آخر الأخبار
The news is by your side.

بالمنطق … بقلم: صلاح الدين عووضة .. مات جوبا !!

بالمنطق … بقلم: صلاح الدين عووضة .. مات جوبا !!

وقد يتساءل القارئ بدءاً :
هل أعني ماتت جوبا…ولكن غلب علي لسان بيئت فجعلت المؤنث مذكراً؟..
أم أعنيها – عاصمة الجنوب – ولكن بعربي جوبا؟..
أم تراني أقصد بمفردة جوبا هذه شيئاً آخر…لا علاقة له بمدينة جوبا المعروفة؟..
وكلها أسئلة مشروعة…بيد أنها طاشت عن المعنى المقصود..
فالمعنِي هنا أحد ظرفاء أهل حي القنا الجميل…وقد لبثت فيهم من عمري سنين..
واسمه كمال…وجوبا هذه لقبه الذي اشتهر به..
لماذا؟…..لست أدري ؛ ولست أدري أيضاً لماذا لم أسأله عن سر هذا اللقب..
وما من فرصة كي أسأله الآن…فقد مات..
مات فجأة منذ أعوام…ونعيته بكلمة…وما زلت أحس تجاه روحه بالتقصير..
توقف قلبه الكبير عن الخفقان…دون سابق إنذار..
رغم إنه كان من ذوي (العافية) بالحي…ولا يضاهيه طولاً – وعرضاً – إلا مجروس..
ومجروس هذا اسمه جمال…وسُمي مجروساً للذي ذكرنا..
فأهل القنا يحبون الألقاب…وما من أحد منهم – ممن عرفت – نجا من هذا (الحب)..
فهذا كع…وذاك تالولة…وثالث دكتور…ورابع ود النجل..
ثم لقبٌ كان يدهشني جداً وهو كشا مشا…أو كشة مشة…أو ربما كشَّ مشى..
بل حتى كاتب هذه الأسطر كاد أن يلصق به لقبٌ ما..
لقب من (بنات) أفكار جوبا هذا نفسه…وهو أبو (بنت)…يوم أن رُزق بـ(بنت)..
وكان اليوم يصادف يوم تمرين…بملعب البرنس..
نعم ؛ فقد كان يلعب…ويتمرن…وينطط……بما أنه تزوج فور تخرجه في الجامعة..
وصاح جوبا بتأتأته المحببة (أبـ بـ بـو بـ بـبـ ت)..
وما زال صاحب هذه الزاوية يذكر جملةً من المشاعر اضطربت بداخله آنذاك..
شعور أنه بات أباً…وأنه كبر…وأن مكانه لم يعد الملعب..
ثم شعور لاحق حين نُبه إلى أن اللقب هذا يُطلق على (مشهورَين) وقتذاك..
أحدهما لاعب قمة….والثاني مشروب مسكر..
ولما انتبه جوبا ذاته إلى أن لقبه حمال أوجه كف عن ترديده…وزجر مردديه..
فقد كان إنساناً خلوقاً….كحال أبناء القنا أجمعين..
إن كان هناك (فزعٌ) بالحي فأول من يُهرع إليه جوبا…وآخر من يغادره جوبا..
لم يُر يوما متجهماً…ولا مبتئساً…ولا متذمراً..
وفلسفته عن الدنيا يلخصها في عبارة بسيطة معبرة هي (ما تسوى أبو النوم)..
ولا أدري ما أبو النوم هذا…ولكن المهم أنها لا تسوى ؛ الدنيا..
كان كارهاً بالفطرة للنظم السياسية الظالمة…بما أنه يكره الظلم بأشكاله كافة..
ومن ثم كان يكره نظام (مايو)…وظلمه..
ويكره تشبث قادته بالدنيا التي (لا تسوى أبو النوم)…ويكره هتاف (أبوكم) مين؟..
ثم يكره أكثر – من بعده – نظاماً أشد سوءاً ؛ الإنقاذ..
وعندما نعاه لي الناعي – تالولة – حزنت على شيئين :
أن صلتي به انقطعت منذ زمن…فلم أدر حتى إن كان أضحى (أبو بت) أم لا..
وأنني لم أكن بجانبه لحظة الفراق…لأرى فلسفته على المحك..
فلسفة (ما تسوى أبو النوم)..
قبل أن ينوم موتاً !!.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.