آخر الأخبار
The news is by your side.

بلغ 18 مليار دولار بمصر الاستثمار العقاري.. سياسات (قاهرة) تعصف برؤوس الأموال للخارج

سودان بوست: الخرطوم

تصريحات مطمئنة يبثها المسؤولون على محيط الاستثمار.. إعفاءات وتسهيلات يُعلن عنها بمنصات الإعلام وحديث عن استقطاب ملايين الدولارات وتقديم حوافز مشجعة.. أرصدة مجمدة بخزينة البنوك لشح السيولة.. إجراءات عقيمة وسياسات معقدة وتقاطعات بعدد من المؤسسات نتج عنها تعدد نوافذ الضريبة وأخذ جبايات من جهات بمسميات مختلفة.. قوانين وتوصيات ومقترحات لم تجد حظها من التنفيذ الأمر الذي حول وجهة استثمارات ورؤوس أموال ضخمة جنوباً لإثيوبيا وشمالاً للقاهرة حتى بلغت الاستثمار العقاري 600 ألف عقار، مملوك لسودانيين بالقاهرة يصل قيمته إلى 18 مليون دولار .

تحقيق: معاوية عبد الرازق

أقل تكلفة
يقول المالك لعقار بالقاهرة وعضو الجالية أحمد عمر، إن مصر تختلف عن الدول العربية الأخرى، حيث لا نشعر بالغربة فيها سيما وأن المصريين يعاملوننا بشكل غير ويقدروننا ويحترمون وجودنا بينهم، فلا نحسن بأننا مواطنون درجة ثانية أو غرباء عنهم، وهذا خلاف الاطمئنان الموجود في التجول داخل القاهرة دون أن يتعرض لنا أحد حتى أيام الثورة، وردد أن السودانيين يستمتعون بالفسح ويدخلون أبناءهم المدارس والمؤسسات التعليمية بكافة مستوياتها، وما يتعلق بشراء العقار فهناك عدة نواحي لها القدح المعلى في ذلك أولها العيشة الرخية إذ أن الأكل والشرب بأقل تكلفة بالإضافة للسياسات التي تتبعها الدولة في التقسيط للشاري على سنوات وبأقساط مريحة، وحتى لو فكر شخص في البناء لا يجد صعوبة لاستقرار سعر الصرف وثبات أسعار مواد البناء هناك بجانب جودتها والأيدي الماهرة خاصة في الديكور، وتتيح الحزم المقدمة تسليم المنزل حتى قبل اكتمال المبلغ المتفق عليه مما يجعل البعض يستأجرونها لتدفع الشقة إيجارها بنفسها دون أن يدخل المرء يده بجيبه، وهناك آخرون يحضرون لقضاء إجازاتهم حتى من السودان لتوفر كافة سبل الراحة ورخص الأسعار.
هروب للأموال
اقتصادياً يعرف بهروب رؤوس الأموال من البلاد لتُستثمر بالخارج، بهذه العبارة بدأ الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي حديثه مواصلاً، الأسباب هنا واضحة فمناخ الاستثمار طارد وغير جاذب سيما وأن الاقتصاد يعاني عدم الاستقرار لارتفاع معدلات التضخم، والانفاق الحكومي العالي والترهل الموجود بالدولة، واتهم الرمادي الجهات الموكل لها أمر الاقتصاد وأعني بهم (بنك السودان المركزي، وزارة المالية) بالعجز والفشل في حل المشكلة، لذلك تفاقم الوضع وتدهورت العملة الوطنية وبالتالي يرغب المستثمرون باللجوء إلى دول أكثر استقراراً من الناحية الاقتصادية وبها تسهيلات لكافة الإجراءات التي يحتاجونها، وأضاف الرمادي، إن الإجراءات التصحيحية التي اتبعته السلطات مؤخراً بالمسار الاقتصادي بخفض الانفاق الحكومي ووضع سياسات اقتصادية اختلف الوضع قليلاً، ولا بد من الاستفادة بما يحظى به السودان من خيرات زراعية وقوة بشرية هائلة بالإضافة إلى الذهب، وقطعاً توجيه رئيس مجلس الوزراء القاضي بمراجعة بعض الإجراءات والسياسات له ما بعده وخطوة سيجني السودان نتائجها، أما بالجانب الآخر من شمال الوادي فالدولة التي تم الاستثمار عليها تستفيد من عدة جهات أولها تشغيل الأيدي العاملة والأموال التي تدخل إليها، وطالب الرمادي بتحسين مناخ الاستثمار وإزالة التشوهات حتى يتم توظيف تلك الأموال بالداخل.
معضلات وعوائق
وفي ذات الاتجاه سار أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية د.محمد الأمين العجب وقال إن الاقتصاد بالقاهرة ثابت وليس هشاً كما بالخرطوم، مما جعل الاستثمارات بالأولى تُشيد بأموال وطنية، ومن أكبر المعضلات التي تواجه السودانيين سياسات الاستثمار العقيمة والمعقدة بصورة تكاد تكون مخلة ولا تمت لأي تشجيع بصلة، بالإضافة للظل الإداري الذي يحتاج لتقصير فاستكمال الإجراءات من إدارات مختلفة تطرد المستثمر وتحول وجهته لدول تشجع وتسهل كافة الإجراءات وتطبقها على أرض الواقع خلاف سياساتنا المشجعة والمعدومة في التطبيق، وأضاف العجب: إن الدول المُقام فيها الاستثمارات تستفيد بصورة أكبر إذ أن المستثمرين يشيدون ويشترون بعملات أجنبية وليست جنيهات مصرية مما يساهم في دفع عجلة اقتصاد القاهرة، ولا ننسى بأن السياحة من أكبر المحفزات فهي منتعشة عكس سياحتنا التي لا تجد اهتمام وتسويق لنستفيد من عائدها، وقطعاً هناك من يتسلمون ريع تلك العقارات بالضعف خاصة وأن سعر الجنيه المصري يساوي أكثر من 150% من الجنيه المحلي، وطالب الأمين بتقصير الظل الإداري وإعادة النظر في إجراءات وسياسات الاستثمار لأنها غير محفزة.
فوضى بالبناء
يقول عضو اتحاد السوداني للمكاتب العقارية علي بابكر، إن كثيراً من المشاكل تواجه السودانيين في العمران فعدم تبني الحكومة والشركات أمر التشييد يصعِّب من مهمة امتلاك عقار بجانب عدم التنظيم وتقديم الخدمات فالخطط الإسكانية تضع بصمة شكلية في البناء وطريقتها جيدة وتكون بمواصفات معينة وموحدة من ارتفاع وتوصيل لخدمات المياه والصرف الصحي والتصريف خلاف اهتمام الشركات بالبنايات عقب تسليمها للمواطن، والظاهر أن إقدام أي شخص على البناء بطريقته الخاصة خلق فوضى وإشكاليات في عدة نواحي منها مواقف العربات وارتفاع المباني الذي يختلف من عقار لآخر وتمتد الإشكاليات لسوء التنظيم واختلاف المساحات وتضييقها من منطقة لأخرى وقطعاً يؤثر ذلك على قيام عقارات جديدة بنفس الموقع ويغيِّر من خارطتها، ويضيف عضو مكاتب العقارات أن التضخم وانخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأخرى له تأثير كبير، والسياسات التي تتبعها القاهرة في العقارات من تشييد وتسليم بالتقسيط المريح دافع كبير لامتلاك العقارات خاصة وأن تغيير أسعار مواد البناء قبل اكتمال المشروع من شأنه أن يجبر المستثمرين إلى التخلي عن تلك الأفكار، والتوجه لجهات تقدم تسهيلات تتماشى مع ما يطلبه المستثمر وبالطبع هذا ما وفرته القاهرة، ورهن على رجوع المستثمرين بدخول الحكومة مع شراكة بمؤسسات خاصة تتولى أمر تشييد المباني وتوزيعها بالتقسيط المريح حتى تزيح جميع الأعباء عن المشتري.
تصاعد مضطرد
يقول خبير عقارات -فضَّل حجب اسمه- أن الجذب الاستثماري يعتمد على عدة عوامل بينها توفر الخدمات من مرافق علاجية ومؤسسات تعليمية وأمن ورخاء في الأسعار، وارتفاع أسعار الأراضي بالسودان يجعل المشتري يهرب للقاهرة فما يدفعه في قطعة الأرض يملك به شقة، وما يساهم في ارتفاع الأسعار بالسودان الخدمات ومناطق الحركة الدءوبة، وأحياء الخرطوم أخذت طابعاً آخر من الغلاء وتكاد تكون من أغلى المدن بالعالم أجمع ولا أدري ما هي الأسباب في ذلك، فجميع المبررات المؤدية للغلاء غير منطقية ولا علاقة لها بواقعنا أو ما يتقاضاه المواطنون فما يصرفونه مقابل عملهم لا يتعدى (حق المواصلات)، ناهيك عن امتلاك أرض، ولا شك أن الاستثمار في أي دولة يمنحها بعداً آخر ويضيف لها طفرة عمرانية فالمدن تتقدم بالبناء والتعمير، ولا أدري ما النظرة التي يرى بها المسؤولون تقدم السودان؟ وألمح الخبير إلى ارتفاع مواد البناء مؤخراً خلاف السنوات القليلة السابقة التي شهدت هجمة وطفرة كبيرة في عالم البناء والتشييد، وفجأة توقف الآخرون عن البناء فهناك الكثير من المباني لم تكتمل بعد وعجز القائمين على أمرها عن تكملتها لأسباب يعلمها الجميع، ووصف الأسعار بالخرافية إذ بلغ سعر المتر بمنطقة الصحافة حوالي 10 آلاف جنيه، وهناك مناطق أغلى بكثير وسيتوقف التصاعد المضطرد إذا تحسن الاقتصاد وانخفضت نسبة التضخم.
شح في السيولة
يقول رئيس مجلس إدارة شركة هندسية المهندس مستشار عثمان محمد الخبير، إن أعمال البناء تحتاج لتخطيط بعيد المدى ولكثير من الإجراءات والتصاديق ورسوم للجهة الاستشارية والخدمات والرسوم الفنية وغيرها خلاف توفير مواد البناء الأمر الذي يجعل ارتفاع أي سعر هادم للخطة ويحدث خسارة ويمكن ألا يكتمل البناء لذلك لا تدخل الشركات في مغامرة ومخاطرة تعود عليها بما لا يحمد عقباه، ورغم الميزة التي يتمتع بها العقار بالبلاد وفقاً للمقولة المشهورة (العقار لا بياكل ولا بيشرب وكل يوم سعرو زايد) إلا أن بناءه أصبح من الأمور الصعبة، والتعقيدات التي تحدث من الجهات المعنية بالمياه والكهرباء تزيد الأمر سوءاً فبعضها يطلب شراء أعمدة كهرباء حتى تُوصل له الكهرباء وتحمله قيمة خدمة هي من صميم عملها، وأضاف المهندس إن بناء الشركات للعقارات يضيف للمشتري الكثير خلاف التنظيم والترتيب وخلق مسحات للترفيه من ميادين وأحواض سباحة وملاعب وأشياء أخرى يتقاسم الجميع تكلفتها بدلاً عن تحمل الشخص لوحده حال بناءه بطريقته الخاصة، وألقى رئيس مجلس الإدارة قولاً ثقيلاً بأن المغتربين وبعض الموجودين بالداخل انعدمت ثقتهم بالبنوك السودانية وكثيرون يحرصون على استثمار أموالهم بغض النظر عن المجال وللأسف نتج هذا عن السياسات الخاطئة التي تتبعها الجهات المعنية بالإضافة لوجود أكثر من سعر للدولار بمسميات كالموازي والجمركي وغيره ولذلك تأثير كبير يعلمه الجميع، وذكر أن رجال أعمال عجزوا عن إخراج أموالهم من البنوك بينهم من يود شراء العقارات وتشييدها، وبالمقابل تجذب الإعفاءات الجمركية والضرائب والتخفيضات بالبلدان الأخرى الوطنين في ظل مناخ غير مشجع، ووضع المهندس حلولاً حتى يستقيم الأمر وتستطيع الشركات الدخول والإنابة عن المواطن في التشييد وتقديم الخدمات بتغيير السياسات المتبعة والجلوس مع الجهات ذات الصلة لوضع خارطة يتفق عليها الجميع، ووصف بعض الخطط الإسكانية التي توزعها السلطات للفئات من صحفيين وأطباء ومهندسين وغيرهم بالفوضى خاصة وأن بعضها لم تدخله الخدمات (وأي زول على كيفو يبني بالطوب ويفتح الباب محل عايز) بينما الأمر في الخارج مختلف فالبناء يتم بمواصفات معينة يراعي فيها الارتفاع والتصريف والمتنفسات، وبالطبع يخلق هذا بيئة اجتماعية وثقافية جيدة وسكن مريح بكل المقاييس.
حق التملك
القانوني الطيب هارون قال، إن القوانين المصرية تسمح للأجانب بتملك العقارات وأن يتمتع الأجنبي بها مثله والمواطن كما في جميع الخدمات، وحتى لو حدث أي شيء لن يسقط الحق، وحتى في ظل الخلاقات السابقة بين الأنظمة لم يتعرض أحد لسوداني مقيم بالقاهرة، والآن الأوضاع تبدلت هذا خلاف اتفاقيات الحريات الأربعة، ولا أعتقد أن هناك عوائق أو مخاوف تحول دون امتلاك المواطنين لعقارات أو أي أشياء بالقاهرة.
اهتمامات أخرى
مصدر رفيع بوزارة الاستثمار -فضَّل حجب اسمه- اتهم القائمين على أمر الوزارة بغير المبالين خاصة وأن كثيراً من الجهات نادت بتغيير السياسات الاقتصادية وتقديم عروض مشجعة وتسهيلات وإعفاءات بجانب توحيد النوافذ ولكن هذا لم يحدث ولا حياة لمن تنادي فجميع التوصيات لم تجد حظها من التنفيذ، بل ما تزال حبيسة الأدراج وتنظر لتعاقب الوزراء وزيراً بعد آخر، وأقر المصدر بوجود تقاطعات بين الوزارة والمحليات خاصة فيما يتعلق بالاستثمارات فالمحليات تفرض جبايات وتتلكأ في تنفيذ م يحتاجه المستثمر من أجل جمع المال وإيداعه لخزينتها، ومن يتحدث عن استقالمة الأمر فهو واهم لأن بعض من يقومون على أمر تلك الجهات لا يأبهون لما يعانيه المستثمر ولا يحسبون هروبه أم تركه للمشروع لأنهم مشغولون بما يخصهم ويؤمن مستقبلهم ويقفون على مشاريعهم ولا يوجد جهة تحاسب تقصيرهم وتسببهم في هروب رأس المال للخارج، ودعا للوقوف بشكل جاد وتغيير السياسات حتى تقوم الوزارة بدورها وتكون ساعد الدولة في تحريك عجلة الاقتصاد.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.