آخر الأخبار
The news is by your side.

التكلس اليساروي: معاداة الغرب (9) … بقلم: الدكتور: النور حمد

التكلس اليساروي: معاداة الغرب (9) … بقلم: الدكتور: النور حمد

اكتوت كثير من البلدان فيما يسمى العالم النامي بنيران الاستعمار والامبريالية، لكن بعضها لم

يقع فريسةً للدعاية السوفييتية المضللة، فسلمت، عقب استقلالها، من الوقوع في فخ العداء

الحاد للغرب. يلاحظ أن نفس هذه الدول هي التي نجحت في بناء نفسها عقب الاستقلال، ومن

بينها: الهند وماليزيا وإندونيسيا والمغرب وتونس وغانا وكينيا، وغيرها. أما نحن فقد أوقعنا

الخطاب الشيوعي والعروبي في فخ معادة الغرب، خدمةً لأجندة الشيوعية الدولية. وقد كان

انقلاب نميري في 25 مايو الذي دبره الشيوعيون والقوميون العرب هو الذي أخرج سياستنا

الخارجية من الاعتدال النسبي، إلى الراديكالية الصدامية. ولسوء حظنا أن الإسلاميين ساقونا

في هذا الخط إلى نهاياتٍ كارثيةٍ أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن. نحن الآن بحاجة إلى فك براثن

هذين التنظيمين المتطرفين من رقبة السياسة السودانية.

كانت موجة الانجرار وراء المعسكر السوفييتي في ستينات وسبعينات القرن الماضي موجةً

عامة، تمددت بها الشيوعية في اليمن الجنوبي، وإثيوبيا، والصومال، والسودان. بعبارة أخرى،

وقعت منطقة القرن الإفريقي بما فيها البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وخليج عدن في

القبضة غير المباشرة للشيوعية الدولية. وأصبح السودان، بسبب التوجه اليساروي، من الناحية

الجيواستراتيجيًة والجيوسياسية، في سلة الشيوعية الدولية، ومعاداة الغرب. انهارت أنظمة

إثيوبيا واليمن الجنوبي والصومال المناصرة للشيوعية. وفشل انقلاب الشيوعيين بقيادة هاشم

العطا في السودان. ولم ينشغل الاتحاد السوفييتي بإنقاذ أيٍّ من هؤلاء، فقد كان هو نفسه

يعاني سكرات الموت. وانهارت الأنظمة العروبية في كلٍّ من مصر واليمن والعراق وليبيا. أما

سوريا فهي كما نرى الآن مجرد ركام من الدمار.

لا ينبغي أن نظن أن الأحزاب الشيوعية العربية وأحزاب البعث العربية والأحزاب الناصرية أحزبًا

متصالحة مع بعضها وتعمل قي توافق. بل على العكس من ذلك، فإن بينها ما صنع الحداد.

فشيوعيو العراق المناصرين لعبد الكريم قاسم، الذين كان ثلث ضباط القوات الجوية تابعين لهم،

أو من مناصريهم، تعرضوا عقب انقلاب البعث في 8 فبراير 1963، إلى مجازر فظيعة. وبعد أن

تصالحوا مع الرئيس أحمد حسن البكر في عالم 1973 مُشكِّلين معه ما أسموه “الجبهة الوطنية

التقدمية”، انقلب البعث عليهم عقب سيطرة صدام حسين، على السلطة في عام 1979،

وتعرضوا للتصفية الدموية مرة أخرى. أما شيوعيو السودان فقد انقسموا بسبب الموقف من

مايو وبدد شمل ما تبقى منه جعفر نميري عقب محاولتهم الانقلاب عليه في 19 يوليو 1971.

ولقد تآمر العروبيان، معمر القذافي وصدام حسين مع نميري في ضرب انقلاب الشيوعيين.

من سوء حظنا أن الشيوعيين والبعثيين هم من سيطروا على الحاضنة السياسية

للحكومةالانتقالية لثورة ديسمبر، ويمثل هذا خطرًا عظيمًا على مستقبل القطر السوداني

وثورته.والسبب أن هذين الحزبين انبتا تمامًا من جذورهما، وأصبحا معلَّقين في الهواء. فلا البعث

ككيانقومي عابر للأقطار عاد له وجود، ولا الشيوعية الدولية بوصفها منظومة أممية، عادت

هناك.تحوَّلت روسيا إلى أوليغاركية، وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري لأمريكا، وتسير

فيتنام”هوشي مِنَّه” على طريق الصين. فما هو وزن الحزب الشيوعي السوداني يا ترى بإزاء

هؤلاء؟نحن بحاجة إلى توجهٍ جيواستراتيجي وجيوسياسي جديد، ينهي العداء الأخرق للغرب

ويعقلنالعلاقة معه. الشيوعيون والعروبيون لا يختلفون عن جماعة “أمريكا قد دنا عذابها”، وقد آن

الأوانليذهبوا هم أيضًا. فقد أثبتوا أنهم غير قادرين على تغيير جلدهم البالي. (يتواصل)

التيار

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.