آخر الأخبار
The news is by your side.

برشلونة ومشاكل الفريق رغم الصرف المبالغ فيه

برشلونة ومشاكل الفريق رغم الصرف المبالغ فيه

بقلم: أحمد مختار

من الصعب الجزم بنجاح صفقة ما أو فشلها، أسباب عديدة قد تدخل في التقييم، مثل ظروف الفريق، الإصابات والغيابات، تغيير المدربين، الوضع العام، التأقلم، وحتى اختلاف طريقة اللعب من مكان لآخر، لكن عندما يزيد الوضع السيء بشكل مبالغ فيه، ويصبح عملية تألق الوافد الجديد في معظم الأندية هذه الأيام مسألة صعبة وغير مضمونة، يجب الحديث عن دور فرق الكشافين والإحصاء التي تعمل داخل الأندية، ومدى استماع الإدارة لما تقول وتنصح به، ولنا في برشلونة مثال على ما يحدث مؤخرا.

 بعد رحيل نيمار إلى باريس سان جيرمان مقابل 222 مليون يورو، ضم برشلونة عدد كبير من اللاعبين بلغت تكلفتهم أولا 375 مليون يورو، ثم أضاف دفعة أخرى في الصيف الماضي كلفت النادي نحو 273 مليون يورو، لكن الغريب أن الفريق لا يزال يعاني من مشاكل عديدة، بالإضافة إلى ضعف دكة البدلاء وعدم وجود تكامل في الخطوط، مع ظهور نواقص عديدة في الدفاع والأجنحة وخلافه.

صحفية “أتليتك” الإنجليزية أجرت تقريرا موسعا عن كيفية اختيار الصفقات واللاعبين داخل برشلونة وريال مدريد، سنتحدث الآن عن البارسا بينما الريال لاحقا في بوست منفصل.

في برشلونة، بالتحديد عام 2017، أطلق النادي “مركز برشلونة للابتكار”، وضم داخله عدد كبير من خبراء الأرقام والإحصاءات والتحليلات الرياضية. على سبيل المثال، خافيير فرنانديز، خريج علوم كمبيوتر حاصل على درجة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي هو رئيس التحليلات الرياضية، ورجل لديه باع طويل يعرفه كل من يعمل في مجال “السكاوت”، مع عدد كبير من الأسماء الأخرى التي لا تقل عنه قيمة وخبرة وتاريخ عريض.

لكن مع كامل الاحترام والتقدير لهؤلاء العلماء، فإن الكلمة الأولى وربما الأخيرة داخل النادي في يد جوسيب بارتوميو، إريك أبيدال، أوسكار جراو، ورومان بلانس، وبالأخص بارتوميو، الرئيس الذي يتحكم في كل كبيرة وصغيرة، فيما يخص التعاقدات وعقود الرعاية وخلافه، لذلك حدثت الفجوة الواضحة بين ما يُنصح به الخبراء والإحصائيين وبين تحركات النادي نفسه في سوق الانتقالات.

رحل روبرتو فرنانديز من الإدارة الرياضية وبعده بيب سيجورا، جاء آخرون بدلا منهم لكن الوضع لم يتغير، لأن الرئيس يضع رأيه النهائي في كل صفقة. حتى أسماء مثل برينس بواتينج، مارتين بريثويت وآخرين، لم يأتوا بتوصية من فريق الكشافين ورجال الإحصاءات، الذين نفوا تماما علاقتهم بهذه الصفقات، وأن هذه الأسماء كانت خارج تفكيرهم تماما، بناء على مصادر الصحيفة وتقريرها.

فريق محللي برشلونة تابع فيرلاند ميندي، مدافع ليون الذي انتقل فيما بعد إلى ريال مدريد، لعدة أشهر بل أكثر من عام، وفي النهاية أوصوا بالتوقيع معه، لكن الإدارة الرياضية فضلت جونيور فيربو، الذي سيذهب في الأغلب إلى إنتر، في حال التوقيع مع لاوتارو مارتينيز هذا الصيف.

اسم آخر أوصى الكشافون بضمه منذ أكثر من عامين، هو الألماني كاي هافيرتيز، لكن إدارة برشلونة فضلت التوقيع مع أسماء جاهزة، والآن هذا اللاعب سينتقل إلى تشيلسي مقابل 80 مليون إسترليني تقريبا. أيضاً لاعب مثل الفرنسي مارسيال كان ضمن الأسماء التي تابعها جيدا فريق “السكاوت” أو الكشافين، لكن أبيدال رفض إتمام الصفقة بسبب تحفظه على سلوك اللاعب وكسله في التدريبات.

على سبيل المثال ، في مؤتمر رياضي علمي في عام 2018، تعاون فرنانديز، رئيس التحليلات الرياضية في برشلونة مع لوك بور، نائب رئيس الاستراتيجية والتحليلات في فريق كرة السلة في الدوري الاميركي للمحترفين ساكرامنتو كينجز. في العرض التقديمي، ركزوا على مباراة بين برشلونة وريال مدريد في عام 2017 ، عندما سار ميسي بنسبة 83 % من المناطق والأمتار التي قطعها داخل الملعب، ورغم ذلك تألق بقوة وكان نجم المباراة الأول. “كلاسيكو 3-0 للبارسا في سانتياجو برنابيو”.

بفضل الإحصاءات والدراسات، تمكن فرنانديز من إظهار كيفية تحديد ميسي “للمواقع عالية القيمة” لخلق إمكانية التفوق للبارسا، بمعنى أنه كان يركز فقط على بذل الجهد في الأماكن التي يراها مهمة، لذلك في حال ترجمة هذه الملاحظات إلى معلومات وبيانات للمدرب ومساعديه وأعضاء الإدارة الرياضية، قد تساعد في معرفة اللاعبين الذين يحتاجهم ميسي، وكيف يمكن الاستفادة من قدراته لأقصى درجة رغم سنه الكبير ونقص مجهوده مقارنة بالسابق.

فشل فرنانديز، رئيس قسم الإحصاء والتحليلات الرياضية داخل النادي، في وضع فريقه على رأس اهتمامات المدرب السابق فالفيردي، وحتى بعد أن بدأ إرنستو في الاستماع لهم والثقة في آرائهم، كانت الكلمة العليا داخل النادي للسماسرة ووكلاء اللاعبين الذين كانوا أقرب بمراحل لرئيس النادي وإدارته الرياضية، عكس ما يحدث في أندية أخرى مثل ليفربول على سبيل المثال، الذي يهتم جدا بفريق السكاوت ويضع آرائه جنبا لجنب مع طلبات يورجن كلوب واختياراته.

إذا حضر السماسرة والوكلاء من الباب، رحلت فرق الإحصاء من الشباك، هكذا هي المعادلة في الفرق الكبيرة. إدواردو كرنجار أفضل مثال على ذلك. وكيل أعمال لاعبين يعرف في إيطاليا بـ “الوكيل الطفل أو الـ Baby agent”، هذا الرجل من ضمن أسباب انتقال بواتينج إلى برشلونة، وبعده المدافع موريلو القادم من فالنسيا لمدة 6 شهور، وكان أحد المفاوضين الرئيسيين بين إدارة البارسا وكيكي سيتيين بعد إقالة فالفيردي، ويقال أنه أحد مهندسي صفقة مبادلة أرثور وبيانيتش، رغم نفي الطرفين.

فكرة السماسرة والوكلاء أصبحت حاضرة بقوة، والدليل على ذلك إبرام بعض الصفقات غير المتوقعة، والإصرار على بعض اللاعبين بشكل مبالغ فيه، حتى إذا كان سعرهم يتخطى قيمتهم الكروية، مما يجعل عملية الاستفادة المتبادلة بين جميع الأطراف حاضرة بلا شك.

“أفضل نادي في إسبانيا للبيانات والتحليلات هو برشلونة. ما يفعلونه هناك مثير للإعجاب ولكنه لا ينعكس على أرض الملعب أو في القرارات، فما هي الفائدة؟

الحقيقة أن المقارنات يجب أن تؤخذ بالسياق أيضا، بمعنى أن هناك ظروف مختلفة لفرق مثل برشلونة وريال مدريد عن ما يحدث مع ليفربول وأندية إنجلترا. عمالقة إسبانيا لهم وضع خاص جدا، فريق منهما يتفوق فالآخر يسقط، لأن المركز الثاني بالنسبة لهما لا يساوي شيء، وكم الضغوطات التي توضع على مدربيهم، لاعبيهم، رؤساء أنديتهم، أكبر بمراحل من بقية فرق العالم سواء في إنجلترا أو خارجها.

لذلك على سبيل المثال، كيكي سيتيين قد يرحل رغم أنه لم يدرب الفريق 3 أشهر، كارلو أنشيلوتي فاز بالعاشرة وأقيل بعد ذلك، كابيلو فاز بالدوري وأقيل، بيب جوارديولا لم يتحمل الضغط 4 سنوات، فالفيردي نفسه بلغة الأرقام من المستحيل وصفه بالفاشل لكنه واجه معارضة شرسة من الجماهير والإعلام، وحتى لاعبين مثل هازارد، كوتينيو، بيل، جريزمان، وجدوا أنفسهم في بيئة لا تسمح أبدا بالصبر عليهم، مهما كانت التضحيات.

يمكن القول أن هناك بعض اللاعبين، المدربين، وقعوا ضحية الضغوطات، الإصابات، التأقلم، عدم الصبر والهدوء، لكن مع كل هذه القواعد المرتبطة بالسياق والمضمون، علينا التأكد من أنه كان بالإمكان أفضل مما كان بمراحل، خاصة مع نسف قيمة فريق الإحصاءات وعدم الأخذ برأيهم، والسعي نحو الصفقات الإعلامية والجماهيرية دون النظر لاحتياجات الفريق، ليتحول البارسا في السنوات الأخيرة من أنجح وأفضل نادي في العالم إلى مسخ يبتعد عنه الهدوء وتتكالب حوله المشاكل من كل صوب وإتجاه.

*جميع المعلومات المذكورة من صحيفة أتليتيك والعهدة على مصادرها.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.