آخر الأخبار
The news is by your side.

بشفافية  …. بقلم: حيدر المكاشفي  .. الرقابة الشعبية الشبابية

بشفافية  …. بقلم: حيدر المكاشفي  .. الرقابة الشعبية الشبابية

في الأنباء أن بعض الناشطين طالبوا حزب المؤتمر السوداني، بتوضيح مصادر إيجار داره الجديدة، ونظمت مجموعة من الشباب يوم الاثنين وقفة احتجاجية أمام المقر الجديد للحزب ورفعوا لافتات تطالب بكشف مصادر تمويل إيجار الدار بهذه المنطقة عالية الإيجارات، وكان الحزب قد دشن مقره الجديد بحي العمارات شارع 45 بالخرطوم يوم السبت الماضي بعقد أول اجتماع لمجلسه المركزي، واعتبر البعض أن اختيار منطقة العمارات خيار غير موفق لحزب مناضل ومهتم بقضايا الغلابى والمهمشين، ويذكر أن المؤتمر السوداني يعد أحد أبرز الأحزاب التي شاركت في الحراك الثوري الكبير الذي أطاح بالرئيس المعزول عمر البشير، في أبريل الماضي، كما كان أحد الأحزاب التي ساهمت في توقيع الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية مع المجلس العسكري لتسليم السلطة لحكومة مدنية انتقالية بمشاركة العسكريين في مجلس السيادة، وتصدى عدد من منسوبي الحزب للرد على المحتجين والمتشككين بأن كشف عضوية الحزب يحوي حوالي ٥ آلاف عضو يقيمون خارج السودان ويدفعون اشتراكات شهرية. ومن قبل كان أحد الشباب قد رفع لافتة احتجاجية أمام مقر تجمع المهنيين يتشكك فيها في الكيفية التي حصلوا بها على هذه الدار، ورغم أن لافتة هذا الشاب كانت تحوي عبارات غير لائقة، إلا أن أحد قيادات التجمع أوضح له أن مواطنا داعما بقوة للثورة هو صاحب الدار وتبرع لهم بها لإقامة مناشطهم فيها لمدة عام مجانا.
الشاهد والدرس المستفاد من هذين الاحتجاجين المار ذكرهما، ليس في الحدثين نفسهما، بغض النظر عما إذا كانت أهداف المحتجين سامية أو غير بريئة، وإنما في دلالتهما على قيمة وممارسة غاية في الأهمية، وخاصة في ظل أوضاع ما بعد الثورة والتوجه العام لبناء نظام ديمقراطي تظلله العدالة والحرية وترفرف في ربوعه حمائم السلام، وتسوده قيم النزاهة والشفافية والأمانة وطهارة اليد، فلتحقيق هذه الغايات السامية لا بد من وجود رقابة شعبية وعين ساهرة ورقيبة على الحقوق العامة كافة، ويستلزم ذلك أيضا إحياء منهج (من أين لك هذا؟ وكيف حصلت على ذاك؟)، فعندما يشعر أيما مسؤول عن أي شأن عام أن هناك بالفعل عليه رقابة حقيقية، ستختفي مظاهر سلبية كثيرة، فالرقابة الشعبية تعد أمرًا مهمًا في مكافحة الفساد وسوء الأداء.. ولنا في السلف الصالح أسوة وقدوة، حيث كان بمقدور أي أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، إذا رأى على جسد أمير المؤمنين ثوباً جديداً أن يتشكك في مصدره، ثم لا يتورع من إلقاء سؤاله التجريمي عارياً بغير رتوش (من أين لك هذا؟)، ولكن ورغم هذه الغلظة والحدة وقلة (الإتيكيت)، فإن أمير المؤمنين لا يضجر ولا يغضب من السائل المتشكك دعك من أن يأمر بإلقائه في غيابة السجن أو رميه في مكان غير معلوم، بل يجيبه بكل سماحة عن مصدر الثوب وكيف حصل عليه ولماذا ارتداه، فقد كان يكفي في عهد أولئك الأبكار الأطهار أي حادب على مال المسلمين فقط (جلابية) جديدة غالب الظن أنها (لا بيضا لا مكوية) يراها على جسد أي والٍ أو مسؤول لإثارة الشك في نفسه حتى يتحقق من أمرها ويطمئن إلى أنها لم تكن على حساب مال المسلمين، كما لم يكن أي والٍ يجد غضاضة في السؤال أو يشعر بغبن تجاه السائل وإنما كان يجيب بكل أريحية ولطف ولين، ولم يكن ذلك إلا لأن الاثنين، السائل والمسؤول يتظاهران على الحق، الأول بحق السؤال والشك والثاني بواجب الإجابة والتوضيح.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.