آخر الأخبار
The news is by your side.

الربيع العربي: سيسوء قبل أن يتحسن

الربيع العربي: سيسوء قبل أن يتحسن

بقلم: عبد الله علي إبراهيم

أجبت على صديق باستفاضة عن سؤاله عن هل حقق الربيع العربي أماني الجماهير أم أنها كان نكسة أخرى. ورغبت أن أشرك أصدقائي هنا في هذا الرد:

لا أعرف كيف تواضعنا على أن الثورة حالة تحقق مثلى للأحلام. الثورة تعريفاً هي حالة تنفجر في نقطة تلاق هي: لم يعد النظام القديم قادراً على الحكم لأطول مما حكم ولم تعد معارضته وجماهيرها لتحتمله لأكثر مما احتملت. وهي كالقدر. وتصحيحها عطالة. ومتى أطاحت هذه الجماعة بالنظام القديم نجحت الثورة. نقطة ختام. ثم تصطرع قواها حول هذه الأماني على مشهد من القوى القديمة مما يعرف بالثورة المضادة أو الدولة العميقة. فالثورة الفرنسية خابت أمانيها وعاد الاستبداد البوربوني مراراً للحكم بأشكال مختلفة بما عرف ب”عصر الردة”. وكان نجاحها الجوهر في استخلاصها للجمهورية من براثن الملكيين المستبدين البوربون وغير البوربون كمنجز للثورة.

والربيع العربي ثورتان. تلك التي اجهضت في سوريا واليمن وتلك التي نجحت في تونس ومصر ليبيا. وتحليل تحقيق الأماني منها قد يقتصر على الثورات الأخيرة. وتستحق كل منهما تحقيقا مستقلا لمتاعبهما في إطار عريض لها جميعاً. وأقول المتاعب لا الفشل. فهذه الثورات نجحت في القضاء على النظام القديم الذي لن يعود، إن عاد، إلا شبحا مفضوحا كنظام السيسي قصير العمر إن شاء الله. ففي مصر خانت القوى الحديثة الثورة خيانة انكوت بها كما هو معروف. ولا عزاء. وليبيا انطبق عليها قول قرامشي إن نظامها القديم مات ولم يولد النظام الجديد بعد وما بينهما شقاء كثير. وأراقب ما يجرى في تونس وأراها على محجة الديمقراطية التي هي من الأماني العذاب التي قامت الثورة هناك من أجلها.

ولكن جيل الكتابة والتحليل في العالم العربي لم يتعود على الخلاف الذي هو سنة الديمقراطية. وما وقع خلاف حتى حسبها القاضية وهرول للحكم بفشل الثورة. والأدهى أن نفس القلم لا يحسن تحليل الثورة وديناميكيتها لأنه لا يحسن تحليل الثورة المضادة أو ما عرف بالدولة العميقة. وأرغب أن أرى فينا دراسة أوسع للثورة الفرنسية التي هي عجب عجاب في الصراع والعثرات واقالتها لعثراتها. فهل يخطر لك أنه كان من أماني بعض قواها اصطناع دين وتقويم جديدين. وفعلوا ثم جاءت قوى أخرى ألغتهما. فالباستيل ليس ذي قيمة فيها على اكتسابه الرمزية. فلم يكن بداخله سوى أقل من عشرة مساجين حين جرى تحريره

أسوأ ما في التأمين بفشل الربيع العربي بغير تثبت ما سمعه السودانيون وهم ينهضون بثورتهم في ٢٠١٨. فكان زعم فشل ثورات الربيع العربي فزاعة لإرهاب السودانيين دون اقتلاع النظام القديم. وربما سمع الجزائريون من ذلك شئيا. ولم نستمع للمشفقين الحق والكذبة. وقلعنا النظام القديم ونعيش في البلد المفخخ اللئيم الذي تركه لنا عسراً لا قبله ولا بعده. ولسنا نشعر بالندامة. فلسنا نستحق النظام القديم وسنعرف خلاصنا إلى ما بعده فوق الهول.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.