آخر الأخبار
The news is by your side.

السلام سمح … بقلم: أمجد هاشم

السلام سمح… بقلم: أمجد هاشم

دائما ما لفتتني حالة اللامبالاة و عدم التفاعل التي يعيشها السودانيون مع ما يجري خارج نطاق العاصمة المثلثة و هذه الحالة هي واحدة من مظاهر العزلة الوجدانية بين شعوب السودان والتي كنت دائما ما ألحظها عندما أسافر من الفاشر أو نيالا في طريقي إلى الخرطوم أو العكس خصوصا في العشرية الأولى بعد إندلاع الصراع المؤلم في دارفور و الذي كنا شهودا على جميع مراحله بدءا من الخطاب الإستفزازي والتهديدي الذي ألقاه الرئيس المخلوع عمر البشير في مدينة الفاشر و هو الخطاب الذي كان واحدا من الأسباب المباشرة لتفاقم المعارك خارج المدينة و التي تصاعدت لتبلغ أوجها بضربة الفاشر الشهيرة مرورا باستعانة الجيش السوداني بالقبائل العربية و إقحامها في الصراع عبر التسليح و الإسناد الجوي الأمر الذي غير شكل الصراع تماما و تسبب في تدمير النسيج الاجتماعي و التعايش السلمي بين القبائل الدارفورية التي لطالما جمعت بينها روابط قوية و استطاعت لمئات السنين التعايش بسلام فيما بينها.

كانت مؤلمة رؤية مشاهد النزوح الجماعي لملايين الدارفوريين الذين تركوا قراهم و حياتهم و مزارعهم و حواكيرهم إلى المجهول الذي إنتهى بهم في نهاية المطاف إلى التكدس لعشرات السنين في معسكرات النزوح و اللجوء التي لا تتوفر فيها أبسط مقومات الحياة و طوال هذه السنين كنت دائما ما أستغرب عندما أرى متابعة السودانيين اللصيقة للأحداث في فلسطين و تفاعلهم مع ما يجري في ميانمار و غيرها من بقاع الأرض بينما هنالك سودانيين مثلهم لا يبعدون عنهم يعيشون في ظروف أكثر قسوة و ضنكا و يتعرضون يوميا للقصف و التهجير و الإغتصاب و لكن تبدد إستغرابي مؤخرا عندما استمعت إلى وجهة نظر أحد أحزاب المركز اليسارية التي تدعي التقدمية والتي لم ترى في إتفاق جوبا سوى أنه سيفتح الباب للقادمين الجدد الذين سيشاركونها في مقاعد السلطة ويجهضون مخططاتها للهيمنة على الفترة الإنتقالية، حينها تبدد إستغرابي و أدركت أن حالة اللامبالاة والتغييب الذهني التي ظل يعاني منها السودانيون طوال سنوات الحرب هي بفعل فاعل و نتاج طبيعي لأحزاب و منظمات مجتمع مدني مؤدلجة تعتقد أن قضية فلسطين هي قضيتها المركزية و بت متيقنا أكثر مما مضى أن حالة العزلة الوجدانية بين شعوب السودان لن تزول إلا بزوال هذه الأحزاب و إضمحلال تأثيرها و صعود منظمات مجتمع مدني جديدة فالمجتمع هو مرآة لفاعليه.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.