بالمنطق … بقلم: صلاح الدين عووضة .. طالق ..

طالق !!

*الفرزدق كان يصبر على نكد زوجته..
*وهو أحد أشهر ثلاثة شعراء عرب في العهد الذي أعقب عصر المعلقات..
*والاثنان الآخران هما جرير والأخطل..
*ورغم صبره هذا على زوجته – نوار – فقد رمى عليها يمين الطلاق ذات ليلة..
*وكان تحت وقع تأثيرين وقتذاك ؛ بنت الحان…ونخوة الرجولة..
*فلما أصبح عليه الصبح ندم…وأشعر قائلاً :
ندمت ندامة الكسعي لما…غدت مني مطلقةً نوارُ..
*وبعيداً عن تأثير العامل الأول فإن الثاني هذا وحده كان كافياً ليقول : أنت طالق..
*فقد أمسكت بتلابيبه صارخةً : إن أنت رجل فطلقني..
*وإلى يومنا هذا يظل تأثير هذا العامل أحد أسباب الطلاق ؛ في كل أنحاء العالم..
*ولكن الرجل السوداني – بالذات – يتضاعف عنده هذا التأثير..
*وفي الوقت ذاته هو الأسرع – من بين رجال الدنيا – للصفح متى اعتذرت الزوجة..
*فنخوة الرجولة لدى السوداني تبلغ حد استهانته بالموت نفسه..
*وهذا ما يحدث الآن – في الشارع – جراء استفزاز لنخوته هذه من تلقاء البعض..
*ونقول البعض لأن مسؤولين كثراً (يضبطون) ألسنتهم..
*فلم يُعرف عنهم فحشٌ – سياسي – في القول…ولا انتقاص من (رجولة) الأغيار..
*ونذكر منهم بكري…وغندور…وعبد الرحيم..
*وقبل أن يطالب (الوطني) منسوبيه بضبط اللسان سبق أن نبهنا إلى ذلك كثيرا..
*قلنا لهم (بلاش) المن والأذى…وقد نهانا عنهما الله..
*وذلك من قبيل فعلنا لكم…وفعلنا ؛ وعلمناكم…وعلمناكم ؛ وكنتم…وكنتم..
*ثم يشكرون الشعب على صبره ؛ وفي بالهم الجوع..
*في حين أن الصبر على هذا المن – ذي الأذى – هو الذي يستوجب الشكر..
*ولكن ذلكم كله (كوم)…والأذى الذي يمس الرجولة (كوم لوحده)..
*ويمس – كذلك – كرامة المرأة…وجينات (مهيرة) بداخلها..
*فعند انطلاق مظاهرات الجوع كان يُمكن امتصاص غضب الشعب بشيئين..
*الكلمة الطيبة…ثم المعالجات الاقتصادية العاجلة..
*ومن قبل ذلك – وبعده – ممارسة التقشف (الذاتي) الذي تحدثنا عنه مليون مرة..
*قلنا إن الشعب يحس أنه في القاع…وهم في القمة..
*يضحكون…ويمرحون…ويسافرون…(ويتمهرجون) ؛ وهو يتألم..
*ولكن كل ذلك صبر عليه الشعب ؛ وهو ليس سبب (الانفجار)..
*وإنما الذي جعل كثيراً من قطاعاته – سيما الشبابية – تنفجر غضباً التحدي الاستفزازي..
*فهو ذو مفعول لا يقل أثراً عن مفعول (لو راجل طلقني)..
*والفرزدق كان يصبر على سوء معاملة زوجته له…ويعده قدراً (محتملاً)..
*ولكن صبره هذا نفد – فجأة – حين استفزت رجولته..
*فصاح فيها : أنتِ طالق !!.

الانتباهة