آخر الأخبار
The news is by your side.

العيد الثاني للسلام والطريق نحو السودان الجديد

العيد الثاني للسلام والطريق نحو السودان الجديد

(رأي خاص)

بقلم: سعد محمد عبدالله

نستشرف العيد الثانٍ لتوقيع إتفاقية جوبا لسلام السودان بين حركات الكفاح المسلح وحكومة السودان الإنتقالية، ومشاهد يوم التوقيع بساحة الحرية – جوار مرقد القائد جون قرنق دي مبيور مع خليط فرحة السودانيين “شمالاً وجنوباً” في لحظة ميلاد السلام بمدينة جوبا – عاصمة جمهورية جنوب السودان تحمل تلك اللحظات مناظر خالدة في تاريخنا المعاصر وقد لا تتكرر مرةً آخرى في صدر هذا القرن، وبالطبع تلك اللحظات لا تنسى.

وفتح السلام بوابة الخرطوم أمام العائديين من رحلة الكفاح الثوري التحرري، وما زال الطريق مفتوح لتحقيق رؤية السودان الجديد عبر إكمال تنفيذ السلام، وهذه الإتفاقية صالحة لتغيير حال السودان، ونأمل صعود الممانعيين علي مركب السلام فهو الأنفع والأصلح لشعوبنا من الحرب، ونحن أتينا من مواقع مختلفة من أجل مواصلة مشوار الكفاح مع الآخريين لإحداث التغيير والتحرر والإستقرار والإعمار وبناء دولة السلام والديمقراطية والتنمية الشاملة والمواطنة بلا تمييز.

جوبا؛ كانت محطة إلتقاء طيف واسع من السودانيين للحوار بروح وطنية خالصة لوجه السودان الجديد، وفي تلك اللحظة التاريخية عبر الشعبيين “السوداني والجنوب سوداني” بسيول من دموع خالجتها مشاعر المحبة والسلام عن وحدة الضمائر والمصائر والتاريخ المشترك غض النظر عن إنقسام الدولتيين، نأمل مستقبلاً أن نشكل معاً إتحاداً بين الدولتيين المستقلتيين يتوسع ليشمل قارة افريقيا من كيب تاون إلي القاهرة، ومحبة السودانيين لبعضهم وتجاربهم تترجم نظرتهم للسلام بعد أن عاشوا مرارة الحرب والإفقار الممنهج.

وتُعد هذه مسألة مهمة للغاية، والسلام قضية إستراتيجية لا تقبل التحوير والتدوير كما يُشاع عند البعض، ومن الجنوب حملنا رايات السلام وآمال النازحيين واللاجئيين والفقراء الكادحيين، وعبرنا معاً طرقات محفوفة بمخاطر جمة وصولاً إلي الخرطوم، وكان الذاد شحنات من إرادتنا وإيماننا الممتد بلا حدود بأننا سنبلغ السلام الذي نراهُ المدخل الأساسي لوحدة ونهضة ورفاه شعب السودان العظيم.

بعد عامين من السلام؛ والتحولات السياسية والإضطراب في الولايات والأقاليم وإنتشار خطاب العنصرة والكراهية يتوجب علينا التوقف عند عدة نقاط مهمة ترتبط بأسئلة إمكانيات تنفيذ الإتفاقية في شقيها السياسي والعسكري ونشر ثقافة تقبل التنوع والتعدد والرأي الآخر، وتنفيذ ما تم الإتفاق عليه جزء من خطوات إنتقالنا إلي دولة العدالة الإجتماعية والتنمية المستدامة مع إيجاد آلية لمعالجة الأحداث الوطنية الملتهبة في ظِل الصراع الجارٍ بين قوى مختلفة ومتعددة المطالب والروئ، ويجب علينا أن نكف الحديث عن السلام بلسان النظام الإنقاذي البائد.

وأن نقرأ جيداً تأثيرات هذا الأمر علي المشهد العام ومستقبل بلادنا، ومن قراءة مجريات العملية السياسية نستطيع التموضع علي المسرح السياسي المترهل دون إلحاق الضرر بقضايا الجماهير في الريف والمدينة وبناء السلام والعدالة الإجتماعية والإقتصادية وعودة النازحيين واللاجئيين وهيكلة الأجهزة العسكرية والمدنية والقضائية بما يحقق الحماية اللازمة للشعوب والأفراد من تكرار تجارب الإبادات الجماعية وكل أشكال العنف وإنتهاك حقوق الإنسان.

يتوجب علينا جميعاً إجراء مراجعات تاريخية عميقة، وتبني سياسات من شأنها إنهاء الأزمة الوطنية وضمان عدم العودة للحرب، ويتم ذلك عبر فتح حوار إستراتيجي يصب في مسار التحول نحو سودان السلام والحكم المدني الديمقراطي دون إقصاء أو تخوين، وهنالك مبادرات قيمة يجب جمعها في أسرع وأنضج عملية سياسية للنفاذ إلي حل تتوافق عليه كل المكونات الرئيسية المنوط بها إحداث التغيير، والبلاد تمر في تحولها بمنعطف خطير؛ لا شك في أن الجميع يدرك الأمر، ولا يمكن تجاوز هذه المعضلات إلا عن طريق التوافق.

وفي هذه الحالة نحتاج للحوار بين الجميع، وأعتقد أن جميع المبادرات الوطنية صالحة للنقاش وإنتاج الحل للسودان؛ فقط يتوجب توفير الإرادة والثقة بين الأطراف السياسية والمدنية للدخول في عملية حوار مباشر ومثمر يكون بمساندة ومساعدة من الأصدقاء الإقليميين والدوليين، وهذا هو الطريق الأمثل للخروج من هذه الأزمة المستفحلة بغية بناء أعمدة الدولة المستقبلية المنشودة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.