2020 ..فلم أر كلمة واحدة عن المشروع ..ولا قرشاً واحداً عن تنميته ..(ربما كانت هذه وصية الصندوق) ..وكل ما ظلت الزراعة في هذه الحفرة ..كلما تسولت الحكومة القروض ..وكلما شحدنا الغذاء ..وكلما فرضوا علينا الشروط السياسية ..وقالوا لنا ادفعوا تعويضات المدمرة كول ..وتدفع فيقال لك ادفع تعويضات قتلي السفارتين في كينيا وتنزانيا ..وإذا دفعت ..أيضا فسيقال لك ..أدفع أضرار ثقب طبقة الأوزون ..لأن (بوخة المرقة) هي سبب تآكل الأوزون ..وهكذا كلما تنبطح ..كلما ألهبوا ظهرك بالسياط ..
وأي كوز مالو ؟
