آخر الأخبار
The news is by your side.

بشفافية … بقلم: حيدر المكاشفي .. عندما تصبح النعمة نقمة

بشفافية … بقلم: حيدر المكاشفي .. عندما تصبح النعمة نقمة

في خبر مؤسف ومحزن للمجلس القومي للدفاع المدني، أن (74) شخصا لقوا مصرعهم وانهار (17.063) مسكنا بشكل كلي وتضرر (25.562) مسكن بشكل جزئي و(129) من المرافق العامة و(317) متجر ومخزن، إضافة إلى نفوق (5176) رأسا من الماشية.

وكل هذه الخسائر الفادحة فى الارواح والممتلكات وقعت بسبب السيول والأمطار التي ضربت أجزاء واسعة من البلاد، وجدد المجلس تحذيراته للمواطنين القاطنين على ضفاف الأنهار وبالقرب من مجاري السيول باتخاذ الحيطة والحذر.

ولكن الحكومة نفسها مطالبة باتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر لا أن تأمر الناس بالبر وتنسى نفسها، فهي ذاتها لم تحذر ولم تحتاط لمثل هذه الكوارث التي تكررت كثيرا من قبل، ولم تعمل على محاولة درئها والتخفيف من وطأتها وآثارها السالبة المدمرة، من خلال ترتيبات استباقية تتوقعها وتستبق حدوثها، فالمعلوم بالضرورة أن الكوارث الطبيعية (Natural Disasters)مثل الامطار الغزيرة والسيول الكاسحة والرياح العاتية والبراكين والهزات الارضية الخ، تعتبر قدر مسطور من الاستحالة منع حدوثها تماما حتى لأعظم دولة في العالم.

فأمريكا وغيرها من الدول الكبرى ذات الامكانيات الضخمة كما يتابع الناس بين الحين والآخر لم تستطع منع حدوث الكوارث الطبيعية المدمرة التي تضربها من وقت لآخر، بيد أن من الممكن التحسب لها والاستعداد لمجابهة أخطارها بما يقلل من أثارها الضارة وخسائرها الفادحة..

ومن البديهيات التي أضحت معلومة بالضرورة أيضا، أن أيما كارثة تمر بثلاث مراحل، هي على التوالي، مرحلة ما قبل وقوع الكارثة، وأثناء حدوثها، وما بعد حدوثها، هذه التراتيبية التي تصاحب حدوث الكوارث، تفرض ذاتها على الأسلوب والكيفية التي تدار بها الكارثة.

ومن أكبر مشاكلنا مع هذه المراحل، هي مرحلة ما قبل وقوع الكارثة، وما تتطلبه هذه المرحلة المهمة جدا من احترازات وتدابير يستلزم القيام بها تحسبا لها ولاخطارها المحتملة، ومن البداهة هنا التنبيه لضرورة توقع اسوأ الفروض والاحتمالات وبناء خطة المجابهة عليها لتأتي المعالجة كلية وشاملة لكل مظان الخطر ومكامنه حتى لو لم تشكل خطرا من قبل ولكنها تظل مثل القنابل الموقوتة أوالخلايا النائمة يمكن أن تنفجر او تصحو يوما ما، لسبب ما، وتفعل فعلتها، كما حدث في الكارثة الحالية.

حيث لم يتعظ القائمون على الامر بما سبقها من كوارث، حين اهتموا فقط بالمناطق التي تأثرت تأثيرا مباشرا واجتهدوا في اجراء معالجات جزئية افتقدت النظرة الكلية لكامل الخريطة الطبوغرافية والكنتورية لكل البلاد وعلى ضوئها تحدد بدقة مسارات السيول حتى لو كانت خاملة لعشرات السنين فتنشئ عليها ما يحميها مستقبلا، خاصة وان التغيير في المناخ صار معلومة يعرفها حتى شفع الروضة، وهذه مناسبة نحي فيها ابنتنا نسرين الناشطة فى مجال تغير المناخ التي استحقت عن جدارة أن تكون من مستشاري الأمين العام للأمم المتحدة فى المجال..

والآن وقد (حدث ما حدث) ووقعت الكارثة وحلت الفجيعة التي نسأل الله ونتضرع إليه ان يخفف وطأتها ويلطف بعباده من آثارها خاصة في الناحية الصحية، أظن أنه قد آن الاوان للتركيز على معالجة المحتمل من الكوارث قبل حدوثها، حتى إذا ما وقعت كارثة -لا قدر الله – وجدتنا على أهبة الاستعداد على الاقل لتخفيف وطأتها وتلطيف حدتها، ولمثل هذا العمل آليات ونظم إدارية وفنية وتحضيرات معلومة لأهل الاختصاص عليهم أن ينهضوا بها ولو بأضعف الإيمان بتقديم النصح والمشورة لمن بيدهم الأمر والفعل.

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.