آخر الأخبار
The news is by your side.

انتهاك العدالة … بقلم: عماد البليك

انتهاك العدالة … بقلم: عماد البليك

ثمة خلل في هذا العالم بالفعل، شيء ما يستحق التوقف ومراجعة النواميس. وقاعدة الكون أرفع من كل القواعد البشرية، إنه يغسل نفسه بنفسه، حدث ذلك على مر تاريخه الطويل والعظيم، في طوفان نوح رأينا كيف أن القضية برمتها تعني إعادة تشكيل العالم، واستبعاد كل ما هو غير “صالح” كما في صورة الابن “عمل غير صالح”.. “ليس ابنك”.
فالكون لا يسمح ببقاء الفساد والفوضى، يريد لنواميسه أن تمضي وفق النظام والدقة، لكن هذا التشكيل لا تحكمه رؤية العقل الظاهري أو الذهن الاعتيادي حتى لو بدا هذا العقل وقادا ومبدعا، لأن قيمة الذكاء نفسها والموهبة والإبداع هي الأخرى أصبحت محل شك وظن، بحيث تمت صياغتها وفق مناظير الرأسمال وقيمة الأقوى وخدمة الطالح.
بهذه النظرية ربما يبدو الأمر إجحافيا، لكنها قواعد الفكر اللاهوتي التقليدي تقوم على هذه الفلسفة “الاستثناء للطالح وبقاء الصالح”.. “فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ينفع الناس فيمكث في الأرض”، حتى في قانون العالم الآخر “وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا، ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا”.
في مجمل التجربة الإنسانية فإن البشر يبحثون عن السلام والألفة، حتى الذين يكذبون ويغتالون العدالة، يعلنون بصوت لاهج أنهم أصحاب مبادئ وقيم، وأن الخير لابد أن يسود، غير أن ذلك كله ليس مهما أمام قواعد الكون من ناحية ثانية، النواميس الإلهية الأزلية، التي تسير عدالة فوق أي شكل من الأشكال للعدالة التي ينسجها البشر ويتمسكون بها وفق قوانينهم المزعومة، ورغباتهم في تنظيم العالم وفق ما يخدم المصالح في النهاية. فالنظرة الأبعد في تاريخ العدالة عبر التاريخ، تكشف حجم الزيف، كيف أن القانون في حد ذاته يصاغ باسم الفضيلة والنظام والمساواة، في حين مخرجات ذلك هي العكس تماما. حتى فكرة الدولة التي تعتبر أرقى مصاف ممكن لنظام بشري تسوده الألفة هي فكرة مهزوزة وتتعرض للانهزام اليوم ببساطة، في مقابلها تسقط العدالة الشكلية وتتقوى العصبية والعنصرية والكراهية البغيضة، ما يقود إلى دونية الكائن البشري في تغوله على نفسه قبل أن يتغول على الطبيعة والكائنات من حوله فيمارس أشد أنواع الظلم ضدها.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.