آخر الأخبار
The news is by your side.

بلا حدود … بقلم:  هنادي الصديق .. (فقوس المساس بالمشاعر)

(فقوس المساس بالمشاعر)

يضحكني جدا حديث الحكومة او النظام عن التمسك بفرية إتاحة الحريات، وتحديدا عن الحريات الصحفية، ولعل ما حدث بالأمس من رفع مفاجئ للرقابة الأمنية على بعض الصحف التي ظلت معلقة الصدور لفترات طويلة، وما صاحبه من ردود أفعال ساخرة من الشارع السوداني، ووصف الخطوة بالمؤقتة وبأنها مرتبطة بزيارة الوفد الامريكي للبلاد لتجميل وجه النظام الذي لاحقته الاتهامات بإنتهاكات عديدة وآخرها التي تزامنت مع الحراك الثوري الذي انتظم عدة مدن وقرى بالسودان حتىأضحى أسلوب حياة. فعن أي حريات تتحدث الحكومة والمعتقلات والسجون تعج بآلاف الشباب والشابات ممن خرجوا مطالبين بالحرية والسلام والعدالة رافعين شعار (سلمية سلمية)؟


ولكن الذي أضحكني أكثر حديث رئيس اتحاد الصحفيين(الصادق الرزيقي) وهو يعترض على هتاف الثوار أمام مباني قناة (سودانية 24) يوم امس الاول، واصفا إياه بالأسلوب القمعي او ما يعني الاسلوب البربري، مطالبا الثوار بإحترام المؤسسات الإعلامية.
الرزيقي الذي منح ضميره المهني إجازة مفتوحة، بعدم الوقوف مع الصحافة والصحافيين والصمت على ما ظلوا يتعرضون له من مضايقات وقمع، يطالب الثوار ومن موقعه كرئيس لإتحاد (الصحفيين) بعدم المساس بمشاعر مسؤولي (قناة النظام المدللة) في الوقت الذي لم يفتح الله عليه بكلمة أو موقف يفرضه موقعه لإصدار بيان مماثل لإنتهاك النظام وأجهزته الأمنية لحرية الصحافة وإعتقال الصحافيين وتكميم أفواههم وتجفيف صحفهم وتشريدهم، ولعل ما حدث من مصادرات مستمرة ومنهكة لصحيفة الجريدة المستقلة لأكثر من شهرين وصحف (أخبار الوطن والميدان والبعث) الحزبية والمسجلة بقانون الأحزاب، والمضايقات المتكررة لصحيفة التيار وإعتقال رئيس تحريرها لأاكثر من شهر، كل تلك الإنتهاكات كانت أدعى لأن يقف السيد الرزيقي في صفها لا أن يلتزم الصمت. حتى ولو أدى ذلك لتقديم إستقالته، أقلاها لإثبات مبدأ حسن النوايا، هذا إن حسنت النوايا فعلا.


فالرزيقي يعلم أكثر من غيره اليد الطولى للنظام في إغلاق صحف لفترات طويلة ومصادرة أجهزتها، وإيقاف أقلام بغرض تجفيفها وتركيع إدارتها حتى تلتزم بالخط التحريري الموالي للنظام، وفي الوقت نفسه دعم الصحف الموالية للنظام بإستمرار ودعم المتعسر ماليا منها حتي يواصل تقديم الرسالة المغايرة للواقع، حتى ولو لم توزع نسخة واحدة.


القنوات الفضائية الملتزمة جانب المهنية لا تقل أهمية عن الصحف بأي حال، وكان من الممكن ان نؤيد حديث الرزيقي، ونشد عى يديه إن كان حديثه هذا عن قناة فضائية محترمة مهنيا، وتقدم صورة حقيقية، ولكن (سودانية 24) وضعت نفسها عدوا وخصما لدودا للمواطن السوداني بتقديم صور مختلفة كلية عن الواقع، بل والإساءة للثوار في اطار سياسة التغبيش والتعتيم التي يفرضها النظام ويدفع مقابلها من خزينة الدولة الكثير في وقت ينتظر فيه الصحافيين تخصيص ميزانيات للتدريب والتأهيل ورفع مستوى آداء المهنة، وهذا هو الدور الذي يفترض أن يقوم به الرزيقي لا العكس، والضوابط الاخلاقية التي ينادي بها يفترض أن يطالب بها أجهزة النظام أولا وثانيا وأخيرا.


فالنظام متضجر جدا من بعض الصحف المستقلة وغير الموالية للنظام كما نعلم، ولا يتحرج من اتخاذ اي خطوة ضدها، رافعا شعار(فلتحرق روما)، ولا بأس من بعض العقوبات بغرض (ليَ ذراع اصحابها) للقليل من التماهي مع خط النظام، ولا أعتقد أن هناك من يقبل بمثل هذه التسويات البائسة التي تفقدها مصداقيتها امام قارئها، وكان الأحرى بإتحاد الصحافيين التصدي لهذا التوجه بدلا عن إلتزام خط الصحف والصحفيين وليس النظام وأبواقه. 


الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.